المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.. شتان بين مدير ومدير

حمد الجوعان
حمد الجوعان

حمد الجوعان كان يعمل مع فريقه من الشباب الكويتي والعربي لتنفيذ القانون رقم 61/76، الخاص بالتأمينات الاجتماعية، عمل ليل نهار وفي ساعات العطل الأسبوعية، ليصار إلى تنفيذ القانون على الواقع من بداية الأساسات بأرض ممهدة من دون بنى في سباق مع الزمن باللوائح والنماذج والإحصاءات، وكان له وللفريق العامل معه ما أراد، والوصول إلى الهدف النهائي في 1 أكتوبر 1977، بإنشاء المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.. وبدأ التطبيق العملي للقانون بلوائحه وإجراءاته وإدارته دفعة واحدة، بداية لم تكن مألوفة على المستوى الإداري الكويتي، فقد كانت ولاتزال بداية مميزة بذرها السيد الجوعان، وضع إداري مختلف عما يشاهد في بقية الإدارات الحكومية الأخرى، من حيث التعامل مع الجمهور وتسهيل الإجراءات، إدارة ليس بها «تعال غداً»، أو الموظف المعني غير موجود.. إلخ، من المفردات في الإدارة الكويتية السائدة حتى يومنا هذا.

كانت متفردة في تسيير الأعمال وإنجازها وتسهيل وإنجاز مهام المراجعين.. واستمر السيد الجوعان في إدارته، ولم يتوقف عن التطوير والارتقاء بالعمل في ما يخص المتقاعدين، من حيث استكمال بعض القوانين أو تطوير الإجراءات وشمولية التأمينات.

اختلف مع رئيس المؤسسة اختلافا قاده إلى الاستقالة، بعد أن أسس البناء مع رفاقه على أسس سليمة.. خرج نظيف الثوب محملا بالسمعة الطيبة والناصعة على هذا الإنجاز، ودخل الحياة البرلمانية بعد ذلك، وكان له مواقف مميزة وجريئة كأداء برلماني، مستمراً في الحياة السياسية، حتى نالته أياد غادرة، بإطلاق النار عليه بعد التحرير.. ولايزال يعاني هذا الفعل الإجرامي.. السيد محمد لديه أرصدة بالملايين من السمعة الطيبة والنظافة وحب الوطن والمواطن، سمعة ليس من السهولة الحصول عليها.. وخرج بأيدٍ نظيفة، بعد أداء مميَّز في تلك المؤسسة.

مدير آخر

مدير آخر تولى بعده واستمر أكثر من عقد، وقتها زادت أموال مؤسسة التأمينات، بفضل المشاركة المالية وتنامي أموالها.. كثر الحديث عن المدير العام الجديد على مستوى الصحافة، حتى وصل الأمر إلى تقديم بلاغ للنيابة من داخل المؤسسة عن طريق عضو شجاع من مجلس الإدارة، لم يسكت أو يلتزم الصمت، وقدَّم بلاغا للنيابة منذ عام 2008، ومع ذلك استمر المدير الجديد في منصبه، غير مبالٍ بما قام به.. وبعد سنوات تكشفت فضيحة أموال «التأمينات» المسروقة والمدير الهارب، وفي الأسبوع الماضي نظرت محكمة الجنايات في قضية المدير العام السابق لمؤسسة التأمينات الاجتماعية، وحددت جلسة 28 أبريل المقبل، للنطق بالحكم، واستمعت هيئة المحكمة لمرافعة النيابة العامة بهذه القضية، حيث ذكرت أن المتهمين، وعلى رأسهم المدير العام السابق، داسا على الأمانة التي كانت في أعناقهما، وأن المدير العام السابق أكل أموال الناس بالباطل، على خلاف ما مثل من مظاهر الرفعة والتشدق بالوطنية وهو كبير المتهمين.

توارى المدير العام السابق عن الأنظار، متأبطاً ملايين الدولارات وعملات أجنبية في أكثر من مصرف، ولايزال مطارداً في بلده، حاملاً سمعة سيئة في استغلال منصبه.

ملاحظة أخيرة

قد تأتي الأموال، لكن لا يمكن شراء السمعة الطيبة والنبيلة في أي بقعة أو مكان من العالم.. وشتان ما بين مديرين، ممن تولوا مؤسسة التأمينات الاجتماعية، بين مَن ضحَّى ومَن سرق وهرب.

تبقى ملاحظة جديرة بالتوقف، فقد تم تخصيص مبلغ مالي لمن كلفوا إعداد قانون التأمينات الاجتماعية، للاستعانة بالمستشارين القانونيين، من داخل الكويت وخارجها، والمبلغ كان تحت تصرف السيد حمد الجوعان، وقد أعاد نصف المبلغ المخصص إلى الميزانية، بعد أن تمَّ صرف ما يستحق على المستشارين والزيارات الخارجية.. فللأموال العامة حُرمة ومسؤولية، وهذه هي القيمة التي تضاءلت في أيامنا الحالية.

(م.غ)

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.