
دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عشائر وسكان الفلوجة التي خرجت عن سلطة الحكومة الى طرد “الارهابيين” لتجنيب المدينة عملية عسكرية مرتقبة، في وقت يسيطر هدوء حذر على الفلوجة التي شهد محيطها اشتباكات جديدة.، في وقت صرح فيه مسؤول حكومي عراقي ابلغ ان “القوات العراقية تتهيأ لهجوم كبير في الفلوجة وهي حتى الان لم تنفذ سوى عمليات نوعية بواسطة القوات الخاصة ضد مواقع محددة”.
وأضاف “الجيش حاليا ينتشر في مواقع خارج المدينة ليسمح للسكان بالنزوح الى اماكن اخرى قبل شن الهجوم لسحق الارهابيين”، رافضا تحديد موعد بدء الهجوم.
وخسرت القوات الامنية العراقية يوم السبت الماضي الفلوجة الواقعة على بعد 60 كلم فقط غرب بغداد بعدما خرجت عن سيطرتها ووقعت في ايدي مقاتلين مرتبطين بتنظيم القاعدة، لتتحول من جديد الى معقل للمتمردين المتطرفين بعد ثمانية اعوام من الحربين الاميركيتين اللتين هدفتا الى قمع التمرد فيها.
من جهة اخرى، اصدر المالكي تعليمات الى قوات الجيش التي تحاصر المدينة “بعدم ضرب الاحياء السكنية في الفلوجة” التي شهدت على مدار الايام الماضية عمليات قصف من قبل القوات الحكومية اجبرت عشرات العائلات على مغادرتها.
وتمكن مقاتلو “الدولة الاسلامية في العراق والشام” المعروف اختصارا باسم “داعش”، والعابر للحدود مع سوريا، من السيطرة على الفلوجة وعلى بعض مناطق مدينة الرمادي (100 كلم غرب بغداد) المجاورة بحسب مصادر امنية، رغم الحملة العسكرية التي تستهدف معسكراته منذ نحو عشرة ايام وتستخدم فيها الطائرات.
وتشكل سيطرة التنظيم التابع للقاعدة على مدينة الفلوجة حدثا استثنائيا نظرا الى الرمزية الخاصة التي ترتديها هذه المدينة التي خاضت معركتين شرستين ضد القوات الاميركية في العام 2004.
وتواصلت المعارك شمال المدينة وشرقها في وقت مبكر من صباح الاثنين، فيما اكد شهود تعرض قاعدة طارق العسكرية القريبة من شمال المدينة للقصف من قبل مسلحين مناهضين للحكومة.
ورغم تأكيد مسؤولين عراقيين ومصادر امنية رفيعة المستوى في الانبار على ان مقاتلي “داعش” هم الذين يسيطرون على المدينة، قال الشيخ علي الحماد احد وجهاء الفلوجة “لا يوجد (مسلحون من) داعش في المدينة وجميعهم غادروها وهم اصبحوا خارجها”.
واضاف ان “المسلحين في الداخل من ابناء العشائر وهم هنا للدفاع عنها وهم يرفضون اي ظلم وحيف يقع على سكانها، والاسواق اليوم مفتوحة والحياة طبيعية فيها”.
وفي الرمادي، دارت في الصباح مواجهات بين الشرطة ومقاتلين من العشائر من جهة، والمجموعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة التي لا تزال تسيطر على بعض احياء المدينة، وفقا لمراسل فرانس برس.
وبحسب تقارير الحكومة العراقية ومصادر في وزارة الداخلية قتل اكثر من 200 شخص معظمهم من المسلحين على مدى الايام الثلاثة الماضية في المعارك في محافظة الانبار.
وقال مصدر عسكري ان “سبعة من عناصر القوات الخاصة المعروفة باسم الفرقة الذهبية اضافة الى مسلحين اثنين من العشائر التي تقاتل الى جانب هذه القوة قتلوا في معارك امس الاحد”.
واعلنت من جهتها وزارة الدفاع ان “حصيلة خسائر التنظيمات الارهابية ليوم امس قتل 51 ارهابيا (…) ينتمون الى تنظيم داعش والقاعدة الارهابي على الخط السريع ضمن قاطع عمليات الانبار”.
في هذا الوقت، اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية عن قلقها من هذه المواجهات مؤكدة دعمها للحكومة العراقية “في مواجهتها مع الارهاب”.
وشددت الخارجية في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه على ان “وحده الحوار السياسي الذي يشمل كل مكونات المجتمع العراقي سيسمح بالوصول الى حل طويل الامد لعدم الاستقرار الذي تشهده البلاد”.
وجاء ذلك بعد يوم من تاكيد وزير الخارجية الاميركي جون كيري في القدس على ان واشنطن ستقف “الى جانب حكومة العراق التي تبذل جهودا (ضد القاعدة) (…) لكنها معركتها وهذا الامر حددناه من قبل”، مؤكدا ان بلاده “لا تفكر في نشر قوات على الارض”.
وفي طهران، قال نائب رئيس الاركان الايراني الجنرال محمد حجازي انه “اذا طلب العراقيون ذلك فسوف نزودهم بالعتاد والمشورة ولكنهم ليسوا بحاجة الى جنود”.
وكان المقاتلون المرتبطون بالقاعدة استغلوا الخميس اخلاء قوات الشرطة لمراكزها في الفلوجة والرمادي وانشغال الجيش بقتال مسلحي العشائر الرافضين لفض اعتصام سني مناهض للحكومة الاسبوع الماضي، لدخول الرمادي والفلوجة بشكل علني للمرة الاولى منذ سنوات.
وهذه اسوأ اعمال عنف تشهدها محافظة الانبار السنية التي تتشارك مع سوريا بحدود تمتد لنحو 300 كلم منذ سنوات وهي المرة الاولى التي يسيطر فيها مسلحون على مدن كبرى منذ اندلاع موجة العنف الدموية التي تلت الاجتياح الاميركي عام 2003. (أ ف ب)