
كتبت حنين أحمد:
على الرغم من أن الحركة الفنية النسائية في مجال الفنون التشكيلية برزت في ستينات القرن الماضي، لكنها اليوم تشهد نهضة كبيرة مع دخول أسماء جديدة من الفتيات، اللواتي اقتحمن هذا العالم، متحديات قدرة الرجل فيه والتفوق عليه في أحيان أخرى في الموضوعات والألوان والرسوم.
وقدَّم الفن التشكيلي الكويتي للساحة الفنية العربية العديد من الأسماء النسائية اللامعة في هذا المجال، كالفنانة ثريا البقصمي, والعديد من الأسماء، ممن ساهمن بشكل مباشر في إثراء الحركة التشكيلية العربية، بما قدمن من أعمال استطاعت نيل التقدير، وحصد العديد من الجوائز على المستوى العالمي.
واستطاعت الفنانة التشكيلية الكويتية إثبات وجودها على الساحة الفنية في الكويت بكل جدارة, وتميَّزت بأعمال فنية نالت العديد من الجوائز على المستويين؛ المحلي والعالمي, وأثبتت موهبتها، وأبرزت فنها، وتركت بصمة لها في مجال تفوقت فيه على الفنان الرجل، ليس فقط في الكويت فحسب, إنما على مستوى العالم.
قضايا المرأة
وتبنت الفنانة التشكيلية الكويتية العديد من القضايا الخاصة بالمرأة العربية بشكل عام، والخليجية بشكل خاص, فضلاً عن اهتمامها بالقضايا المصيرية والأحداث التي تجري من حولها, وحرصها على تسجيل عبق الماضي والتراث الكويتي القديم في لوحاتها, وكثيراً ما تحمل تلك الأعمال العديد من المشاعر الفياضة والأحاسيس الرقيقة التي تشعر بها الفنانة، وما يدور في عالمها.
تخطي القيود والعقبات
وعلى الرغم من التقيد بالعادات والتقاليد، وبعض القيود التي يفرضها المجتمع الكويتي، استطاعت بعض الموهوبات الكويتيات اقتحام هذا المجال.. فبعد أن كانت المرأة محور اهتمام الرجل التشكيلي، باتت أيضاً موضوع النساء الرسامات، حيث يعتبرن أكثر قدرة على تجسيد انفعالاتها وأحاسيسها ونقلها للمتلقي أكثر من الرجل.
جرأة تحكمها العادات
أما عن الجرأة في اللوحات التي تقدمها الفنانة التشكيلية، فليست بالكبيرة بحكم التقاليد، وفي هذا المجال تشير الفنانة شريفة دشتي إلى أن الفن التشكيلي عالم، بل حلم، ليس له حدود، والفنان يترجم إحساسه على شكل حزمة مشاعر لونية لا منتهية، في إطار العادات والتقاليد الكويتية، مشيرة إلى أن الالتزام ببعض الضوابط أمر لابد منه، ويعكس تربية الفنان في أعماله.
من جانبها، أوضحت الفنانة التشكيلية هنوف المنيفي، أنه بحكم العادات والتقاليد نحاول تسخير أعمالنا، كي تكون في حدود المعقول، وهذا هو الفن الحقيقي، أن يحاكي المجتمع، ويكون ذا فكرة متقبلة ورسالة هادفة.
ولفتت دشتي إلى أن النساء لم يكن في اللوحات التشكيلية مجرد بورتريهات تضم مجموعة من الخطوط والتشكيلات والمساحات والألوان والظلال، إذ نجدها لغة ناطقة عن الجمال.. وصورة شاملة لمفهومه، فنجد اللوحات الفنية لكبار الرسامين جسَّدت المرأة كطفلة وفتاة وامرأة ناضجة وحبيبة وزوجة وأم وجدة، لنبحر في عالمها بتصورات متنوعة تؤكد أهمية الجمال في الحياة.
المرأة في المشهد التشكيلي
وتعتبر المنيفي حضور المرأة في المشهد التشكيلي بمنزلة إلهام لإنجازات الفنان، يصفها عبر لوحاته، ويغوص في تفاصيل عالمها الجميل اللامنتهي، ليرسم باقة مختارة من الأفكار، باعتبار أن المرأة رمز الجمال والسحر، مشددة على أن المرأة هي سر من أسرار الكون وتجسيد حي للجمال البشري، وعلى مرّ التاريخ كانت ولا

تزال حواء مصدراً للحب وصورة تمثل الجمال، فالمرأة تعد نقطة جذب تجعلنا ننظر للأشياء من حولنا بمنظور مختلف، وتلونها بألوان الجمال.
وعمَّا إذا كانت المرأة نجحت في التعبير عن المرأة، من خلال رسوماتها، أكدت دشتي أن هناك عدداً من الرسامات التشكيليات نجحن في رسم المرأة، كنوع من التعبير عن المرأة ذاتها، من بينهن الفنانة المكسيكية فريدا كاهلو، التي قدمت مجموعة من اللوحات، بعد تعرضها لحادث أليم، لترسم نفسها وتنقل معاناتها.
وفي النهاية، تؤكد الفنانات الكويتيات أنه على الرغم من القيود التي تحد من إبداعاتهن وتطرقهن لموضوعات تعتبر خارجة عن المعروف والمألوف، فإنه لا بد من امتلاكهن جرأة أكبر في كسر القيود والحواجز والممنوع الذي رسمه المجتمع في التعبير عن قضايا حقيقية للمرأة، كالغربة في الزواج والطلاق، خصوصاً أن الرسم شأنه شأن المجالات الفنية الأخرى، بإمكانه أن يقدم معالجات ورؤى ناعمة ومحترقة، وبعيدة عن التجرد والابتذال.