المحامي فهد الرشيد لـ”الطليعة”: الطلاق عندنا ليس ظاهرة.. بل مشكلة كبيرة تداعياتها خطيرة

المحامي فهد الرشيد
المحامي فهد الرشيد

حوار عزة عثمان:
عبَّر المحامي فهد الرشيد عن حزنه الشديد للإحصائيات حول حالات الطلاق في الكويت، والتي وصلت لـ 18 حالة يوميا، وفق الدراسات الأخيرة.

وأكد الرشيد في لقاء مع «الطليعة»، أن معظم حالات الطلاق في الكويت، والتي وصلت إلى 14 ألف حالة طلاق في العام 2012، وفق إحصائية وزارة العدل، لأزواج تحت سن الخمس وعشرين عاما، معتبرا إياها مشكلة كبيرة جدا تحتاج للتدخل الفوري والعلاج الصحيح، رافضا إطلاق مسمى ظاهرة على هذا العدد الكبير، لأن الظاهرة برأيه تتكرر مرة أو مرتين فقط، ورأى أن تبادل الأدوار بين الزوجين، وإلقاء الرجل كافة الأعباء على الزوجة وتخليه عن مسؤولياته المفروضة عليه السبب الأكبر في تزايد حالات الطلاق، بسبب وصول الزوجة لمرحلة من عدم التحمل، لافتا إلى ضرورة وقف الزواج المبكر، وأنه يجب على الأسرة تعليم أبنائها وبناتها معنى الحياة الزوجية قبل زواجهما، وألا يتم الزواج لمجرد الفرحة من دون التأكد من قدرة الشاب أو الفتاة على استيعاب طبيعة الحياة الزوجية والقدرة على تكملة المشوار، وأكد أن مشاكل الطلاق التي تصل للمحاكم تكون منتهية ولا رجعة فيها، لذا فهو يفضل أن يكون التدخل في البداية من أسرة الزوجين، متى ما أمكن لإنهاء الخلاف.

وأشار الرشيد في حواره إلى بعض الحلول المقترحة للقضاء على مشكلة الطلاق، منها تدريس الحياة الزوجية، كمادة دراسية ضمن مناهج وزارة التربية في المدارس والجامعات، وإيجاد حلول نظرية مبنية على أسس علمية قابلة للتطبيق، للقضاء على تلك المشكلة.

حول ما سبق دار الحوار التالي:

● ما آخر إحصائية لحالات الطلاق في الكويت؟
آخر إحصائية صدرت في عام 2012، وأشارت إلى أن هناك 14 ألف مطلقة في الكويت تحت سن الـ 25 عاما، وهذه الإحصائية صدرت عن وزارة العدل، وهناك إحصائية أخرى أشارت لها المحامية حوراء الحبيب، من خلال دراسة أعدَّتها، تقول إن هناك 18 حالة طلاق في اليوم، وعلى مستوى الدول العربية الكويت من أعلى الدول، حيث تحتل المركز الأول بنسبة 42 في المائة، وهذا يجعل من الطلاق عندنا ليس ظاهرة، ولكنه مشكلة، لأن الظاهرة تحدث مرة أو مرتين.. أما المشكلة، فتحتاج لحلول، لأنها على المدى القريب، وليس البعيد، ستدخل في مشاكل أكبر، حيث يزيد معدل الجريمة تباعا لها، كما يزيد التفكك الأسري الأعباء المادية والاقتصادية، لأن الدولة تساهم في توفير الكثير من الاحتياجات، وكل ذلك في النهاية سيؤدي لأزمة اقتصادية.

● ماذا تعني تلك الإحصائية بالنسبة لك كمحام؟
– بصراحة، شعرت بالحزن من وجود 18 حالة طلاق كل يوم في الكويت، ووجود هذا العدد من المطلقات تحت سن الـ25 عاما، هو فعلا ظاهرة تستحق مجهودا كبيرا جدا من جهات كثيرة لمعالجتها.

أبرز الأسباب

● من خلال عملك كمحام متميز في قضايا الأحوال الشخصية، لماذا ارتفعت نسبة الطلاق بشكل مخيف في الآونة الأخيرة، وفق ما ورد إليك من قضايا طلاق؟ وما الأسباب وراء ذلك؟
– من وجهة نظري، إن من أبرز الأسباب هي الأسباب الاقتصادية، فالمرأة الكويتية اليوم أو أي فتاة موظفة وتتقاضى راتبا جيدا عندما تختلف مع زوجها، أول ما تفكر فيه هو الطلاق، لأنها لا تحمل هموم أي أعباء مادية تواجهها، حيث توفر لها الدولة مسكنا على حساب الزوج وسائقا وخادمة ومصروفا شهريا، وحقوقها كاملة ومحفوظة لها بكل سهولة، إلى جانب راتبها، لذلك لا تجد أي سبب يجعلها تتحمل أي مشاكل أو مضايقات ممكن أن تتعرَّض لها في حياتها الزوجية، حتى لو كانت تلك المضايقات عادية، أو مطالب شرعية وعادية في حياة أي زوج وزوجة ومع كافة الحقوق المادية والميزات، ما جعل الرجل ليس له أي لزوم في حياتها، حيث حققت الاكتفاء الذاتي، وأصبحت أيضا في منصب أعلى من الرجل في كثير من الأحيان، وتجد في وجوده عرقلة لحياتها، فتفضل الطلاق.

بالإضافة لما سبق، فالقانون الكويتي سهَّل إجراءات الطلاق، ولم يعتمد على مذهب الإمام مالك، فالرجل لو أدار وجهه لزوجته وسبب لها أي أذى نفسي، حتى لو كان بسيطا، تطلب الطلاق، بالإضافة إلى الخيانات الزوجية من الطرفين، وساهم في تلك الخيانات بشكل كبير مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك» و»تويتر»، حيث ساعدت تلك الوسائل على تدمير أسر، وساعدت على الخيانات الزوجية، لأن الخيانة ليست بالضرورة أن تكون على الفراش، فحتى الرسالة الخارجة عن نطاق العمل تعد خيانة. وهناك سبب مهما لعب دورا كبيرا في تزايد نسبة الطلاق، ولا يمكن لأحد أن يقلل من دفعه بقوة نحو زيادة عدد الحالات، وهو تبادل الأدوار وتضاربها بين الأزواج في إيقاع الحياة اليومي، حيث أصبحت المرأة تقوم بالدور الذي يجب على الرجل القيام به، فهي تربي الأولاد وتوصلهم للمدرسة، ذهابا وإيابا، وتتابع دراستهم، وتذهب بهم للطبيب إذا مرضوا، حتى لو كان توقيت مرض الابن في منتصف الليل، تذهب المرأة بمفردها بولدها للطبيب، وفي الوقت نفسه هي موظفة والرجل غائب تماما عن الدور الذي يجب أن يقوم به، فمن الطبيعي في ظل هذا التبادل في الأدوار أن تصل المرأة لمرحلة تقول فيها «تعبت وما أقدر أكمل المشوار».. لذا، نرى حالات طلاق كثيرة تتم بعد مرور خمس عشرة سنة على الزواج، لأن المرأة كلما زاد الحمل عليها وتقوم بدورها ودور زوجها تصل فعلا لمرحلة عدم القدرة على التحمل، أو كما يقول البعض مرحلة الانفجار من حمل الأعباء، وحتميا يحدث الطلاق، في ظل هذا الظرف أيضا.

دور الخدم

● هناك اتهامات كثيرة توجه للخدم أيضا على أن لهم دورا أيضا في زيادة حالات الطلاق، هل هذا صحيح؟
– نعم.. صحيح، فالخدم أيضا لهم دور كبير في الطلاق، وكثيرا ما خربوا بيوتا عامرة، وعندي قضايا طلاق كثيرة سببها الخادمة أو السائق، وذلك بسبب نقلهم لمعلومات من الزوج للزوجة والعكس، وفي أحيانا تكون معلوماتهم مغلوطة، لأنهم لا يفهمون الموقف، بل ينقلون كلاما، ويزيدون عليه.

الزواج من أجنبية

● لماذا كثرت حالات زواج الكويتي من أجنبية والكويتية من أجنبي في السنوات الأخيرة؟
– لأن الزوجة الأجنبية عندها قدرة أكثر على تحمُّل أعباء الحياة الزوجية عن الكويتية، وقدرتها المادية أقل، لذلك تعيش وليس لها نفس الحقوق المادية التي للزوجة الكويتية.

تبادل الأدوار

● هل تُعد أن تبادل الأدوار بين المرأة والرجل في الحياة الزوجية وتخلي الرجل عن كافة التزاماته المفروضة، ما أدى لتزايد حالات الطلاق ظاهرة خطيرة؟
– نعم، تبادل الأدوار بين الزوجين ظاهرة خطيرة جدا، وتحتاج لدراسة الأسباب التي أدَّت لذلك وكيفية القضاء عليها.

● هل ترى أن هناك سببا لتبادل تلك الأدوار؟
– نعم، هناك أسباب، منها: الزواج المبكر وعدم الوعي من قِبل الأهل بأن الزواج مسؤولية كبيرة على الرجل والفتاة، وليست فرحة الأهل بولدهم أو بنتهم كدافع للزواج، أرى أنه يجب ألا يتم الزواج، إلا بعد تأكد الأسر من أن أبناءهم وبناتهم لديهم القدرة الكافية على فهم ماهية الحياة الزوجية، ومعنى تلك الحياة وضرورة استمرارها وتجاوز العقبات التي يتعرض لها أي زوجين في بداية حياتهما، فالفرحة بزواج الأولاد ليس سببا كاف لإتمامه.

إصلاح ذات البين

● تكلمت عن إحصائيات مخيفة جدا، فماذا عن لجنة إصلاح ذات البين في تقليل تلك الإحصائية؟
– لجنة إصلاح ذات البين مختلفة من شخص لآخر، فمنهم من يعمل بشكل صحيح، ومنهم مقصّر، ولكن هناك نقطة مهمة في موضوع إصلاح ذات البين، وهو أنه في الأغلب عندما يصل أمر الزوجين للمحكمة تكون الطرق انقطعت بينهما، وعلى الأغلب لا تكون هناك ردة، ويكون الزوجان اتخذا قرار الإنفصال وفي النهاية القاضي هو من يفصل والحالات التي تصل إليه تكون حالات منتهية.

دور المحامي

● هل يمكن أن يكون للمحامي دور في وقف فكرة الطلاق بين الزوجين، أم أن ذلك لا تعده من شأنك كمحام؟
– بالعكس، نحن نتدخل في البداية، ونحاول في بعض الأحيان، وقد ننجح في الإصلاح في بعض الحالات، والمحامي ممكن أن ينجح أكثر من ذات البين، لأن الزوجين عندما يذهبان إليه يكون الخلاف في البداية، ولم يصل للمحكمة، وهنا يمكن التدخل وإنهاء الخلاف، متى ما كان ذلك ممكنا.. أما لجنة ذات البين، فهي تتدخل بعد وصول الزوجين للمحكمة، وهنا يكون لا رجعة بالنسبة للمرأة والرجل عن الطلاق، وأحيانا يسمع المحامي من الطرفين، وممكن أن يتم الطلاق من دون الوصول للمحكمة، وكثيرا ما أجرينا عقود صلح بين الطرفين صحيحة من الناحية القانونية، وكل واحد يأخذ حقه من دون اللجوء للمحكمة، وفي بعض الأحيان يعودام مرة أخرى للمحكمة، بسبب زيادة متطلبات الزوجة غير المعقولة، وفي هذه الحالات نقول اذهبا للمحكمة.

عزوف عن الزواج

● في الوقت الذي تزايدت فيه حالات الطلاق زادت حالات العنوسة بين الفتيات والعزوف عن الزواج من الشباب، هل هناك ارتباط بين العنوسة والطلاق والعزوف عن الزواج؟
– من المؤكد أن هناك ارتباطا، فأي شاب يرى أخاه أو صديقه مر بتجربة زواج فاشلة انتهت بالطلاق وترتبت عليه التزامات مالية كثيرة من إيجار بيت لراتب خادمة لنفقة وغيرها من الالتزامات والأعباء التي تعد كثيرة جدا على الشاب المبتدئ، فمن البديهي أن يفضل العزوف عن الزواج.. أما الفتاة اليوم، فتجد نفسها موظفة تتقاضى معاشا محترما، وكل متطلباتها موجودة، فلا تفضل الزواج والالتزامات الزوجية.

حلول نظرية

● ما الحلول التي تجدها مناسبة للحد من ظاهرة تفشي الطلاق في المجتمع؟
– الحل الأول يبدأ في التربية والأسرة التي يخرج منها الزوجان، فيجب على كل أسرة أن تربي أولادها على أن الزواج ليس علاقة مؤقتة، بل علاقة عمر وعليهم التحمل في الحلوة والمرة، والحل الثاني التوقف عن الزواج المبكر الذي لعب دورا كبيرا في تزايد حالات الطلاق، فالسن المثالي للزواج بالنسبة للرجل 27 عاما، والفتاة 25، لأن تحت الـ27 للرجل فيه مشكلة، لأنه لا يوجد عنده استقرار وظيفي ولا تجربة في الحياة، ومتطلبات الحياة تكون فوق قدرته في تلك المرحلة، حتى الفتاة تحت سن الـ25 لا تكون بالوعي الكامل بكيفية التعامل مع الرجل وإقامة حياة زوجية صحيحة، كما أننا نحتاج لتفعيل أكثر لذات البين، ونرى أنه يجب حل مشكلة الطلاق في الأسرة نفسها، سواء أسرة الزوج أو أسرة الزوجة، لأنه متى ما خرجت المشكلة من نطاق الأسرتين، صعب حلها.. وبالنسبة للوسيط بين الزوجين، فعليه أن يستوعب المشكلة جيدا وابعادها، وما طبيعة الخلاف، وعليه أن يكون حياديا، ويعمل للحل في نقطة وسط، حتى المناهج التعليمية ضعيفة في التوعية والتركيز على الأدوار الزوجية والحياة الأسرية بشكل عام، نتمنى أن تكون هناك مادة ضمن مناهجنا عن الحياة الزوجية تدرس في المدارس والجامعات، كما أننا نحتاج لتدخل تشريعي سريع، وتوعية من جوانب متعددة، ونحتاج لخطة علاجية قريبة المدى وبعيدة في الوقت نفسه، ونحتاج لدراسات جادة تضع نظريات علمية لحلول تكون قابلة للتطبيق على أرض الواقع.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.