بيروت- هازار يتيم
لبنان ينزف مجدداً على وقع الانفجارات التي عادت، لتعكر صفو الهدوء الذي ينتظر اللبنانيون أن ينعموا به في فترة الأعياد، إلا أن يد الإرهاب أبت أن تدع عيد رأس السنة يمر بهدوء، فتربصت من جديد، لتطول شخصية سياسية تحظى بمكانة مهمة على الصعيد المحلي والعربي والدولي.. هو مستشار الرئيس سعد الحريري للشؤون الدبلوماسية، وأحد قادة «14 آذار» الوزير السابق الشهيد محمد شطح.
أثار اغتيال شطح العديد من ردود الفعل المستنكرة واتهام حزب الله بصورة غير مباشرة على لسان رئيسي الحكومة السابقين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، ولاسيما أن الشهيد معروف باعتداله وبمواقفه الوطنية، في حين اكتفى حزب الله بوصف الاغتيال بالعمل الإرهابي.
وكان الحريري أطلق جملة من المواقف التي رأى المحللون فيها نوعاً من التهديد، ومنها قوله بأن الاغتيال لن يمر، ملوحاً بالتوقف عن المطالبة بحكومة حيادية، بل يمكن أن يطالب بحكومة «14 آذار» صافية.
كما فتح اغتيال وزير المالية السابق الباب أمام الكثير من التأويلات والتحليلات، حيث رأى مجموعة من المحللين أن اغتيال شطح قد يؤسس لمرحلة سوداء من تاريخ لبنان، مشيرين إلى أن هناك إرادة فعلية لتفجير استقرار هذا البلد.
وتساءلوا لمصلحة من يراد أن يدفع لبنان فاتورة الدم بهذا الحجم وفي هذا التوقيت على أبواب انعقاد المحكمة الدولية ومؤتمر «جنيف2» حول الأزمة السورية؟ وهل يندرج هذا الاغتيال في سياق تحضير المسرح اللبناني لخطوات تؤدي إلى تسليف هذا الطرف الإقليمي أو ذاك ورقة من هنا أو من هناك، وصولاً إلى فرض وقائع جديدة ليس بمقدور لبنان أن يتحملها؟
سير التحقيق
وفيما شيع لبنان شطح في مأتم رسمي وسياسي الأحد، تواصلت التحقيقات، وتمحورت حول عدد من العناصر والخيوط التي توقف عندها معظم المشاركين في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع في القصر الجمهوري في بعبدا، حيث أعطى رئيس الجمهورية ميشال سليمان تعليمات مشددة للأجهزة القضائية والأمنية والعسكرية بالحفاظ على سرية التحقيقات الجارية، وتقرر إحالة هذه الجريمة وجرائم أخرى وقعت في الآونة الأخيرة إلى المجلس العدلي الذي ينظر عادة بالجرائم التي تمس أمن الدولة.
وشهد مسرح الجريمة في منطقة «ستاركو» في وسط بيروت، إجراءات أمنية، في ظل استمرار عمل المحققين على أكثر من اتجاه: داتا الاتصالات، داتا الكاميرات، سيارة «الهوندا السي آر في» الزيتية التي استخدمت في الانفجار، بالإضافة إلى مسح البصمات وغيرها من العناصر التي يمكن أن تؤدي إلى إماطة اللثام عن هذه الجريمة.
ومع استشهاد الشاب محمد الشعار وأنور بدوي، ارتفع عدد الشهداء إلى 8، فيما أكدت مصادر في وزارة الصحة أن معظم الجرحى غادروا المستشفيات، باستثناء نحو خمس حالات، تخضع للعلاج في عدد من مستشفيات العاصمة.
ويركز التحقيق حالياً على هوية الجهة التي تسلمت السيارة المسروقة في عين الحلوة، وماذا فعلت بها خلال الشهور الماضية، وكيف تحركت طوال هذه الفترة، وكيف خرجت من المخيم، وصولا إلى الجهة التي قامت بتفخيخها وتفجيرها.
كما أشارت المعلومات إلى أن «الأجهزة الأمنية بدأت باستخراج داتا الكاميرات المثبتة بالعشرات في منطقة اﻻنفجار، على أن تبدأ لاحقا عملية تحليلها».
وكانت مصادر معنية بالتحقيقات كشفت أن السيارة التي استخدمت
في التفجير كانت قد سرقت في مطلع السنة الحالية من بلدة الرميلة في ساحل الشوف.
وقالت المصادر إن سيارة ثانية من طراز «هوندا سي. آر. في» سوداء اللون تعود للمؤهل في قوى الأمن الداخلي ايلي ف. كانت قد سرقت من منطقة ساحل الشوف بعد فترة وجيزة من سرقة «الهوندا سي آر في» الزيتية، وقد تمكن الجيش اللبناني عند أحد مداخل مخيم عين الحلوة من توقيف السيارة السوداء، وكان يقودها المدعو أحمد أبوالداود، الذي اعترف أثناء التحقيق معه بأن المدعوين موسى م. ومحمد ص. اشتركا معه في سرقة سيارة «هوندا سي. آر في» الزيتية، وقال أبوالداود إن هذه السيارة أدخلت بعد سرقتها إلى مخيم عين الحلوة.
وأشارت المصادر إلى وجود موقوف في سجن روميه المركزي يدعى مرشد عبدالرحمن (من غير التابعية اللبنانية) يتم إخضاعه للتحقيق حالياً من قبل الأجهزة المعنية، وقد اعترف أمام المحققين أن سارقي السيارة التي استخدمت في جريمة شطح أدخلاها فعلا إلى مخيم عين الحلوة، وأنهما ينتميان إلى «فتح الإسلام».
على وقع هذه التطورات، يأتي الحديث جدياً عن تشكيل حكومة لبنانية من قبل رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس المكلف تمام سلام
تضع جميع الأطراف أمام مسؤولياتهم في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ لبنان.