كتبت هازار يتيم:
أكد عدد من الشباب أن نشر فكر التنوير يجب أن يكون مهمة أولى من مهام المفكرين والمثقفين والإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، مشيرين إلى ضرورة مساندة ودعم علماء الدين المستنيرين له، انطلاقاً من النظر إلى الإنسان، باعتباره قيمة مركزية عليا، وأيضاً من أهمية تحكيم العقل في كل شؤون الحياة.
وأشاروا إلى أن البعض يعاني مرض التعصب والتشبث برأيه، ويرفض حتى مجرَّد النقاش والبحث في الرأي الآخر، ويعتقد بأن رأيه هو الحق المطلق، وهذا ما يسمى بالإرهاب الفكري، مؤكدين لـ«الطليعة» أن المجتمع العربي يشهد اليوم صعود قوى تتبنى حلولاً تقوم على الماضي، في حين أن مجتمعاتنا في حاجة ماسة اليوم إلى فكر التنوير، لعبور أوضاعها المتردية، وحلول الماضي لن تجدي نفعاً.
واعتبروا أنه من الصعب أن يكون فكرنا تنويرياً، بسبب ما تعانيه مجتمعاتنا من ظواهر التطرف الديني والمذهبي والتعصب والعنف والكراهيات المتبادلة، وهذا يرجع بالدرجة الأولى إلى تهميش فكر التنوير عن منابر التوجيه والتثقيف، وعدم وجود بيئة حاضنة من دون سند أو دعم له.
في البداية، قال مزيد حمد القصار إن البشر بطبيعتهم مختلفون، وكل واحد ينظر إلى القضايا الرئيسة من وجهة نظره الخاصة، وبما أننا مختلفون، فيجب أن نتحلى بسعة صدر لقبول الآراء الأخرى.
وأشار إلى أن التنوير قد يفهم على أنه قطيعة مع الماضي، لكنه ليس كذلك، بل هو أخذ الماضي والبناء عليه وتطويره وتغييره، إن استدعى الأمر، لافتاً إلى أن البعض يعاني مرض التعصب والتشبث برأيه، ويرفض حتى مجرَّد النقاش والبحث في الرأي الآخر، ويعتقد بأن رأيه هو الحق المطلق، وهذا ما يسمى بالإرهاب الفكري، ومن المؤسف أن هناك من لايزال يعيش بتلك العقلية الضيقة، ويريد فرض وصايته وآرائه على الآخرين.
مفهوم الإنسانية
من جانبه، شدد منصور كرم على أن التنوير يتمثل في تعليم مفهوم الإنسانية، من منطلق أن الإنسان أخ للإنسان، قبل أي دين أو مذهب، مبيناً أن مجتمعاتنا تشهد اليوم صعود قوى تتبنى حلولاً تقوم على الماضي، ويسود وهم كبير لدى الجماهير حين تراهن على تلك الحلول علاجاً لواقعها البائس، فيما مجتمعاتنا في حاجة ماسة اليوم إلى فكر التنوير لعبور أوضاعها المتردية، لأن حلول الماضي لن تجدي نفعاً، فضلاً عن تحرير العقل من عطالته، بما يشمل نقد العقل لنفسه، إلى جانب اكتشاف طاقاتنا الخلاقة الكامنة، فكرياً وعلمياً واختراعاً ومبادرة وإبداعاً ومهارة.
وأكد الحاجة للفكر والاطلاع، وخصوصاً بوجود الثورة الإلكترونية، التي أعتقد بأنها هي التي ستسقط القالب الذي نعيش فيه.
التطرُّف الديني
بدوره، اعتبر عبدالله تقي أنه من الصعب أن يكون فكرنا تنويرياً، بسبب ما تعانيه مجتمعاتنا من ظواهر التطرُّف الديني والمذهبي والتعصب والعنف والكراهيات المتبادلة، وهذا يرجع بالدرجة الأولى إلى تهميش فكر التنوير عن منابر التوجيه والتثقيف، وعدم وجود بيئة حاضنة من دون سند أو دعم له، في الوقت الذي يجد الفكر المناوئ للتنوير منابر وفضائيات ومنتديات وجماعات وأحزابا تدعمه وتروج له وتشحن قلوب وعقول الناشئة والشباب بفكر الكراهية للآخر وتقديس المراجع الدينية والأيديولوجية التابعة لها.
وأشار إلى أن نشر فكر التنوير يجب أن يكون مهمة أولى من مهام المفكرين والمثقفين والإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، إضافة إلى مساندة ودعم علماء الدين المستنيرين له، انطلاقاً من النظر إلى الإنسان باعتباره قيمة مركزية عليا، وأيضاً من أهمية تحكيم العقل في كل شؤون الحياة.
توعية إعلامية
من جانبه، لفت المحامي أسامة السند إلى أننا نحتاج إلى توعية يحمل لواءها الإعلام، وألا تمنع الكتب وإزالة الرقابة، بحيث لا يعود هناك شيء اسمه رقابة على الكتب والفن والمسرحيات، ونحتاج كذلك إلى أن تؤدي الكتب دوراً توعوياً في السياسة والفن، وكذلك يجب أن تكون التوعية شاملة، والاستعانة بمفكرين وإعلاميين من الدول الأخرى، وإقامة مراكز ثقافية وإعلامية وندوات للمساهمة في عملية الوعي.
أما عن دور الشباب في حركة التنوير، فإن من أكبر مهامهم أن يفتحوا عقولهم وقلوبهم لجميع التيارات السياسية والفكرية والثقافية والدينية والمذهبية وإزالة كافة الحواجز النفسية والمذهبية والأيديولوجية بين بعضهم البعض، لأنهم جميعاً أبناء وطن واحد، وكذلك على الشباب الاستماع إلى كافة وجهات النظر، والتمسك بآداب الحوار، وعدم تخوين أو تكفير أو اتهام الآخر.
تقبل الآخر
وقالت غيداء النقي إننا نحتاج إلى تقبل الناس على مختلف عقائدهم وتفكيرهم، بغض النظر عن خلافاتنا معهم، وعلينا في الوقت نفسه إخضاع كل ما نقرأه أو نستمع إليه للفكر النقدي وإعمال العقل، ففي ذلك التحصين الفكري الشافي من أمراض التطرُّف والتعصب وكراهية الآخر، كما أن علينا التمسك بمفهوم المواطنة، كانتماء أعلى فوق كل الانتماءات والولاءات، فالمواطنة هي الابن الشرعي لفكر الأنوار.
نبذ التعصب
من جهتها، لفتت نور التقي إلى ضرورة تقبل واحترام جميع الآراء ونبذ التعصب، لأن التعصب كفيل بتدمير المجتمع وضياع مستقبل أبنائه، عبر الانشغال بقضايا ليست أولوية في حياتنا، إذ علينا البحث في نقاط الالتقاء والتحاور والتشاور لإيجاد حلول توافقية تسير بنا نحو التقدم والمستقبل، وخصوصاً أن البحث في من محق بآرائه ومعتقداته بمنزلة ضياع وقتنا على أمور ثانوية، فيما القضايا الأساسية والرئيسة تحتاج إلى رعاية واهتمام ومناقشة وبحث ودراسة عميقة.
إعادة النظر بالدين
وكشف عبدالله الشمري ضرورة إعادة النظر في الدين بما تقتضيه المرحلة والعصر الذي نعيش فيه والخروج عن التفكير القاصر القديم، مشدداً على أن العاملين السياسي والمصلحي أدى دوراً أساسياً في تمزيق الأُمة وتعدّد طوائفها ومذاهبها، حيث يعتقد كل طرف بأن فهمه ورأيه هو الأصح والأصوب، ومن هنا بدأت بذور الانشقاق والتعدّد، وعلى أساس ذلك الاختلاف الفكري قد يحصل تعارض في المواقف السياسية أيضاً.
نضال ثقافي
وشدد ناصر دشتي على الحاجة إلى نضال ثقافي من دون الحاجة إلى تشريعات قانونية أو سياسية، لأن الإصلاح يبدأ من الثقافة ومتى ما صار لدينا حرية نقد وإعادة قراءة تاريخنا وتراثنا ومعتقداتنا الدينية والاجتماعية ستكون خطوة أولى للتنوير. وأضاف: نحن الآن متنورون، ولكننا لسنا تنويريين، ومازلنا نحاول التوفيق بين الدين والمواثيق الاجتماعية والحداثة، والعالم اليوم ذهب إلى ما بعد الحداثة، ونحن مازلنا نحبو إلى الحداثة.
واعتبر أن هناك حراكاً سياسياً واجتماعياً، موضحاً أن كل الاضطرابات التي نعيشها اليوم هي نوعاً ما صحية، لأن الحداثة والتنوير يحتاجان إلى تضحية ومحاولة الدفع بهذه الحراكات، لأن طريق التنوير والديمقراطية يحتاج إلى هذا الحراك، وبالتالي دورنا كمثقفين، هو النزول إلى الشارع، ومحاولة تبيان قيم الحداثة بشكل إنساني، وهذه هي البداية التنويرية.