بيروت- هازار يتيم:
لم يكد لبنان يفرح بإمكانية التوصل إلى حكومة جامعة، حتى تبددت فرحته مع التفجير الانتحاري، الذي استهدف هذه المرة منطقة الهرمل، والقصف الصاروخي الذي تعرضت له منطقة عرسال والفاكهة واللبوة ورأسَ بعلبك في البقاع، والذي تبنته الجماعات المسلحة في سوريا.
وإذا كان القاتل واحداً بعد تبني «داعش» للتفجير الانتحاري والقصف، فإن التصريحات التي أطلقت في الأيام الأخيرة مع بدء المحكمة الدولية في لاهاي، لمحت إلى اتهام حزب الله بالوقوف وراء عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حتى من دون اكتمال المحاكمة، وهذا ما سيعكس مزيداً من التوتر على الساحة المحلية اللبنانية.
أولوية مطلقة
وبما أن لبنان اليوم في دائرة التجاذبات الإقليمية، فإن تشكيل حكومة جديدة بات أولوية مطلقة في لبنان، في ظل ما يعيشه من انفلات أمني، وخصوصاً مع التطورات الإقليمية التي أبدت حرصاً على استقرار لبنان وتجنيبه المزيد من الاضطرابات.
وكانت الأيام الماضية شهدت تطوراً في ما يتعلق بالحكومة، حيث تم تحديد الأسماء، وتوزيع الحقائب، وبلورة الخطوط العريضة للبيان الوزاري الذي يسير شؤون الحكومة المرتقبة.
وتضمنت التشكيلات المقترحة توزيع الحصص في الحكومة الجديدة بنسبة 8 وزراء لحزب الله وأمل والتيار الوطني الحر، ونسبة مشابهة لتيار المستقبل وحلفائه من القوات اللبنانية والكتائب، وثالثة مشابهة لكتلة الوسط، التي تضم رئيس الجمهورية والنائب وليد جنبلاط ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
بين التفاؤل والتشاؤم
هذا، وتتأرجح فرص التأليف، صعوداً وهبوطاً، بين التفاؤل والتشاؤم.
وفي هذا السياق، يتساءل المراقبون عما إذا كانت الحكومة العتيدة ستضم ممثلين للأحزاب السياسية الفاعلة على الساحة اللبنانية؟ أم ستكون غير حزبية؟ وهل سيكون هناك ثلث معطل؟ وهل ستسمح الطوائف الكبرى لرئيس الجمهورية بتسمية وزراء وسطيين لا يرتبطون بطوائفهم؟
ويرى المراقبون أن تشكيل الحكومة بمنزلة تحد للكتل السياسية الكبرى، التي ترى أن المرحلة التي يمر بها لبنان دقيقة وخطيرة، وتحتاج إلى حكومة أقطاب، مشيرين إلى أن التردد والحذر سيدا الموقف لدى القوى السياسية المتنازعة التي تنتظر نتائج «جنيف 2» المقرر عقده في 22 الجاري.
وطالبوا أطراف الصراع بالابتعاد عن التشنج السياسي والشحن الطائفي وعدم عزل أي طرف سياسي، مهما كانت الأسباب، لأن في ذلك تهديداً لأمن واستقرار لبنان، مؤكدين حاجة لبنان إلى حكومة شرعية ودستورية ووفاقية وميثاقية جديدة تتولى شؤون اللبنانيين مع مراعاتها توزيع القوى السياسية داخل مجلس النواب الذي يعود له الحق بمنح الحكومة الثقة أو حجبها، في حال لم يقتنع النواب بدستوريتها وبيانها الوزاري أو مخالفتها لميثاق العيش المشترك بين الطوائف الجديدة.
.. وعائق آخر
إلى ذلك، تواجه الحكومة الجديدة في حال تشكيلها عائقاً آخر، هو انتهاء مدتها فور انتخاب رئيس جديد للجمهورية، الذي في حال عدم انتخابه، سيكون هناك فراغ في موقع رئاسة الجمهورية، وتعطيل للمؤسسات الشرعية في لبنان، مع تعرض المؤسسات الأمنية لضغوط داخلية وإقليمية تؤدي إلى تفكيكها، على غرار ما حصل في الحرب الأهلية 1990-1975، إلى جانب تخوف اللبنانيين من عودة حكم الميليشيات وقوى الأمر الواقع.
فهل ستشهد الأيام المقبلة هدوءاً أمنياً وانفراجاً على صعيد الحكومة؟ أم سيشهد لبنان المزيد من التأزم على الوضع الأمني والسياسي وإطلاق الرصاص على الحكومة الجامعة في مهدها؟
وحدها الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.