«جنيف 2» يسلم مهام التسوية السياسية لـ «جنيف 3»

لاجئون سوريون
لاجئون سوريون

كتب محرر الشؤون العربية:
يبدو أن القضايا السياسية المعلقة، وبينها قضية التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية، مؤجلة حتى انعقاد «جنيف 3»، طالما أن «جنيف 2» لن يكون بإمكانه سوى معالجة بعض القضايا الإنسانية، في وقت يستمر الصراع الدامي على الأرض، بين النظام وبعض المعارضة السياسية، وتلك ذات الطابع الديني، وبين العديد من أجنحة وتيارات القوى الدينية المحسوبة زورا على المعارضة، من أمثال «داعش» وشقيقتها «جبهة النصرة»، ومعهما العديد من فصائل ذات طابع ديني، تعادي النظام والمعارضة السياسية على حد سواء.. كل هذا، في ظل تلاطم العديد من المعارضات المتداخلة والمتشابكة في عدائها للنظام من جهة، وعدائها لأهداف وتطلعات الثورة السورية المعادية للاستبداد بكل طوائفه وفئاته الرسمية والشعبية والأهلية.

لهذا لن يكون بإمكان «جنيف 2» حل كل تلك الإشكالات التي باتت تحيط الأزمة السورية بتداخلاتها وتشابكاتها غير البسيطة، الأمر الذي لن يتيح للمفاوضات والمباحثات الحالية أن تصل إلى خواتيمها المرجوة، عوضا عن عقبات كأداء ما فتئت تظهر هنا وهناك، فالنوايا ليست صافية وواضحة وشفافة بهذا القدر أو ذاك، لدى الأطراف كلها، بحيث يمكن القول بأن «جنيف 2» وعلى خطى الأول، ما زال يراوح عند نقطة اكتشاف كل طرف لنوايا الطرف الآخر.

نصف خطوة

ولأول مرة يتواجه وفدا الحكومة السورية و»الائتلاف الوطني السوري» المعارض في أول مفاوضات مباشرة بينهما يوم السبت الماضي في جنيف، برعاية الوسيط الدولي – العربي الأخضر الإبراهيمي، الذي أعلن أن الطرفين ناقشا أموراً إنسانية، وبالتحديد قضية إيصال المساعدات إلى أحياء حمص المحاصرة، لكن البحث في الأمور السياسية، بما في ذلك تشكيل هيئة الحكم الانتقالية، لم يبدأ بعد.
وفي مؤتمر صحافي عقده الأخضر الإبراهيمي، أقر بأن «الوقت صعب جداً ومعقد جداً. نحن نسير بنصف الخطوة وليس الخطوة (الكاملة)».

ورداً على كلام مسؤولين حكوميين سوريين، أن لهم تحفظات على بيان جنيف الأول، قال الإبراهيمي: «كلامي واضح وصحيح: الطرفان متفقان أننا هنا للحديث عن تنفيذ بيان جنيف 1». وأضاف: «طموحنا، وكما أكد الإخوان اليوم، هو إنهاء الحرب وإعادة السلم والاطمئنان. بدأنا نتحدث عن الأمور الإنسانية أولاً، تمهيداً للمواضيع الأكثر تعقيداً. نأمل أن تكون حمص هي البداية». وقال إنه إذا جاء السلام إلى سوريا، فهذا سيعني «انتهاء الإرهاب أو تقليص حجمه».

هيكلية أمنية

وفي دافوس، أفادت مصادر على صلة بالقنوات الخلفية للمفاوضات حول الأزمة السورية، بأن العمل جار على فكرة بناء هيكلية أمنية تجمع القوات الحكومية و»الجيش الحُر»، كجزء من هيئة «الحكم الانتقالي»، وكجزء من استراتيجية لمواجهة التطرف والإرهاب.

في وقت ذكر فيه أن مكان بشار الأسد في العملية الانتقالية ما زال موضع خلاف بين الدول التي تشارك في البحث عن تسوية سياسية. بينما جرى التأكيد على أن أكثرية المشاركين في الجلستين المغلقتين في دافوس على مستوى الوزراء وصناع القرار، أكدت أهمية الحوار والتفاهم السعودي – الإيراني لحل الأزمة السورية، وأن جميع المشاركين في الجلستين، ما عدا وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، أكد أنه لا مكان للأسد في سوريا المستقبل.

ويتوجه إلى طهران قريباً كوفي عنان، الذي ترأس الجلستين في دافوس، وذلك ضمن وفد مجموعة المسنين التي تضم أيضاً الأخضر الإبراهيمي، الذي يرعى المفاوضات في جنيف بين النظام والمعارضة السورية. في وقت انتقدت مصادر أوروبية أسلوب المسارين المتوازيين لدى الأمم المتحدة، أي العمل على وقف نار محلي لأسباب إنسانية بموازاة مع تشكيل الهيئة الحكومية الانتقالية. وقالت إن النجاح ممكن في أحد المسارين، وليس كليهما معاً.

 في كل الأحوال، يبدو أن الأمور أكثر تعقيدا، فإذا كان بيان «جنيف 1» لم تنفذ كامل بنوده بعد، فالأحرى ببعض بنود «جنيف 2» أن تكون أكثر عرضة لعدم التنفيذ، طالما أن الأمور على الأرض تتجه نحو الحسم العسكري، وليس إلى التسوية السياسية التي لم تتوافر بعد، لا مقوماتها ولا اتجاهاتها لدى كامل أطراف الأزمة، داخليا وخارجيا، عوضا عن النوايا التي تبيت حلولا صراعية عسكرية، لا حلولا سياسية ما زالت طي الغيب في المستقبل.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.