كتب محرر الشؤون الاقتصادية:
رغم كل ما تمر به الكويت من تدهور في شتى المجالات، ومنها المجال الاقتصادي والصناعي، وتراجعها إلى مراتب متأخرة صناعيا، وخصوصا في صناعة البتروكيماويات، التي من الممكن أن تكون الكويت واحدة من أهم دول المنطقة فيها، حيث إنها تمتلك كل المقومات التي تؤهلها لتكون رائدة في هذه الصناعة.. رغم كل ذلك، لايزال لدينا الأمل والطموح في أن تتقدم صناعة البتروكيماويات مرة أخرى، ونشهد خلال الأعوام المقبلة توسعا فيها من حيث زيادة الإنتاج أو زيادة الاستثمار داخل الكويت، من أجل نقل الخبرات والتطور في هذه الصناعة، وتوفير مزيد من فرص العمل أمام الشباب، فهل مازال بالإمكان الوصول إلى هذا الهدف، أم ان الفرص تلاشت؟
إن عودة الكويت إلى واجهة صناعة البتروكيماويات الخليجية مجدداً تحتاج إلى تخطيط مدروس، للبدء في تنفيذ المشروعات المتأخرة في هذا المجال، والتي أقرت منذ سنوات، ولكن لأسباب ما، توقفت أو تعطلت، وعلى رأس هذه المشروعات مشروع «الأوليفينات الثالث»، وهو أحد المشروعات الموضوعة ضمن استراتيجية شركة صناعة الكيماويات البترولية للعام 2030، وكان من المقرر إنجازه في العام 2016، ولكن لمروره ببعض العراقيل أصبح من المتوقع انجازه في الربع الثاني من العام المالي 2019-2020.
البداية
بدأ التفكير في مشروع «الأوليفينات 3»، منذ نحو ثلاثة أعوام مضت، وتم إعداد دراسة اقتصادية أولية له، تلتها دراسة تفصيلية عن جدواه الاقتصادية، ووضع التصورات لوحدات المشروع ومكوناته وتكلفته المالية وحجم الإنتاج المخطط له وحتى الأسواق المستهدفة. وقد أكدت دراسة الجدوى الاقتصادية الأولية جدوى المشروع اقتصاديا وتكنولوجيا، إذ إن المشروع سيعود بفوائد جيدة على صناعة البتروكيماويات الكويتية والاقتصاد المحلي بوجه عام، وسيوفر عددا كبيرا من فرص العمل للشباب الكويتي الباحث عن فرص عمل.
عقبات
لكن، وكالعادة، اعترضت المشروع بعض المعوقات، منها العقبة التي تواجه الصناعة الكويتية بشكل عام، وهي نقص الأراضي، فقد تعطل سير المشروع، بسبب عدم القدرة على توفير الموقع المناسب، حيث تم البحث عن أرض داخل منطقة الشعيبة الصناعية، ولم يتم التوصل إلى مكان مناسب وفق المساحات التي يتطلبها المشروع، إذ يحتاج المشروع إلى ما يزيد على مليوني متر لتنفيذه، وكان الاتجاه لإقامته في منطقة الشعيبة الصناعية، باعتبارها من الأماكن المثالية، للاستفادة من المرافق الحالية في مجمعات البتروكيماويات هناك، والقرب من مرافق التصدير والاستفادة من البنية التحتية المتوافرة، وهو ما سيقلل من كلفة تنفيذ المشروع.
أما العقبة الثانية التي مازالت تعيق المضي قدما في تنفيذ المشروع، فهي عدم توافر المواد اللقيم الخاصة بتشغيل المشروع، وهذه المواد عبارة عن خليط من المواد السائلة والغاز الطبيعي، وهذا الأمر يتم بحثه الآن مع مؤسسة البترول الكويتية، لتوفير هذه المواد، حيث إن توفير هذه المواد مرتبط بمشاريع إنتاج الغاز الحر في شركة نفط الكويت، وحتى الآن لا توجد تأكيدات حول متى سيتم توافر كميات الغاز المطلوبة للمشروع، وإذا تم حل هاتين المشكلتين، فسيكون المشروع قطع شوطا كبيرا نحو التنفيذ.
وقد سعت شركة صناعة الكيماويات البترولية إلى أن يرى مشروع «الأوليفينات 3» النور في العام 2016، ولكن مع عدم التوصل لحلول للمشكلات التي تعترضه، فقد تم التأجيل، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من المشروع في الربع الثاني من السنة المالية 2019-2020، إذا ما توافرت التأكيدات حول توفير مواد اللقيم المطلوبة.. وسيكون المصنع بطاقة إنتاجية تبلغ 1.4 مليون طن ايثلين سنويا، وسينتج نحو 600 ألف طن سنويا من البروبيلين باستخدام الغاز ومدخلات التشغيل السائلة الأخرى، ونحو 600 ألف طن سنويا من الايثيلين جلايكول. والمصنع بهذه المواصفات يمثل الطاقة القصوى في الإنتاج العالمي، ما يجعل المشروع ضمن المشروعات الكبرى في هذا المجال عالميا، وتبلغ كلفته من 5 إلى 7 مليارات دولار، وذلك وفقا للشكل النهائي للمصنع.
تكامل
وبهدف تحقيق التكامل بين شركات القطاع النفطي يجري حاليا دراسة فرص التكامل بين مشروع «الأوليفينات 3» والعطريات الثاني، مع مشروع المصفاة الرابعة لشركة البترول الوطنية، حيث يهدف هذا التكامل إلى اختيار أفضل البدائل لمواد اللقيم اللازمة للمشروعين، ما يعظم القيمة المضافة للموارد الطبيعية ومشتقاتها الثانوية مثل الغاز البترولي المسال والنافثا.
ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من دراسة التكامل في شهر ديسمبر الجاري، ومن ثم البدء بمرحلة الهندسة الأولية والتفصيلية، وبعد ذلك الإنشاء على أن يكون تشغيل المشروع في الربع الثاني من السنة المالية 2019-2020.
فرص عمل
يُعد قطاع البتروكيماويات من القطاعات التي توفر فرص عمل متعددة لشباب الخريجين، ومن المتوقع أن يساهم مشروع «الأوليفينات 3» في توفير مجموعة من فرص العمل الجيدة، حيث من المتوقع أن يوفر ما يقرب من 1300 فرصة عمل لخريجي كلية الهندسة والعلوم، فضلا عن خريجي الكليات الأخرى.
ومن المتوقع أيضا أن يوفر القطاع مجموعة كبيرة من فرص العمل مع تنفيذ عدد من المشاريع الاستراتيجية التي تهدف شركة الكيماويات البترولية تنفيذها حتى عام 2030، ومنها بالإضافة مشروع «الأوليفينات 3»، مشروع العطريات الثاني.
أما عن الأسواق المستهدفة لتسويق منتجات المشروع، فمن المتوقع تسويق المنتجات في جميع أنحاء العالم، ولكن التركيز سينصب على دول جنوب شرق آسيا، كالصين والهند، لأنها أسواق كبرى، وتحتاج إلى العديد من المنتجات البتروكيماوية بشكل متزايد.