ناصر العطار : هل مشكلة النادي العربي ثقافية؟

ناصر العطار
ناصر العطار

بعد أيام قليلة مضت على خسارة النادي العربي أخيرا أمام نادي القادسية في القسم الثاني من بطولة الدوري العام، التقيت زميلاً لي في العمل، وهو أحد مشجعي النادي العربي، سألته من دون مقدمات: ما الحل؟ فأجاب على الفور وبنبرة حزينة: “الانتخابات هي الحل الوحيد.. مجلس إدارة النادي يجب أن يرحل”.

وعلى الرغم من الكآبة التي بدت واضحة على ملامح حديثنا الوجيز، فإن عبارة “الانتخابات هي الحل الوحيد”، أثارت في مخيلتي إشارات لمعان وأسئلة، ربما لا يكون لها حصر.
لا شك أن ما قاله زميلي يمثل في المقام الأول رأيه الشخصي، ب بوجوب رحيل مجلس إدارة النادي العربي، حتى وإن اتفق معه البعض، لكن الإشارة إلى الانتخابات، ألا تعني الاحتكام إلى الديمقراطية؟ ألم تكن الديمقراطية تعبيراً عن ثقافة الكويتيين على مرّ الأوقات؟

ما الذي قامت به أغلب الحكومات المتعاقبة لتنمية وتطوير الثقافة الكويتية الديمقراطية منذ أن أصبحت المبادئ والقيم الديمقراطية دستورا مكتوبا ومتفقا عليه؟ ما حال ثقافة الاختيار والاختلاف في الرأي اليوم في الكويت؟

بعض كبار المسيطرين على القرار في الرياضة الكويتية، ومنهم رئيس النادي العربي الذي يترأس النادي منذ أكثر من عشر سنوات، يفتخرون باختيارهم من قِبل الجمعيات العمومية في الأندية والاتحادات التي يترأسونها، وأن هذا الاختيار من صميم الديمقراطية النزيهة!

حتى نتأكد من صحة هذا القول المكرر مع كل انتخابات رياضية علينا أن نتساءل عن شكل تسجيل أعضاء الجمعية العمومية في الأندية والاتحادات الرياضية، ومن هو الطرف الذي يشرف عليها.

إذا كان مجلس إدارة كل نادٍ واتحاد هو مَن يشرف على التسجيل، فكيف سيسمح لغير الموالين والمناصرين له من المنتمين والمشجعين للنادي أو اللعبة بالتسجيل في الجمعية العمومية التي ينبثق عنها اختيار مجالس الإدارات، ما لم يكن هذا التسجيل تحت إشراف وتدقيق جهة رياضية محايدة تماما؟
إذا كانت أسماء بعض المتوفين، وفق ادعاء بعض العارفين ببواطن الأمور داخل الأندية، يتم تسجيلها في بعض قوائم أعضاء الجمعيات العمومية، فكيف يكون الاختيار ديمقراطيا نزيها؟

قبل عدة شهور ظهر فواز الحساوي، الرئيس السابق لنادي القادسية في حوار تلفزيوني على قناة المجلس، يقول فيه اسم المتنفذ الرياضي الأكبر الذي يقوم بتعيين مجالس إدارات اتحادات رياضية يُفترض أن تكون منتخبة، فعن أي ديمقراطية نتحدث؟ ولماذا نستغرب عدم قدرة أو رغبة معظم الجمعيات العمومية الرياضية في محاسبة متخذي القرار، رغم النتائج الهزيلة التي تحصدها أغلب منتخباتنا الوطنية في الخارج قبل إيقاف الرياضة الكويتية بفعل فاعل كويتي؟

لو افترضت أن التسجيل في الجمعيات العمومية الرياضية يتم إفساح المجال فيها للكل من دون تمييز وتلاعب، أتساءل بصراحة عن شكل الثقافة الدارجة في الوطن الآن: هل هي مجردة بشكل نسبي من العواطف غير الوطنية التي لا تكترث ولا تبالي بالمصلحة العامة، أم هي مليئة بشكل واضح بالطائفية والعنصرية وبالجري خلف المال؟

إن رفض وزارة الشؤون عودة نادي الاستقلال، بينما توافق الوزارة نفسها على منح جمعية الإصلاح الاجتماعي صلاحيات واسعة فوق ما تملكه الجمعية أصلا من صلاحيات تقول الوزارة إنها جاءت ضمن إطار القانون، ألا يعكس هذا الأمر رؤية حكومية ترغب في تسيير، بل تكريس ثقافة أحادية على الساحة الوطنية مناهضة لتلك الثقافة التي نص الدستور على تنميتها وتطويرها والسير نحو مزيد من الحريات؟

لا شك في أن الانتخابات هي حل ناجح لتغيير الحال السيئ في النادي العربي، لكن هل نستطيع، كجمهور، لفت الأنظار، بإخلاصه للنادي العربي وبتشجيعه الحماسي له التحلي بثقافة الاستقلالية والاختيار الحُر؟ هل نستطيع، ككويتيين متسامحين نخشى الله في أنفسنا وفي أبنائنا وبناتنا القادمين، تغيير كل مجال يكاد يكون مهترئ الحال، بواسطة الانتخابات، من خلال مواجهة ثقافة التطرف والبغضاء التي تسعى الحكومة اليوم إلى تثبيتها أكثر فأكثر بأيدي حلفاء الأمس؟

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.