كتب محرر الشؤون الاقتصادية:
أيام قليلة، ويستقبل العالم العام الجديد 2014، أملاً في تحقيق تعاف، ولو حتى جزئي، ينتشل العالم من حالة الركود وأزمات الديون وتدابير التقشف وعجز الموازنات التي عانتها أكثر من دولة خلال العام 2013.
فقد حمل العام 2013، الذي لم تتبقَ منه سوى أيام قليلة، وتغرب شمس أخبار غير سارة لكثير من الدول. فقد عانت خلاله الاقتصادات الكبرى تدهورا كبيرا، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، التي عانت عجزا كبيرا في الموازنة، ومنطقة اليورو التي عانت أيضا أزمة الديون، وجاهدت كثيرا خلال العام 2013 للخروج منها، ولكن محاولاتها لم تحقق النتائج المرجوة.
وكان الاقتصاد العالمي استهل العام 2013 بخفض «صندوق النقد الدولي» توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي، نظرا لزيادة الضغوط المالية والمخاطر السالبة، في وقت دخلت فيه أزمة الديون الأوروبية وأزمة الموازنة الأميركية مرحلة حرجة، وحذر صندوق النقد من إمكانية دخول الاقتصاد العالمي في ركود، ما لم تحكم الدول الأوروبية سيطرتها على أزمة الديون السيادية، وتجد الولايات المتحدة حلولا لمشكلة عجز الميزانية، وتقوم الصين، باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد عالميا، بواجباتها تجاه الاقتصاد العالمي، ووسط هذه الأزمات كلها مرَّ العام 2013 من دون تحقيق النمو المأمول في الاقتصاد العالمي، وتأمل كثير من الدول التي عانت في 2013 أن يكون 2014 عام الفرج وتحقيق النمو.
الاقتصاد الأكبر
عانى اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية (الاقتصاد الاكبر عالميا) بشدة خلال العام 2013، وتعول كثيرا أميركا على العام 2014، في تحقيق النمو، وخصوصا أنها توصلت قبل أن تودع 2013 إلى اتفاق مهم بشأن الميزانية العامة.
وقد ذكرت تقارير اقتصادية، أن التوقعات لنمو اقتصاد الولايات المتحدة في العام 2014 متفائلة، مؤكدة أن الاقتصاد الأميركي في 2014 سيبدأ في النمو بوتيرة أسرع، وخصوصا بعد تراجع القلق بشأن نمو الاقتصاد العالمي، الذي من المتوقع أن يحقق هو أيضا نموا أفضل في العام المقبل.. ولكن هذا التفاؤل لم يخلُ من بعض التخوُّفات التي أشارت اليها أيضا تقارير اقتصادية، متخوفة من انهيار الدولار في العام 2014، وهذه التقارير مبنية على المصاعب والعثرات الاقتصادية التي عانت ومازالت تعاني وستعانيها الولايات المتحدة خلال العام المقبل 2014، لانها اصبحت لا تستطيع المحافظة على نسب النمو السابقة، ولم تعد قادرة على لجم حدود المديونية المسموح بها، وتجاهد بين الحين والآخر لرفع هذا السقف، وهذا كله من المرجح أن ينقل الزعامة الاقتصادية العالمية إلى الصين في 2014، وفقا لدراسة أجراها الخبير الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا روبرت فينسترا.
ووفقا لدراسة فينسترا، فإن الاقتصاد الصيني يتجه نحو انتزاع زعامة الاقتصاد العالمي من نظيره الأميركي بعد إزاحته الاقتصاد الياباني، مخالفا بذلك توقعات صندوق النقد الدولي، الذي كان توقع أن يتجاوز حجم اقتصاد الصين بحلول العام 2016 نظيره الأميركي من حيث القوة الشرائية.
الصين
أما الصين (ثاني أكبر اقتصاد في العالم)، فسوف تركز جهودها الاقتصادية خلال العام 2014 للحفاظ على استقرار السياسات الاقتصادية ومعدل النمو. وقالت الإذاعة الصينية الرسمية مطلع الأسبوع الجاري، نقلا عن بيان صدر في ختام مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي الذي يُعقد سنويا بمشاركة كبار قادة الحزب الحاكم والحكومة، إن كبار المسؤولين في الصين تعهدوا بالحفاظ على استقرار السياسات الاقتصادية، ومواصلة العمل بسياسة نقدية حصيفة وسياسة مالية استباقية لتحقيق نمو اقتصادي معقول في 2014، ملائم للناتج الإجمالي، مع المضي قدما في تنفيذ الاصلاحات وفق برنامج إصلاح جريء للسنوات العشر المقبلة، لوضع ثاني أكبر اقتصاد في العالم على مسار نمو أكثر استقرارا، بعد توسعه بوتيرة فائقة السرعة على مدى ثلاثة عقود.
اليابان
ومن الاقتصادات المستبشرة خيرا بالعام الجديد، الاقتصاد الياباني، حيث توقعت اليابان زيادة النمو في 2014.
ووفقا لذلك، قرر رئيس وزراء اليابان شينزو ابي، زيادة توقعه للنمو الحقيقي لإجمالي الناتج المحلي الياباني إلى 1.3 في المائة للسنة المالية التي تبدأ في مارس 2014، بعد أن كان المتوقع سابقا هو 1 في المائة، ويعزز طموح الحكومة اليابانية في تحقيق نمو أعلى في 2014، توقعها لنمو عائدات الضرائب، حيث تتوقع الحكومة اليابانية جمع نحو 50 تريليون ين (484.8 مليار دولار) من عائدات الضرائب خلال السنة المالية المقبلة، ومن المتوقع أن تحد الزيادة في ضريبة المبيعات العام المقبل من الاستهلاك، ولكن الحكومة رفعت توقعها للنمو، بناءً على عائد متوقع من الحوافز المالية التي تهدف إلى إحداث توازن مع الزيادة في الضرائب.
روسيا
الاقتصاد الروسي الذي يُعد من الاقتصادات الكبرى عالميا، لم يعان مشكلات كثيرة خلال العام 2013، ولكنه يأمل أن ينهي العام 2014 بتخفيض مقبول لنسب التضخم التي تعانيها البلاد، ومن أجل ذلك، أبقى البنك المركزي الروسي مطلع الأسبوع الجاري سعر الفائدة الرئيسي بلا تغيير، ومدد تقديم السيولة طويلة الأجل حتى نهاية عام 2014، لتخفيف الضغوط عن النظام المصرفي، مع سعيه لخفض التضخم إلى المستويات التي يستهدفها. وقال البنك إنه يتوقع أن يتراجع التضخم في النصف الاول من 2014، لكنه لن يصل إلى المستوى المستهدف، البالغ 5 في المائة، حتى النصف الثاني من 2014. وأبقى البنك سعر الفائدة الرئيسي عند 5.5 في المائة بلا تغيير للشهر الخامس عشر على التوالي، وبلغت الزيادة السنوية في اسعار المستهلكين 6.5 في المائسة حتى التاسع من ديسمبر 2013، وهو ما يفوق النطاق الذي يستهدفه البنك المركزي البالغ من 5- 6 في المائة.
أيرلندا
أما أيرلندا وهي من الدول التي تعثرت بشدة في 2013، فقد انهت برنامجها للإنقاذ المالي قبل أن تودع 2013، طامحة أن تحقق النمو في 2014، إذ بعد 3 سنوات من طلبها مساعدة مالية من مقرضين دوليين، لتفادي الإفلاس، أنهت أيرلندا رسميا برنامجها للإنقاذ المالي في حدث مهم لجهود منطقة اليورو لحل أزمة ديونها. وخفضت أيرلندا الإنفاق، وزادت الضرائب لإعادة موازنة اقتصادها منذ أن طلبت مساعدة طارئة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، محققة جميع الأهداف الرئيسة في البرنامج، البالغ قيمته 85 مليار يورو (117 مليار دولار).
وضمنت أيرلندا تمويلا حتى 2015، بفضل إصدارات للسندات على مدى الثمانية عشر شهرا الماضية، لتكون القدوة لدول مثل اليونان والبرتغال وقبرص، التي دخلت أيضا في برامج سيادية للإنقاذ المالي، وإسبانيا التي تلقت مساعدات لنظامها المصرفي. ولدى أيرلندا حاليا سيولة نقدية تبلغ أكثر من 22 مليار يورو (30 مليار دولار)، أو ضعفي القدر الذي تصوره مقرضوها في بادئ الأمر، وهو ما يعطيها حماية من صدمات الأسواق، ومن المتوقع أن ينمو اقتصادها بحوالي 2 في المائة في 2014.