
حوار هازار يتيم:
أكد نائب رئيس جمعية الخريجين، إبراهيم المليفي، أن واقع مؤسسات المجتمع المدني من ناحية علاقتها بالمهن والمجالات، التي تعمل ضمن أطر، تعيش حالة من المراوحة من الغياب التام إلى الانتعاش المتواصل، مشدداً على أنه لا توجد هناك ضوابط تحكمنا غير ضوابط الدستور.. أما محاولة عرقلة مؤسسات المجتمع والتدخل في شؤونها وأنشطتها، بحجة التنظيم، فنحن لا نسمح لأي طرف بالتدخل في أعمالنا.
وأشار المليفي في لقاء مع «الطليعة» إلى أنه لا يحق لأي أحد خارج إطار تلك المؤسسات وجمعياتها العمومية تقليص أو دمج مؤسسات المجتمع المدني أو طرح أي أفكار من هذا النوع، لأنها مصادرة صريحة للإرادة الحُرة لمجموعة الأعضاء المؤسسين الذين اختاروا الإطار الذي سيخدمون المجتمع من خلاله.
وأضاف أنه على الرغم من غياب قانون ينظم الأحزاب السياسية، فإن فضاء مؤسسات المجتمع المدني أصبح في المجال الأقرب لعمل بعض التيارات والتنظيمات السياسية التي وجدت في جمعيات محددة المكان المناسب للعمل من خلالها لتوصيل أفكارها وكسب الكوادر الجديدة.
قضايا عديدة تناولها اللقاء، وفي ما يلي التفاصيل:
● كيف تنظرون إلى واقع مؤسسات المجتمع المدني؟ وهل تؤدي الدور المطلوب منها؟
ـ يمكن تقسيم الإجابة إلى شقين.. ففي ما يتعلق بواقع مؤسسات المجتمع المدني من ناحية علاقتها بالمهن والمجالات التي تعمل ضمن أطر، هناك حالة من المراوحة من الغياب التام إلى الانتعاش المتواصل، ولعل جمعية مثل الهلال الأحمر تمثل هذا الصنف من الجمعيات النشيطة والمتفاعلة مع القضايا الإنسانية والإغاثية خير تمثيل.
وفي الشق الثاني، وأعني به تفاعل مؤسسات المجتمع المدني مع القضايا العامة التي تمس وحدة وتماسك المجتمع وحماية المكتسبات الديمقراطية، فلا أجد غير الهروب الكبير، والتحجج بأن الجمعية أو الرابطة الفلانية غير معنية بالشأن العام والقضايا.. وهنا يجب القول بأنه ليس مطلوباً من تلك المؤسسات التعاطي مع السياسة كطرف أو الخوض في التفاصيل والشخصيات العامة، بل المطلوب هو إبداء الرأي والإعلان عن المواقف الواضحة في القضايا الحساسة التي تهم معظم الناس، على الأقل التوقيع على البيانات المشتركة التي تحارب الطائفية والانتهاكات التي تمس الدستور والنظام الديمقراطي.
شروط وضوابط
● ما شروط وضوابط مؤسسات المجتمع المدني التي تعمل في إطارها؟
ـ لا توجد هناك ضوابط تحكمنا غير ضوابط الدستور.. أما محاولة عرقلة مؤسسات المجتمع والتدخل في شؤونها وأنشطتها، بحجة التنظيم، فنحن لا نسمح لأي طرف بالتدخل في أعمالنا، لأننا نعلم نهاية ذلك النوع من القبول والتهاون، وهو تحويل مؤسسات المجتمع المدني إلى مجالس طلبة ثانوية عامة «لا تهش ولا تنش».
● هل تقصد ضرورة تقليص عددها؟
ـ هذا بالضبط ما عنيته في جوابي السابق، لا يحق لأي أحد خارج إطار تلك المؤسسات وجمعياتها العمومية تقليص أو دمج أو طرح أي أفكار من هذا النوع، لأنها مصادرة صريحة للإرادة الحُرة لمجموعة الأعضاء المؤسسين الذين اختاروا الإطار الذي سيخدمون المجتمع من خلاله، وإذا ما رأت الجمعية العمومية لأي مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني حل نفسها والاندماج مع كيان آخر، فهذا أمر مباح واعتيادي، وفي الغالب مذكور في النظام الأساسي لمعظم مؤسسات المجتمع المدني.
غطاء سياسي
● هل تعتقدون بأن مؤسسات المجتمع المدني تشكل غطاء لأغراض سياسية؟
ـ هذا ليس اعتقاداً، بل إنه أمر واقع، فمع غياب قانون ينظم الأحزاب السياسية، أصبح فضاء مؤسسات المجتمع المدني في المجال الأقرب لعمل بعض التيارات والتنظيمات السياسية التي وجدت في جمعيات محددة المكان المناسب للعمل من خلالها لتوصيل أفكارها وكسب الكوادر الجديدة، وهنا يجب التأكيد على الفارق بين مؤسسات تتبع بشكل هيكلي لا لبس فيه تنظيماً سياسياً بعينه، ومؤسسات تتشارك مع تنظيمات محددة نفس الأفكار والرؤى تجاه المجتمع والدولة.
● هل تمثل مجموعات المجتمع المدني في الكويت هموم وأحلام المواطنين؟
ـ لا يمكن لمؤسسات المجتمع المدني أن تقوم مكان مؤسسات أخرى، ولكنها تعبّر كل في مجالها عن هموم القطاعات التي تعمل لأجلها، من خلال صياغة المطالب وعرضها على الجهات المعنية، مثل البرلمان أو الحكومة أو أحد مؤسساتها.
عجز عن طرح الأولويات
● لماذا عجز المجتمع المدني عن فرض طروحاته وأولوياته، التي تعبّر عن مصالح الناس، على صُناع القرار؟
ـ السؤال يفترض مسبقاً عجز المجتمع المدني، وهذا بشكل عام غير صحيح، لأن مؤسسات المجتمع المدني ليست جسداً واحداً يتحرَّك بشكل متناغم، ونحن أمام مراحل زمنية تجاوزت الخمسين سنة لبعض المؤسسات، وبعضها حقق في مرحلة ما من المراحل، إما بشكل منفرد أو جماعي، مكسباً أو عدة مكاسب تخدم فئة ما أو المجتمع ككل، ولعل مثال مشاركة المرأة في الحياة السياسية أو تحقيق بعض الامتيازات والحقوق لبعض التخصصات يلخص الجواب، وما يهمني هنا أن «التحديد» شيء مهم عند الحديث عن مؤسسات المجتمع المدني، والتي من بينها النقابات والاتحادات العمالية.
● ما صلة الربط بين مؤسسات المجتمع المدني والدولة؟
ـ الصلة الواضحة هي قانون جمعيات النفع العام الذي يربطها مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.. أما الصلات الأخرى، فهي تندرج تحت عناوين مختلفة، مثل «الشراكة» بين الدولة ومؤسسات المجتمع المدني في قضية ما، في إطار زمني محدد أو دائم، وأخيراً بدأت الدولة، وببطء شديد، إدخال الجمعيات المعنية في عضوية لجان حكومية أو مجالس إدارات لمؤسسات رسمية، بهدف دعم متخذي القرار بالقرار الأصوب، استناداً إلى أهل العلاقة.
● ما الفرق بين دور جماعات الضغط ودور مؤسسات المجتمع المدني؟
ـ مؤسسات المجتمع المدني غير ربحية بالمطلق، وكل من يعمل فيها لا يتقاضى مكافأة أو راتباً مقابل عمله، أما جماعات الضغظ، فمنها ما هو «لوبي» مصالح يخدم أصحابه، ومنها ما هو غير ربحي ويعمل بشكل غير رسمي.
معوقات وصعوبات
● ما المعوقات والصعوبات التي تعترض عمل مؤسسات المجتمع المدني؟
– بالنسبة لنا في جمعية الخريجين، فنحن لا يعيقنا غير تدخل وزارة الشؤون الاجتماعية في أعمالنا، وآخرها رفض الوزارة لنشاط إنساني بحت كنا نريد من خلاله جمع التبرعات لـ«اللاجئين السوريين» بشكل رسمي ومرخص ومعلن.. أما من الناحية المالية، فأنا هنا أكرر رأي الجمعية، لترفع وزارة الشؤون دعمها المالي، ولتتركنا نعمل بكامل حريتنا.
● إلى أي مدى لعب الضعف المادي دوراً في خضوع مؤسسات المجتمع المدني للسلطة والابتعاد عن دورها المرسوم لها؟
ـ إذا كانت المادة هي التي منعت مؤسسة ما، من قول أو فعل، هي مقتنعة به، فمن الأفضل لها حل نفسها وتصفية ممتلكاتها.
سبات
● كيف تنظر إلى مستقبل مؤسسات المجتمع المدني؟
– ما أراه أمامي هو استمرار حالة «السبات» والتمدد الرسمي داخل أوصال مجموعة كبيرة من مؤسسات المجتمع، ويبدو أن الطموحات الشخصية لمن يملكون القرار فيها تتطلب منهم إبقاء الحال على ما هي عليها، وعدم المبادرة إلى عمل أي شيء.
الشباب
● أين دور الشباب في المجتمع المدني؟ وهل انحسر هذا الدور؟
ـ مفهومي للشباب يتلخص فيمن يعمل بحماس وهمة ويتقبَّل تطبيق الأفكار الجديدة.. أما المفهوم القديم، وهو «شهادة الميلاد»، فلم يعد هذا الأمر هو المقياس الوحيد، ولا يمكن تجاهل أو عدم رؤية الشباب المتطوع في بعض مؤسسات المجتمع المدني، وإن كنت أرى أن وصولهم الطبيعي لمواقع اتخاذ القرار لا يتم بالسرعة المتوقعة.
والشباب، وأعني من هم في مقتبل العمر، يمرون في هذه المرحلة التي نعيشها بظروف خاصة، فهم اندفعوا بالمشاركة الإيجابية في الأحداث السياسية التي مرَّت على الكويت في السنوات الأخيرة، وكثير منهم يرى أن سقف مؤسسات المجتمع المدني أقل بكثير من السقف الذي يعملون تحته، وهذا الأمر صحيح، لأنه لا مقارنة بين الاثنين، لذلك شطر منهم لا يرى نفسه في مكان غير العمل السياسي الموسمي السريع الإيقاع والمتحرر من أي قيود.
الأمر الثاني، وهو الذي أعتبره أزمة وطنية، فهو أن الشاب اليوم يواجه مصاعب معيشية غير المصاعب التي كان يواجهها الشباب قبل عقد من الزمان.. الشاب اليوم مهموم بقبوله في الجامعة وعدم حصوله على وظيفة بعد التخرج، وعليه توفير مدخول إضافي، لتغطية إيجار السكن ومصاريف أسرته الصغيرة.. أما السكن، فهذا همّ كبير يجثم على صدر كل مواطن يرى ويسمع أنه يعيش في بلد نفطي فيه أراض خالية شاسعة، ولكنه لا يستطيع تحقيق ذلك «الحلم».
في مثل هذه الأوضاع «المضغوطة» تقل فرصة الإقبال على العمل التطوعي المنظم والمستمر.