
تسبب فريق ليستر سيتي هذا الموسم في دهشة جميع محللي نقاد وعشاق كرة القدم بالمستوى الراقي الذي يقدمه، وكرة القدم السلسة والممتعة التي لا غبار عليها.
فلم يكن أشد المتفائلين والمتابعين للفريق يتوقع أن يكون موقع الفريق حتى بالنصف الأعلى من جدول الترتيب، بعد مرور 25 جولة على انطلاقة أغلى الدوريات الأوروبية.
وأجبرت الثعالب كل من يرتبط بكرة القدم، ولو بصلة بسيطة، على احترامهم والتصفيق عند مشاهدتهم، حتى لو كان الولاء لنادٍ آخر، فالفريق يقدم متعة هجومية لا تقاوم، حيث على غير العادة لا يتبع ليستر سيتي أداء دفاعياً بحتاً، كما هي حال الفريق الصغيرة، إنما الفريق وتحت قيادة المدرب رانييري يؤدي الدور الهجومي بشكل يمتع من يرغب بمشاهدة كرة القدم الحقيقية، فالفريق سجل حتى الآن 47 هدفاً، ويعد بذلك أقوى خط هجومي برفقة مانشسترسيتي، ولم يغفل الجانب الدفاعي، فلم يستقبل سوى 27 هدفاً.
من الأمور التي لا يختلف أبداً عليها عشاق كرة القدم، هي التعاطف مع الحصان الأسود (ليستر سيتي)، الذي يتصدر الدوري الإنكليزي، مبتعداً عن أقرب منافسيه توتنهام، بخمس نقاط كاملة تعدى مرحلة إثبات الذات، وجعل منا كمتابعين لكرة القدم ننتظر مباريات الفريق أسبوعاً تلو الآخر في الدوري الإنكليزي.
وأصبحت الأنظار تتجه نحو شهر مايو، حيث إعلان بطل الدوري الإنكليزي الممتاز، ويأمل الجميع، بلا استثناء، مشاهدة «الثعالب» على منصة التتويج، حتى لو كان منافساً مباشراً لعدة أسباب: تفوق ليستر سيتي على كبار الدوري؛
مانشستر سيتي وآرسنال وتوتنهام، الذين يعتبرون المنافسين لليستر على اللقب، كما يشير سلم ترتيب الدوري حتى الآن ولا نجد مبرراً لعدم التعاطف معهم، فتقديم كرة قدم ممتعة وتحقيق نتائج ممتازة شيء يستحق كل الاحترام والتقدير.
بالإضافة إلى أن فوز ليستر سيتي لن يكون مؤلماً لجماهير فرق كبيرة، كما لو كان الفائز فريقاً كبيراً آخر.
الكل يعشقه
حقيقة تاريخية أثبتتها البطولات بمختلف حجمها من كأس العالم حتى أكثر دوري مغمور، دوماً يتعاطف عشاق كرة القدم مع الحصان الأسود، لأنه وجه جديد لم يروه في هذه المنافسات من قبل، وليستر سيتي ينطبق عليه هذا الشرط، إذ كان الفريق مهدداً بالهبوط في الموسم الماضي، والآن يسير على خطى ثابتة لتحقيق الدوري الإنكليزي الممتاز أصعب دوري في العالم.
إثبات الذات أمام الرأسمالية
وقدم ليستر سيتي بإمكانات محدودة مواهب سيتحاكى عليها أجيال لمواسم عدة، كالنجم الجزائري رياض محرز، الذي يعد مرشحاً بقوة لنيل لقب أفضل لاعب بالبطولة هذا الموسم، وقد استقطب بتكاليف بسيطة لم تتجاوز المليون جنيه استرليني.
بينما نجد مانشستر سيتي وتشيلسي ومانشستر يونايتد تنفق الأموال هنا وهناك، وعلى الرغم من الأسماء الكبيرة المستقطبة، فإن الفرق كلها تعاني، وخير دليل على ذلك مباراة ليستر الأخيرة أمام مانشستر سيتي، التي تفوق لاعبو ليستر على السيتي في كل جانب من جوانب اللقاء.
وربما نستطيع القول إن مدرب الفريق رانييري استطاع تحقيق ما كان آرسين فينغر يريد تحقيقه طوال مسيرته مع آرسنال، لكن أثبت تفوقه عليه بكل تأكيد هذا الموسم، فشتان الفارق بين إمكانات الفريقين، ومع ذلك ليستر الأفضل ويقدم كرة قدم أكثر متعة.
لذا، يعد فوز ليستر سيتي بالدوري الإنكليزي ضرورياً، لأنه انتصار حقيقي لكرة القدم، وترك باقي الفرق الكبيرة بتاريخها وكبيره بميزانياتها المالية، مثل تشيلسي و«الليفر» واليونايتد والسيتي والآرسنال تتنافس وتتصارع على كراسي الصعود لدوري الأبطال الأوروبي.