تعزيز التجارة البينية.. مطلب مهم على جدول القمة الخليجية الـ 34

وسط متغيرات كثيرة تلف المنطقة، في مقدمتها التقارب الإيراني – الأميركي – الغربي، وتعقد الأزمة السورية، وعدم ظهور أي بوادر على حلها في الأفق القريب، تستضيف الكويت في الفترة من 10 إلى 11 الجاري الدورة الـ 34 للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي، من أجل بحث العديد من الملفات العالقة، ووضع الأطر المناسبة، من أجل حماية إنجازات المجلس وحماية مصالح شعوب منطقة الخليج والحفاظ على أمن المنطقة.

ويتضمَّن جدول أعمال الدورة الـ 34 للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي جملة من الموضوعات والقضايا ستتم مناقشتها في كل المجالات، هذا بالإضافة إلى التقارير والتوصيات التي يتم رفعها من المجلس الوزاري، ليقوم المجلس الأعلى بالمصادقة عليها.. وما يهمنا في هذا المقام، هو الجانب الاقتصادي، الذي ستتم مناقشته خلال الاجتماعات، إذ يحظى هذا الجانب بأهمية خاصة من قادة دول المجلس، حيث سيتم التركيز خلال القمة على تعزيز التجارة البينية بين دول الخليج، من خلال مناقشة ما تم التوصل إليه في اجتماعات لجنتي التعاون التجاري والصناعي الخليجيتين من جهة، وتشجيع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين المنظومة والكيانات الاقتصادية الكبرى، كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، إضافة إلى مناقشة خطة العمل المشترك (2015-2013) مع تركيا في مجالي التجارة والاستثمار، وتحقيق الشراكة الاستراتيجية مع كل من المغرب والأردن، من خلال التعاون المشترك في مجالات البيئة والطاقة المتجددة والتعاون الاقتصادي والقانوني والسياحة والأمن الغذائي وغيرها من المجالات.

وتؤكد الأمانة العامة لمجلس التعاون في تقرير اقتصادي، أن السياسات التي اتخذتها دول مجلس التعاون لتسهيل انسياب السلع بينها أسهمت في ارتفاع حجم التجارة البينية من 6 مليارات دولار في 1984 إلى 88 مليار دولار في 2012.

وأكد التقرير التأثير المباشر لقرار إقامة الاتحاد الجمركي الخليجي في عام 2003 على نمو التجارة البينية للدول الأعضاء، مبينا أن التبادل التجاري بين دول المجلس شهد زيادة ملحوظة في السنة الأولى لقيام الاتحاد الجمركي بلغت نسبته 31 في المائة، فيما سجلت خلال الأعوام من 2003 – 2008 معدلا سنويا بلغ 28 في المائة، وهذا يرجع إلى جهود الدول الأعضاء بمجلس التعاون في إزالة الحواجز الجمركية لمنتجات هذه الدول بإعفائها من الرسوم الجمركية ومعاملتها معاملة السلع الوطنية، وإقامة منطقة تجارة حرة عام 1983، ثم الاتحاد الجمركي مطلع 2003، وقد تخلل تلك السنوات إقرار عدد من القوانين والأنظمة والسياسات التي سهلت انسياب تنقل السلع والخدمات ووسائل النقل بين الدول الأعضاء، وتشجيع المنتجات الوطنية، وتفعيل دور القطاع الخاص في تنمية صادرات دول المجلس، فيما مثل قيام الاتحاد الجمركي دعما مباشرا للسوق الخليجية المشتركة التي أسهمت بدورها في زيادة التجارة البينية لدول المجلس، ومن القرارات التي ساعدت أيضا في زيادة حجم التجارة البينية بين الدول الأعضاء السماح للمؤسسات والوحدات الإنتاجية في دول المجلس بفتح مكاتب للتمثيل التجاري في أي دولة عضو، وكذلك السماح باستيراد وتصدير المنتجات الوطنية بين دول المجلس، دونما الحاجة إلى وكيل محلي، ومن القرارات كذلك إنشاء هيئة التقييس لدول مجلس التعاون.

انعكاسات اقتصادية

ولقد كان لسياسات التقارب التي اتبعتها دول مجلس التعاون انعكاسات أيضا على كثير من الأبعاد الاقتصادية، على مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، فعلى مستوى القطاع العقاري استفاد أكثر من 16 ألف مواطن خليجي من تملك عقارات في الدول الأعضاء الأخرى خلال العام 2012، وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة الأكثر استقطابا للخليجيين في تملك العقار، وبنسبة 72 في المائة، تلتها سلطنة عمان في المرتبة الثانية، وبنسبة اقتربت من 21 في المائة، ثم مملكة البحرين في المرتبة الثالثة بـ 544 حالة تملك، وبنسبة استقطاب قدرها 3.3 في المائة، فيما حلَّت المملكة العربية السعودية ودولة قطر ودولة الكويت في المراتب الرابعة والخامسة والسادسة، بنسب قدرها 2.1 و1.2 و0.8 في المائة على التوالي.

ووفقاً لإحصائيات حديثة، فإن مواطني الكويت الأكثر تملكا للعقار في دول مجلس التعاون الأخرى بنسبة 50 في المائة من الإجمالي، ويمثل السماح بتملك مواطني دول المجلس للعقار في الدول الأعضاء الأخرى أحد المسارات العشرة للسوق الخليجية المشتركة التي حددتها الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001، حيث يعامل مواطنو دول المجلس الطبيعيون والاعتباريون في أي دولة من الدول الأعضاء نفس معاملة مواطنيها من دون تفريق أو تمييز.

وتظهر البيانات الإحصائية التي أعدَّتها إدارة الإحصاء بالأمانة العامة لمجلس التعاون، أن تملك مواطني دول المجلس للعقار في الدول الأعضاء الأخرى خلال عام 2012 بلغ 16347 حالة تملك، وبنسبة زيادة قدرها 1 في المائة، مقارنة بالعام 2011، الذي سجلت فيه 16107 في المائة.

وتعكس سهولة حركة تنقل مواطني دول المجلس ترسيخ الواقع الاقتصادي الذي يمثله مجلس التعاون، حيث تتشابك المصالح الاقتصادية لمواطني الدول الأعضاء، نتيجة قرارات وسياسات اتخذتها دول المجلس، إذ تغذي حركة الأفراد في فضاء السوق الخليجية المشتركة الترابط الاقتصادي وتعزز مكاسب السوق الخليجية المشتركة، وهي في الوقت ذاته نتيجة طبيعية لذلك التشابك ولنمو السوق الخليجية المشتركة المتزايد في المصالح الاقتصادية التي أصبحت مكونا رئيسا في الواقع الخليجي الذي نعيشه.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.