
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية القادمة، المتوقع إجراؤها في صيف 2017، تشتد النقاشات في أوساط الرأي العام ودواوين الكويت بشأن المشاركة، أو استمرار المقاطعة، التي كانت واسعة في الانتخابات الأولى عام 2012 بنظام الصوت الواحد، إلا أنها تقلصت إلى حد ما في الانتخابات الثانية، بعد إبطال الأولى.
واشتد الجدل بين دُعاة استمرار المقاطعة ومؤيدي المشاركة بشكل مطلق أو بشروط أو بتمنيات، كاحتمال تكوين تحالفات أو تكتلات يكون لها وزن.
حالياً، اتسعت رقعة الجدل حول المقاطعة أو المشاركة، بعد تجربة السنوات الثلاث التي قضاها المجلس الحالي حتى الآن، حيث انحسر زخم الحراك الشعبي، الذي انفجر بشكل غير مسبوق عام 2011، إثر انكشاف فضيحة الإيداعات النقدية بملايين الدنانير في حسابات النواب المصرفية (13عضواً)، التي أثارتها الزميلة “القبس”، وكانت ردة الفعل بالاستنكار شاملة في أوساط الشعب الكويتي بجميع شرائحه.
والآن، تعيش الساحة الكويتية نوعاً من الهدوء، بعد الملاحقات التي طالت عدداً من الناشطين والمعبرين عن رأيهم في وسائل التواصل الاجتماعي، واشتداد القبضة الأمنية والاعتقالات، وصدور أحكام بالسجن للعديد منهم، وسحب الجنسيات التي طالت مَن أبدى وعبَّر عن رأيه السياسي، منتقداً الوضع العام.
أما بشأن المقاطعة أو المشاركة، فهناك جماعات سياسية مع المشاركة منذ الانتخابات الماضية، مثل السلف والتحالف الوطني الديمقراطي وبعض الشخصيات المستقلة المحسوبة على التيار الإصلاحي، ومن أبرز الآراء التي طُرحت في شأن المشاركة أو استمرار المقاطعة ما كتبه د.أحمد الخطيب في “الطليعة” والزميلة “الجريدة” الأسبوع الماضي، وهو رأي يحبذ المشاركة، مبرراً ذلك، بعدم ترك الساحة للمُفسدين من أتباع السلطة، وضرورة اختراق الحصار الذي فرضته.
ورأي د.الخطيب هذا ليس بجديد، فهو يرى ضرورة المشاركة، ووجود عناصر إصلاحية طيبة مستقلة عن نفوذ السلطة، أياً كان عددها، وقد يكون ذلك أحد الطرق لتعديل قانون الصوت الواحد.
وفي الجانب الآخر، المؤيد لاستمرار المقاطعة، طرح الأخ أحمد السعدون أخيراً رأيه في “القبس”، المبني على أساس مبدئي، باعتبار أن تعديل نظام الانتخابات بمرسوم الضرورة أمر مخالف للدستور، إذ لم تكن هناك ضرورة تشترطها المادة 31 من الدستور.
إذن، نحن أمام رأيين؛ السعدون يرى أن المسألة قضية مبدأ، فقانون الانتخابات عُدل بمرسوم لا تتوافر فيه شرط الضرورة، من ثم فهو مخالف للدستور، وآخر للدكتور الخطيب، يمكن تفسيره بأنه مبني على الجدوى، من ثم فإن استمرار المقاطعة من دون حراك شعبي واسع قد يصبُّ في مصلحة إطالة عُمر مجالس الصوت الواحد، أي أنه موقف ضعيف الجدوى، فيما اختراق هذا الحصار بمجموعة، مهما كان عددها، يمثل بداية الطريق لتعديل هذا القانون، كما حدث مع قانون 25 دائرة بصوتين إلى خمس دوائر بعشرة نواب لكل دائرة وأربعة أصوات لكل ناخب، وهو وإن لم يرتقِ إلى نظام الانتخابات النسبية، لكنه خطوة على الطريق السليم.
إن موقف المشاركة أو المقاطعة يجب أن يُدرس على أساس الجدوى، مقابل المبدأ، وأيهما الأجدى في حلحلة وتحريك الوضع السياسي الذي يخيّم عليه الركود.
وقد أشار د.الخطيب إلى تجارب سابقة، فبعد تزوير انتخابات 1967 كان هناك اختلاف حول المشاركة في انتخابات 1971 داخل التيار الوطني، فكان رأي مجموعة من التجار الإصلاحيين عدم المشاركة، وكذلك كان رأي مجموعة من التيار الوطني، بقيادة الراحل جاسم القطامي، تبنت رأي المقاطعة، وكلا الموقفين بُني على أساس أن السلطة تلاعبت بجداول الناخبين ضد المعارضة، في حين أن تيار د.الخطيب يرى خلاف ذلك، وفعلاً نجحت مجموعته المكوَّنة من أربعة أعضاء (أحمد الخطيب وأحمد النفيسي وسامي المنيس وعبدالله النيباري)، التي تحالفت مع مَن نجح من الأعضاء الإصلاحيين آنذاك، مثل: سالم المرزوق وبدر العجيل وعلي محمد ثنيان الغانم وناصر الساير ويوسف المخلد وبدر المضف ويوسف الرومي وعلي الحبشي، وشكلوا كتلة كان لها أثر كبير في مسار المجلس.
وقد اعتبرت بعض التحليلات أن مجلس 1971 كان أقوى المجالس وأكثرها إنجازاً، مثل الموقف من قضية النفط (تأميم الغاز وتعديل قانون المشاركة النفطية، ثم التأميم في المجلس اللاحق لعام 1975).
أنهى المجلس الثالث دورته البرلمانية، وجاء المجلس التالي عام 1975، إلا أنه تم حله في صيف العام التالي، وتم تعليق الدستور، تمهيداً لتنقيحه، حيث دخل البلد في حالة مماثلة لما نحن فيه الآن، فتمَّ تعديل قانون الانتخابات بمرسوم ضرورة اعتبر مخالفاً للدستور، لعدم توافر شرط الضرورة.
وعند الإعلان عن عودة العمل بالدستور وإجراء الانتخابات شاركت مجاميع من التيار الوطني في انتخابات عام 1981، التي شارك فيها الخطيب والقطامي ومجاميعهما، وكذلك أحمد السعدون وجاسم الصقر، وفقاً للتعديل الجديد للدوائر حينها.
ونجح مخطط السلطة في إسقاط مرشحي المعارضة، وعددهم ثمانية، بمن فيهم الخطيب والقطامي والمنيس ومحمد مساعد الصالح وعدد كبير من العناصر الإصلاحية.
ولأن الزخم الشعبي كان على درجة عالية من التفاعل، فقد كان له تأثير قوي، ما دعم موقف النواب الإصلاحيين حينها (جاسم الصقر وخالد الوسمي وأحمد السعدون ويوسف المخلد)، وأسقط الضغط الشعبي مشروع تعديل الدستور الذي تقدمت به السلطة.
وعلى الرغم من كل أساليب السلطة بالتلاعب في جداول الناخبين والواسطات والرشاوى، فإنها لم تستطع منع دخول العناصر الوطنية والإصلاحية لمجلس 1985، الذي لم تتحمَّله، وضاق صدرها به، فلجأت إلى حله، بعد أقل من سنتين من عمره.
نخلص من ذلك، أن موقف المشاركة أو المقاطعة يجب أن يكون قائماً على أسس واقعية، وعما إذا كان مفيداً أو لا، وليس على أساس المبدأ، الذي لو أسسنا عليه موقفنا، فإن الدستور الكويتي يُعد غير مكتمل بشروط الديمقراطية الصحيحة، التي أولها الملكية الدستورية، التي لا يتولى فيها أفراد الأسرة الحاكمة أي مناصب سياسية وإدارية، وهي تلتزم تطبيق القانون، لا واسطة ولا انتماءات فئوية أو قبلية أو مذهبية أو أسرية، وتجرم استخدام المال في شراء الذمم والأصوات، وتفرض عقوبة مشددة على المخالفين.
طبعاً، موقف المقاطعة يعتمد على انتظار هبَّة شعبية تعيد إلى الحراك الشعبي زخمه وتأثيره، فوضع الركود لا يمكن أن يطول، لكن الرهان على الزمن قد لا يكفي، وهو بحاجة إلى عوامل أخرى، مثل نضوج الوعي وتجاوز حالة الانقسام والتبعثر التي تواجهها الساحة الكويتية.
على كلٍ، النقاش حول الموضوع بفكر ناضج ومنفتح، ومن منطلق صادق يُعد أمراً إيجابياً.
المشاركة في الانتخابات القادمة من عدمها ؛ اطروحة في غاية الاهمية لمنتدى العمل الوطني و الحراك الشعبي السياسي الكويتي . هذا لا جدال فيه ، و لكن تهيأة الظروف الضاغطة من اجل تحقيق الحد الادنى من المناخ السياسي الموائم امر لابد منه للإختيارَين الموافقة او الممانعة للعمل النيابي ؛ فمن يرى ان دخول مجلس الامة في صورته الحالية من الصوت الواحد … اجدى ؛ لابد له من اسناد شعبي حتى يتمكن من تفعيل دوره الايجابي داخل المجلس نحو اعادة الامور الى نصابها الصحيح ؛ و كذلك من يرى ان مقاطعة العمل النيابي سيما في وضعه هذا … اجدى ؛ لا بد و ان يحتاج الى حراك شعبي يدعم هذه الممانعة حتى تؤتي ثمارها .. و الا اصبحت بدون معنى .
فإذن ، لا مناص من التعويل على الزخم الشعبي السياسي ، و ها هنا مربط الفرس ؛ فوضع النائب السابق مسلم البراك خير شاهد على سلبية التفاعل الشعبي الوطني . و إلّا كيف يُنسى هذا الرمز من رموز الحركة الوطنية المعاصرة … قابعاً في السجن دون ان تكون هناك ردة فعل موازية لهذا التعسف السلطوي تجاهه . لذلك من الاهمية بمكان فتح كثير من قنوات الاتصال من قِبل قادة الحراك السياسي مع شرائح المجتمع الكويتي كافةً . يتم من خلالها التعرف على احتياجاتهم الشخصية الضرورية ، و تفاعل اؤلئك القياديين مع تلك المتطلبات تفاعلاً ايجابياً يؤدي الى تعزيز ثقة عموم الشعب بهم ؛ و هذا يؤدي بدوره الى حشد تعاطف شعبي متزايد مع الطليعة الوطنية بحيث يؤول الى استناد تلك الحركة الى قاعدة شعبية عريضة تجعل السلطة تحت ضغط جماهيري مؤثر … تحسب له الف حساب . عندها يمكن لأيٍّ من الخيارين ان يكون ناجعاً ، لأن له جدوى !
سامحني على التعليق اللي بقوله لكن أنتم ليس لكم مبدأ ….! واللي ماعنده مبدأ ممكن يشتغل رقاصة يوما ما وحين تتكالب عليه الضغوط …!