
كتب محرر الشؤون الاقتصادية:
كل يوم نسمع عن إجراءات جديدة، أو تشكيل لجان للحد من غلاء الأسعار والسلع من دون نتيجة تذكر، فمع كل لجنة أو إجراء جديد يتم الإعلان عنه، نجد الأسعار ترتفع أكثر فأكثر.
آخر هذه الإجراءات التي تم اتخاذها للحد من غلاء الأسعار المستفحل، تكليف من مجلس الوزراء منذ أشهر للجنة الخدمات العامة دراسة أسباب ارتفاع الأسعار، لاتخاذ التدابير اللازمة والكفيلة بضمان السعر العادل للمواد الغذائية الأساسية، والعمل على توفيرها، لتكون في متناول الجميع.
وجاء هذا الإجراء من قبل مجلس الوزراء، بعد شكاوى عديدة أثيرت في الشارع، وتذمر كبير من جميع فئات المجتمع حول ارتفاع أسعار العديد من المواد الغذائية، كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي سخطاً كبيراً من الجميع، بسبب الارتفاع الكبير في سعر المواد الغذائية.
وعلى الرغم من مرور أشهر على هذا التكليف من مجلس الوزراء للجنة، فإنه حتى الآن لم توضح هذه اللجنة الأسباب التي أدت إلى هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار، الذي أصبح يشكل واقعاً مريراً يعيشه المواطن والمقيم، على حد سواء، كما لم توضح حتى الآن الحلول والآلية التي يمكن اتباعها لضبط الأسعار ومراقبتها والعمل على مواجهة تداعيات التضخم في الأسعار.
ما الأسباب؟
المتابع لحركة أسعار المواد الغذائية في الكويت يجد أن هذه الأسعار ارتفعت بشكل كبير ومبالغ فيه خلال العامين الماضيين، وشعر الجميع بما تشهده أسواقنا في الآونة الأخيرة من ارتفاع في أسعار العديد من السلع الاستهلاكية الأساسية والخضراوات والفواكه واللحوم والأسماك، فيما يُشبه النيران التي تأتي على جيوب المواطنين والمقيمين، وهذه الظاهرة لها تأثير مباشر على القوة الشرائية للجميع، ما جعل المواطن والمقيم يعانيان ارتفاع أعباء المعيشة، وبات الجميع يتساءل: لماذا ارتفعت الأسعار في الكويت أعلى منها في بقية الدول الخليجية؟ فالكويت وبقية دول الخليج تعيش نفس الظروف من اعتمادها على الاستيراد بنسبة كبيرة لغالبية السلع والمواد الغذائية، وتأثرها بنفس الظروف، مثل التوترات السياسية في البلدان التي كانت تستورد منها السلع والمواد الغذائية والخضراوات والفاكهة.
وهذا كله يدعونا للتساؤل: إلى أين ستصل الأسعار؟ ومتى يمكن السيطرة عليها، في ظل الرقابة الهشة من قبل الجهات المسؤولة؟
الغلاء.. والدعم
بشأن زيادة الأسعار، أكد تقرير صادر عن بيت التمويل الكويتي (بيتك)، أن هناك زيادة كبيرة في أسعار السلع والحاجات الأساسية، مثل: خدمات السكن، والأغذية، والمشروبات، والكساء والملبس خلال ديسمبر الماضي (2015) إلى أعلى نسبة شهرية منذ عامين، وذلك رغم الدعم الذي تم صرفه إلى «مجموعة المواد الغذائية الأساسية في بطاقات التموين»، الذي فاقت قيمته 13 مليون دينار، بما يساوي 61 في المائة من دعم قيمته 21.6 مليون دينار صرفته الوزارة خلال أكتوبر، مشيراً إلى أن معدل الارتفاع السنوي للرقم القياسي العام لأسعار المستهلك وتكاليف المعيشة (التضخم) لعام 2015 سجل 3 في المائة.
ولا شك أن غلاء الأسعار يسبب مشاكل للدولة، مثلما يسبب مشاكل للمستهلك، فغلاء الأسعار يجعل الدولة مطالبة بمزيد من الدعم للسلع، لمواجهة هذا الغلاء، وهذا ما أكدته آخر بيانات وزارة التجارة والصناعة، فقد بلغت قيمة الإنفاق على الدعم 21.6 مليون دينار في أكتوبر، مقابل نحو 18 مليون دينار في سبتمبر، صُرف منها 13 مليوناً في أكتوبر، ونحو 11 مليون دينار في سبتمبر لمجموعة المواد الأساسية التموينية وحليب ومغذيات الأطفال، بالإضافة إلى نحو 8.3 ملايين دينار في أكتوبر، و7.2 ملايين دينار في سبتمبر صرفت لمواد البناء الأساسية.
وأشار تقرير «بيتك» إلى تزايد معدل الارتفاع السنوي في خدمات السكن، والأغذية والمشروبات والكساء والملبس إلى 3.4 في المائة في 2015، مقابل زيادة سنوية بلغت 2.5 في المائة عام 2014، ويعود ذلك إلى ارتفاع شهري ملحوظ في أسعار المواد الغذائية، وأسعار خدمات السكن خلال ديسمبر الماضي، كما تزايد نموها السنوي إلى 6 في المائة في ديسمبر 2015، مقابل نمو سنوي أقل كانت نسبته 5.7 في المائة في الشهر السابق له، و5 في المائة عام 2014.
ضعف رقابة
إن حقيقة ارتفاع الأسعار لا تغيب عن شعور المواطن والمقيم على أرض الكويت، ولاسيما في العامين الأخيرين، ويرجع ذلك إلى العديد من الأسباب، أهمها ضعف الرقابة من قبل الجهات المختصة، وعلى رأسها وزارة التجارة والصناعة، وكذلك اعتماد الاقتصاد الكويتي على السلع المستوردة في غالبية استهلاكه، إذ إن هذا الأمر يجعل نسبة كبيرة من التضخم تأتي من الخارج.
وترتبت على ارتفاع الأسعار تأثيرات كبيرة على العائلات، وخاصة من ذوي الدخل المحدود ومعاناة هذه الأسر وإثقال كاهلها بالمصاريف، بسبب عدم القدرة على الوفاء بمتطلبات الحياة، وهو ما دفع الكثير من الأسر إلى الاستغناء عن بعض الضروريات، كما كان لارتفاع الأسعار الكثير من التداعيات الاجتماعية الأخرى الخطيرة، لذلك لابد من مواجهة هذه الظاهرة، ليس في مجال المواد الغذائية فقط، إنما في كافة مناحي الحياة، مثل السكن والمواصلات والصحة والتعليم والكثير من الأمور الأخرى.