
كتب محرر الشؤون المحلية:
في العام الماضي وضعت فرنسا في طرقاتها كاميرات متطورة، لتصوير لمخالفي السرعة، فهي تصور من دون ظهور الفلاش الضوئي، كما أنها تستطيع تصوير الشاحنات التي تتعدى السرعة المقررة عن المركبات الصغيرة ذات السرعة الأعلى.
وقبل استخدام تلك الأجهزة كانت هناك حملة إعلامية لتنبيه مستخدمي الطرقات عن تلك الكاميرات المرورية.. فالهدف عندهم ليس جمع الأموال من أصحاب السيارات المخالفة، بل تحديد السرعة، لتجنب حوادث السير.
قرار مفاجئ
في الكويت، ومع نهاية العام الماضي، أصدر الوكيل المساعد لإدارة المرور عبدالفتاح العلي قراراً فجائياً، بخفض السرعة في الطرقات ذات الاستخدام اليومي المكثف ما بين الحد الأعلى للسرعة والحد الأدنى لها، ووصلت حدود السرعة القصوى في بعض الطرقات إلى ما لا يتجاوز 60 كلم، وهذا يعني أنه تم تغيير ضبط الكاميرات المرورية المعمول بها ضمن حدود قرار الوكيل لتصوير المخالفين وفق السرعات الجديدة، ويعني أيضا طلب لوحات مرورية جديدة لاستبدالها باللوحات القديمة التي تحدد السرعة، وهو ما يستلزم تكلفة مالية وعدداً من العمال الذين سيتولون مهمة تغيير هذه اللوحات، على أن يعمل بهذا القرار من مطلع هذا العام.
لم تمر بضعة أيام، حتى صدر قرار وزاري يلغي هذا القرار المفاجئ لوكيل الوزارة، واعتباره كأن أمراً لم يكن.
عينة واضحة تبيّن كيفية اتخاذ القرارات لدينا.. وكيل يتبع وزيرا يتخذ قراراً ويأتي الوزير ليلغيه.. قرار ليس متعلقا بأحوال وزارة الداخلية وبشؤونها الخاصة، بل قرار أقرب إلى القانون، لأنه سيطبق على جميع البشر ممن يقودون سياراتهم في الطرقات.
وصف معروف
أما الجانب الإعلامي في الموضوع، فقد تم الاتصال بوكيل المرور من التلفزيون الخاص بمحطة الكويت، وأوضح في مداخلته الهاتفية قبل إلغاء القرار أن هذا القرار يأتي بعد دراسة تدفق السيارات في الطرقات ما دون الدائري السادس حتى شارع الخليج، وأعدادها اليومية، ومنها تم اتخاذ هذا القرار.
الوكيل أعطى وصفا للحالة اليومية، التي تشكو من الازدحام اليومي، وهذا الوصف معروف ومحل ملاقاة يومية، فأغلب مؤسسات الدولة والشركات تنحصر بنسبة كبيرة في مدينة الكويت، وهذا أمر اعتيادي أن تكون الطرقات المؤدية إليها مزدحمة، ولا جديد في ذلك، وهذ الوصف لا يعطي التبرير لتقليل السرعة، وكنا نطمح إلى أن نسمع مبررات وأسساً واضحة من وكيل المرور، لا وصفاً محل النظر اليومي للمواطنين، إلا أنه في مداخلته الهاتفية تلك لم يبين أسس ومرتكزات هذا التغيير، مجرد كلام عام عن المرور لا غير.
وكيل المرور، اللواء عبدالفتاح العلي، يحاول أن يعمل شيئاً بعد التركة الثقيلة التي يرزح تحتها جراء رخص البناء غير المدروسة في حولي أو المناطق الأخرى، وفي مدينة الكويت، بعد بناء الأبراج العالية مع شوارع مكتظة في قدرتها الاستيعابية.
ففي حولي، مثلاً، تحوَّلت بيوت ذوي الدخل المحدود إلى عمارات استثمارية عالية، وعمارات أخرى في شارع تونس تحوَّلت إلى أبراج، وشارع تونس على اتساعه كما كان منذ عشرات السنين.
تبعات تراخيص البناء الاعتباطية تتحمَّلها في الحقيقة إدارة المرور، ولكن عليها في الوقت ذاته ألا تجرب حلولاً وتصدر قرارات، كالقرار الذي صدر وألغي بعد أيام.
حالة مشابهة
وجميعنا يتذكر الازدحام الذي نتج من جراء إغلاق طريق الغزالي باتجاه ميناء الشويخ والازدحام الهائل الذي نتج عنه.. إغلاق قامت به وزارة الأشغال لمشروع شارع الجهراء العتيد، وبعدها بأشهر أزيل الإغلاق ولايزال الشارع مفتوحاً حتى يومنا هذا.. إذن، لماذا قامت وزارة الأشغال بإغلاقه لمدة تقارب أربعة أشهر؟!
كل وزارة في الكويت تعمل بشكل منفرد، وتقرر ما تشاء على حساب وزارة أخرى، وبموجب قرار وكيل المرور، فإن هذا الأداء الفردي وصل إلى الوزارة نفسها، لنجد أن إحدى إداراتها تتخذ قراراً ما، ليأتي الوزير ويلغيه في ما بعد.
ونخشى أن تستمر هذه الأمور، بحيث نصل إلى قيام أقسام الوزارة، وليس الإدارات وحدها، باتخاذ قرارات بصورة انفرادية بعيداً عن الوزارة ككيان واحد.
ويبقى سؤال نود معرفة إجابته: كم كلف هذا القرار من أموال؟