لم يخفِ البعض شعوره بالفرح، لتفعيل المرسوم الصادر في نوفمبر 2012، بشأن إنشاء هيئة مكافحة الفساد، التي استغرقت وقتاً لا بأس به في تشكيل أركانها الإدارية ولائحتها التنفيذية وبناء هيكلها، بما يضمن تحقيق المهام الموكلة لها.
وقد باشرت الهيئة أعمالها، بتلقي عدد من حالات الفساد، مع حماية كاملة للمبلغين عنها، كما أنها بعثت لعدد كبير من المسؤولين بنماذجها، لتقديم كشوف عن ذممهم المالية، باعتبارهم ضمن الفئات التي تتولى مناصب قيادية، وعليهم تنفيذ هذا الإجراء، وإنذار بالمساءلة لمن لا يستجيب له.
وقد ظهرت شخصيات تتولى مثل هذه المناصب في صور صحافية وهي تتقدم بكشف عن ذمتها المالية.. لكن ما هي إلا أشهر قليلة من عمل الهيئة بموجب المرسوم الذي صدر، حتى نالها الإبطال الدستوري من المحكمة الدستورية في ديسمبر من العام الماضي، وتم إلغاؤها، مع تطييب خاطر كوادرها، بأن رواتبهم سيتم صرفها كما هي، بانتظار تعديل المرسوم ليصبح دستوريا، لكن مع تغيير في بعض المواد بالمرسوم السابق، بحيث يتم تقليص دور الهيئة وتضييق صلاحياتها.. وهكذا تقدمت الحكومة «المحروسة» بتعديل تلك المواد، والطلب من مجلس الأمة «العتيد» مناقشتها وإقرارها بصفة الاستعجال.
ومنذ ذلك التاريخ ساد السكون الهيئة، وغابت الصور حول تقديم إقرارات الذمم المالية، علماً بأنه ضمن الفترة السابقة للمرسوم السابق لم يتم تقديم إلا 30 في المائة من كشوف إجمالي عدد القياديين المخاطبين.. ومع إبطال المرسوم وتعديل القانون خبت نيران الهيئة بسطل من الماء، ولم يعد فيها سوى جمرات قليلة لا يرجى منها دفء، ولا حتى شعلة يُستفاد منها للطهو.. وعمَّ السكون والهدوء، وهكذا كان.
(م.غ)