نائب رئيس نقابة المحامين وسمي الوسمي لـلطليعة : على الحكومة أن تعيد حساباتها لتغيير واقع البلاد

وسمي الوسمي
وسمي الوسمي

حوار آدم عبدالحليم:
أكد نائب رئيس نقابة المحامين، المحامي وسمي الوسمي، أن على السلطة التنفيذية إعادة حساباتها، وأن تقوم بمراجعة حقيقية لتغيير الواقع الذي تمر به البلاد، نحو الأفضل، فليس للحكومة أي حجة في المرحلة القادمة.

وأضاف الوسمي في حوار مع «الطليعة»، أن القضاء كان ولا يزال ملاذنا الذي نلجأ إليه في أحلك الظروف، والذي دائما ما ينصف أصحاب الحقوق، مؤكداً أن قبول الحكم أو رفضه أمر لا يمكن أن نبني عليه أو نصنف الأحكام القضائية بالسياسية.

وتحدَّث الوسمي عن شكل المشهد السياسي، بعد حكم المحكمة الدستورية الذي ترقبه الشارع السياسي، ولاسيما بعد تحصين المجلس والملفات العالقة التي تركها السياسيون متراكمة.
قضايا عديدة تناولها الحوار، وفي ما يلي التفاصيل:

● في البداية، ما تعليقك على حكم المحكمة الدستورية الأخير الذي حصَّن من خلاله المجلس الحالي؟
ـ جاء الحكم متماشيا مع قناعتي القانونية المتوقعة قبل إصداره، والتي كانت تصب في اتجاه تحصين المجلس وعدم إبطاله، وقد أعلنت ذلك في مناسبتين قبيل 23 ديسمبر الماضي.
وقد استند الرأي القانوني لمن توقعوا تحصين المجلس الحالي، وأنا واحد منهم، إلى أمور عدة، أهمها حيثيات الحكم في يونيو 2013 الذي حصن بموجبه مرسوم الضرورة المتعلق بتعديل آلية التصويت (والمعروف بمرسوم الصوت الواحد).. لذا، أؤكد أن اعتقاد البعض بأن مرسوم الضرورة الذي جاء بالمجلس الحالي لم يتم تحصينه في يونيو 2013 مجرد أمور تدخل في نطاق التكهنات البعيدة عن صميم العمل القانوني، بدليل أن الحكم الحالي لم يتطرَّق للطعن، كونه كان واضحا للمختصين.

توافق

● وماذا عن موقفك السياسي تجاه الحكم؟
ـ قناعتي السياسية جاءت متوافقة مع الرؤية القانونية، كون كل المعطيات تشير في ذلك الاتجاه، وأن الأخطاء التي شابت بعض جوانب العملية الانتخابية لا تصل إلى حد إبطال العملية الانتخابية برمتها، وتلك الرؤية جعلتني أدعو إلى عدم تعليق آمال على شيء غير موجود بالأساس.
وللعلم، مقاطعتي للانتخابات قبل الأخيرة بنيت على رأي سياسي، إلى جانب الثقة الكاملة في قضائنا وأحكامه، وقد رسمت حيثيات حكم إبطال المجلس الثاني والمكون من سبع صفحات إطاراً محدداً لمرسوم الضرورة وكيفية استخدامه من قبل السلطة التنفيذية.

● تردد في الفترة الأخيرة مصطلح الأحكام القضائية السياسية، هل هناك أحكام تخضع للمواءمة السياسية؟
ـ نحمد الله أن القضاء كان ولا يزال ملاذنا الذي نلجأ إليه في أحلك الظروف، والذي دائما ما ينصف أصحاب الحقوق، وأؤكد أن قبول الحكم أو رفضه أمر لا يمكن أن نبني عليه أو نصنف الأحكام القضائية بالسياسية، فهل إذا جاء الحكم على عكس ما توقعت أو تمنيت يمكننا وصفه بالسياسي؟

● هل لو كان حكم اقتحام المجلس صدر بالإدانة هل كنا سنسمع تلك الأوصاف؟
ـ أؤكد لك أن الكويت ليست لديها أحكام سياسية، فقضاؤنا بعيد كل البعد عن ذلك تماما.

● كيف تفسّر حالة الاشتباك السياسي القضائي في الشارع الكويتي؟
ـ للأسف، أصبحنا في الفترة الأخيرة ننظر إلى الحكم القضائي بمنظور سياسي، لذلك، يتم تفسيره على هذا الأساس، ولكن في الواقع القاضي لا ينظر إلى الأبعاد السياسية، فهو ينظر إلى الوقائع والمذكرات القانونية ويكيّف تلك الأحداث في حكم قضائي بحيثيات قانونية.

● وماذا عن تمييز قضايا الرأي العام عن غيرها؟
ـ بالفعل، هناك قضايا يتم التسريع فيها على مستوى إجراءات التقاضي، كونها قضايا رأي عام، وهذا الأمر معمول به في بلدان العالم أجمع، على صعيد سرعة البت، ولكن كما قلت لك يظل فحوى الحكم بعيداً عن السياسة.

إعادة حسابات

● ماذا ينقص المشهد السياسي بعد حكم المحكمة؟
ـ أرى أن على السلطة التنفيذية أن تعيد حساباتها، وتقوم بمراجعة حقيقية لتغيير الواقع الذي تمر به البلاد، ولابد أن يكون أداؤها نحو الأفضل، وعليها أن تضع أشخاصاً قادرين على التعامل مع المجلس، ومن قبله المواطن، وليس للحكومة حجة في ألا تضع تشكيلة حكومية بالمواصفات التي تتطلبها المرحلة.

● لماذا ترى أن الحكومة ليس لديها حجة في ذلك؟
ـ الحكومة تعرف جيدا ماذا يريد رجل الشارع العادي، وماذا يريد أيضاً عضو مجلس الأمة، سواء على مستوى الأفراد أو الأطراف النيابية، فالحكومة تعرفت على تركيبة المجلس، وما يسعى إليه كل فصيل، وعليها أن تراعي ذلك الجانب، مع الوضع في الاعتبار ملاحظات النواب وأنشطتهم التي تصدَّرت المشهد السياسي في الفترة الماضي، وخاصة على صعيد الاستجوابات والاقتراحات المقدمة، وأكرر أنه لا يوجد مبرر أمام الحكومة.

● هل تعتقد بأن المجلس الحالي قد يأتي بقانون آخر للدوائر الانتخابية؟
ـ كنت قد أعلنت خلال حملتي الانتخابية الأخيرة أنني سأتبنى قانوناً آخر لتحديد الدوائر الانتخابية، بخلاف النظام الانتخابي الحالي، المتمثل في خمس دوائر بصوت واحد، وباعتقادي ان قانون الانتخاب وتحديد الدوائر هو حق أصيل للسلطة التشريعية، وخاصة أنه اذا خرجت القوانين من المجلس، فهي تخرج أيضاً بمشاركة الحكومة التي تصوت مع أعضاء السلطة التشريعية، لكن عندما تخرج مثل تلك القوانين المهمة من جهة واحدة، فهذا يعني أنها خرجت من السلطة التنفيذية، لتفرض على المجلس والشارع الكويتي.

وبالعودة إلى سؤالك، أؤكد لك أن هناك أقاويل تشير إلى أن النواب الذين أتوا بنظام انتخابي معيَّن لن يسعوا إلى تغييره، ولكن على الرغم من ذلك أقول إن لدي ثقة في أعضاء المجلس الحالي، وهناك أعضاء على قدر المسؤولية، وأتمنى أن يدفع هؤلاء إلى تغيير النظام الانتخابي الحالي الذي أفرز الكثير من المشاكل، والوصول إلى صيغة توافقية بنظام انتخابي عادل يعبّر عن الشارع الكويتي.
● أي النظم الانتخابية التي تراها مناسبة للشارع الكويتي؟
ـ أرى أن النظام الأنسب يتمثل في عشر دوائر بخمسة أشخاص، لكي يختار الناخب من يمثله في الدائرة بشكل كامل، مع إعطائه الحق في التصويت بأقل من ذلك العدد، من دون إبطال صوته.

المشروع السياسي المنتظر
● كثر الحديث عن المشروع السياسي المنتظر، ما تعليقك عليه؟
ـ تعلمت منذ الصغر، وخاصة على يد والدي، خلال فترات حل مجلس الأمة وتعليق الدستور، أن الكويت في مثل تلك المواقف بحاجة إلى جلسة تعقبها جلسات أخرى، كي تتشاور القوى السياسية وتصل إلى مشروع منظم يكون نواة للعودة من جديد، لكي يشارك الجميع في صناعة القرار، وأعتقد بأن الوقت الحالي هو الأنسب لصياغة ذلك المشروع، ولاسيما بعد الانتهاء من هاجس إبطال المجلس وإشكالية مدى استمراره، فضلا عن أن المجلس والحكومة على دراية كاملة بما آلت إليه الأحوال من قضايا وهموم ومشاكل.

● ما أهم ما يجب أن يراعى في ذلك المشروع المنتظر؟
ـ ضرورة أن يشارك الجميع فيه، ويبتعد عن مبدأ الإقصاء، وألا يكون معيار المشاركين مقتصراً على السياسيين أو من دخل الانتخابات ونجح فقط، فقد يكون هناك أشخاص بعيدون عن العملية السياسية أو الانتخابات ولديهم دراية كاملة بحلول منطقية.
وعلينا ألا نكرر الأخطاء السابقة التي دائما ما تكون حاضرة في تلك التجمعات، فلابد أن نبتعد عن تفسير النوايا وتصنيف الأشخاص لحساب أطراف أو شخصيات، وعلينا أن نفتح كافة الابواب للمشاركين على مصاريعها، ليشاركوا في مشروع وطني تحتاجه البلاد، على أن يتصدر الشباب بأفكارهم وحماسهم ذلك المشروع المنتظر.

● على ذكر الشباب، ما تقييمك للتعامل الحكومي معهم؟
ـ لم يكن التعامل الحكومي مع الشباب في الفترة الماضية وإشراكهم في صناعة القرار على المستوى المطلوب الذي كنا نأمله، وما زاد الأمر سوءاً إقصاء من شارك من الشباب في الحراك الشبابي، وعلى الحكومة أن تستمع للجميع.

● من المنوط بصياغة ذلك المشروع؟
ـ على المجلس الحالي، سواء على مستوى الرئيس أو الأعضاء، أن يتبنوا ذلك الأمر، ويعملوا على توجيه الدعوات إلى الجميع، مع تهيئة الظروف المناسبة لإنجاح تلك التجربة، من خلال توفير الوقت المناسب للتحضير وتجهيز ورش العمل وتقديم الأوراق وأمانة للمؤتمر تساعد الحضور في بلورة أفكارهم وتخرج بتوصيات جيدة.
وأرى أنه ليس هناك أي داع ليقتصر الامر على يوم او يومين، فقد حضرت مؤتمراً لمناقشة قضية استمر لمدة شهر كامل، وكان الحضور في ورش العمل يقارب من 500 شخصية، وكان هناك مجال رائع لإعطاء الكلام للمتحدثين.

رسالة واضحة

● هناك من يرى أن ذلك المشروع قد يتطلب تعديلات دستورية، لذلك يعتقد البعض بأنكم ترفعون شعار «لا للمساس بالدستور» وتتغاضون عنه عندما ينخفض ثقلكم السياسي في الشارع؟
ـ ليس صحيحاً، أجدادنا وآباؤنا في التيار الوطني كانت رسالتهم واضحة في ذلك الأمر، قبلنا بهذا الدستور كونه المتوافر لدينا، وعلينا أن نحافظ عليه وعلى مكتسباته وعدم المساس به، ولن نوافق على تعديله إلا اذا كان لمزيد من الحريات، وعلى الجميع أن يتساءل مَن الذي طرح أموراً عدة منها حقوق المرأة السياسية وفصل ولاية العهد عن مجلس الوزراء الذي كان أمرا يخشى منه الناس وقت مطالبة التيار الوطني به.

● ما متطلبات التعديل الدستوري؟
ـ التعديل في الدستور يحتاج إلى توافق كامل بين الحاكم والمحكوم وإلى استقرار وجو سياسي هادئ، وقد يكون الحكم الأخير للمحكمة الدستورية المدخل إلى الاستقرار السياسي الذي نفتقده، والتعديل بعد أن تقتنع السلطة التنفيذية أن الوضع الحالي في حاجة إلى مزيد من الحريات والأفضل للمواطن.

● كيف تفسّر حالة الاستجوابات واستهداف الوزراء في الفترة الأخيرة؟
ـ أعتقد بأن كثيراً من الأمور التي شهدتها الفترة السابقة، ولاسيما على صعيد استهداف بعض الوزراء وتقديم الاستجوابات، سببه الرئيس هاجس إمكانية إبطال المجلس، فالبعض كان يحاول صناعة سيرة ذاتية جديدة أو إضافة المزيد إلى رصيده قبيل إجراء الانتخابات في ما لو أبطل المجلس من قِبل المحكمة الدستورية.

● وماذا بعد تحصين المجلس؟
ـ بعد حكم المحكمة، لم يعد هؤلاء في حاجة إلى ذلك، لأنه وفقا للمؤشرات، فموعدنا بعد أقل من أربع سنوات في الانتخابات القادمة، وعلى الجميع أن يتحلى بالهدوء والنظر إلى ما يطلبه الشارع الكويتي.

● كنت أحد المشاركين في المؤتمر الثلاثين لاتحاد الطلبة المقام في أميركا، هل من الممكن أن تقيم تلك المشاركة؟
ـ لقد كان المؤتمر السنوي لهذ العام رائعا، سواء على مستوى الحضور، والذي قالت عنه اللجنة المنظمة إنه أكبر تجمع طلابي خارج الكويت بحوالي 3500 طالب، أو على مستوى الفعاليات والندوات ومدى تجاوب الطلاب والمنظمين مع المحاضرين والزوار، فقد تجمَّع هذا العدد في مكان واحد بأميركا، خوفا على البلد، فقد شعرت بوجود إحباط لدى أغلبهم، نابع من خوفهم على البلاد، بسبب ما آلت اليه الاوضاع في بعض الاماكن، وخاصة على صعيد الحل والإبطال المتكرر لمجلس الامة، وقد نجح اتحاد الطلبة في أميركا بدعوة نماذج ناجحة على مستوى السياسة والحياة العملية، لمحاولة رفع حالات الاحباط التي تسيطر على بعض هؤلاء الشباب الذين يتميزون بحماستهم غير الطبيعية، وقد انتهز المشاركون الفرصة، واستمعوا جيدا لهؤلاء ومشاكلهم وهواجسهم تجاه مستقبل البلاد.

نحن بحاجة لمؤتمر مصالحة والانتهاء من القضايا العالقة

● على الرغم من أن كلمة المصالحة تكررت أخيرا في أدبيات عدد من السياسيين، فإن هناك من رفضها، ما تعليقك؟
ـ المصالحة ليست كلمات، أنا أتحدث عن نهج جديد وسياسة جديدة من قِبل الحكومة تقدمها ومن ثم يقبلها الأفراد ونبدأ العمل من خلالها، وهذا لا يعني أن من تسبب في خسارة الدولة أو تجاوز على المال العام ان يكون جزءاً من المصالحة، لذلك أكرر: نحن في حاجة إلى الدعوة إلى مؤتمر لوضع النقاط على الحروف والانتهاء من القضايا العالقة، على أن يكون التصالح سمة الجميع، من أجل الاصلاح وتقديم شيء للكويت، ولكن اذا جئنا بنفس الطريقة القديمة، وهي التمسك بالرأي، والاعتقاد بأن رؤيتي هي الوحيدة التي على حق، فلن نستفيد شيئاً، وسنهدر مزيداً من الفرص والوقت.

● يقول البعض إن الطرح الوطني سلعة غير رائجة في الدائرة الأولى؟
ـ لم أسوق لسلعة في حملاتي الانتخابية أو في مواقفي أو ندواتي، ما طرحته هو ما كنت ومازلت أؤمن به، أنه هو السبيل الامثل للاصلاح، سواء في الدائرة الاولى، أو في الكويت بشكل عام.. وللعلم، كان بإمكاني خوض الانتخابات الفرعية والوصول إلى المجلس أو اللعب على وتر الطائفية وخرق القانون، ولكني التزمت بنهجي وحفاظي على وحدتنا الوطنية وحرصي على القانون وقسمي كمحام بعدم مخالفته.

ما أطرحه هو ما أؤمن به، وما أحمله من إرث وفقا لخطي السياسي الوطني، وأعتقد بأنني نجحت في إيصال الرسالة، بصرف النظر عن نجاحي من عدمه للوصول للكرسي الأخضر.. وللعلم، هذه الرسالة لن تقف، ولن تكون محصورة بي أو بعدد من الاشخاص، بل سيأتي من يستكمل هذه الرسالة.
● هل ترى أن هناك خللاً في التنظيمات السياسية؟
ـ هناك خلل واضح، والتجمعات السياسية في الكويت هي تلك التي «تشتغل انتخابات فقط» وتعود مرة أخرى في الانتخابات الاخرى.
الخلل يعود إلى أننا لدينا ديمقراطية من نوع خاص، والتنظيمات السياسية لن تنجح إلا اذا أعدنا ترتيب المسار السياسي، وعلينا في الوقت الحالي أن نتعامل مع واقعنا.

● وما الذي تحتاجه الكويت في ذلك الشأن؟
ـ نحن في حاجة إلى مجموعة تطرح مشاريع سياسية ذات إصلاح سياسي بتشريعات جديدة تكون قادرة على معالجة المشاكل، ونحتاج إلى فكر واقتناع المواطنين.. وللعلم، فإن المرشحين والاعضاء أيضاً لا ينشطون إلا في أوقات الانتخابات فقط.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.