
كتبت حنين أحمد:
بدأت وزارة الداخلية في 12 الجاري تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية، ودخوله حيّز التنفيذ، حيث أثار هذا القانون موجة واسعة من الانتقادات والمواقف الرافضة، كونه يحد من حرية التعبير والرأي، في حين ترى فيه وزارة الداخلية، أنه سيحد من نسبة جرائم الاحتيال التي تتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وبما أن فئة الشباب هي المعنية بالدرجة الأولى بهذا القانون، كونها الأكثر نشاطاً على مواقع التواصل الاجتماعي، كان لـ«الطليعة» وقفة مع مجموعة من الشباب والشابات، لاستطلاع آرائهم بعد بدء تطبيق القانون.
في البداية، أيَّدت إيمان العازمي هذا القانون، كونه وسيلة لحفظ كرامة الناس، فضلاً عن حفظ حقوقهم إزاء التجريح والتعدي على كرامتهم من قبل بعض الأشخاص، الذين يسيئون لهم، مؤكدة أن هذا القانون سيشكل رادعاً لهم، وبالتالي سيحسبون ألف حساب قبل الإساءة للآخرين، خوفاً من العقاب.
التضييق على الكلمة
من جهته، أكد عبدالله محمد، أن هذا القانون لا يشرّع، ولا يعكس مبدأ «حرية الرأي المكفولة» المذكورة بالدستور الكويتي، التي أكدتها جميع نصوصه، فنحن بدلاً من الدعوة إلى المزيد من الحرية والديمقراطية نعمل على التضييق على الكلمة وحرية الرأي والتعبير.
ولفت إلى أن مَن تربى وجُبل على الكلمة الحُرة لا يمكن لأي شيء أن يمنعه من قول كلمة الحق مهما كانت العقوبات.
تقييد للحريات
واعتبر إبراهيم العثمان، أن هذا القانون خطوة للوراء، ولا يأتي بما جاء به دستور الكويت في الأساس عندما ذكر في بدايته «وسعياً نحو مستقبل أفضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية، ويفيء على المواطنين مزيداً كذلك من الحرية».
وبيَّن أن تأثيره سيكون بالسلب على حرية الرأي والتعبير، خصوصاً بعد فرض غرامات وعقوبات شديدة على المواطنين، ما سينتج عنه تراجع كبير في مساحة حرية الرأي والتعبير.
من جانبه، أشار عبدالله المانع إلى أنه انطلاقاً من المادة ٣٠ من الدستور الكويتي، التي تقول إن الحرية الشخصية مكفولة، والمادة ٣٦، التي تشير إلى أن حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، والمادة ٣٩، التي تنص على أن حرية المراسلة البريدية والبرقيات الهاتفية مصونة وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبه الرسائل أو إفشاء سريتها.
وأضاف: «في ١٢ يناير ٢٠١٦، جاء قانون الجرائم الإلكترونية، لتقييد الحريات في العالم الافتراضي، بعد أن تم تقييد الحريات في عالمنا الحقيقي، حيث من الممكن بواسطته حبس إنسان، بسبب تغريدة أو إعادة نشر التغريدة «الريتويت»، لذلك من منطلق دستوري أرفض أي قانون مقيد للحريات أو يتدخل بالحرية الشخصيه لأي إنسان».
وكشفت آلاء حميدان عن تأييدها هذا القانون، كونه يأخذ بحقوق الناس ممن تأذوا من وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الوقت نفسه يضع حدوداً لمن يستخدمها بشكل خاطئ للتعدي على الغير.
كبت الحريات
بدوره، أكد علي بوشهري، أن قانون الإعلام الإلكتروني يُعد محطة جديدة من محطات كبت الحريات، والانتقاص من الحقوق المنصوص عليها بدستور الكويت، وهو نتاج استيلاء قوى الفساد على السلطة التشريعية.
وأشار إلى أن هذا القانون يذكرنا بالقوانين المعادية للحريات التي صدرت في مجلس 1967 المزور، خصوصاً في أيامه الأخيرة.
ولفت إلى أن المغزى من القانون، هو جعل كل مستخدم لوسائل الاتصال الحديثة مجرماً، من ثم تقوم السلطة بانتقاء من تود معاقبته، على إثر هذا القانون، وكذلك لضمان معاقبة كل صوت معارض فشلت السلطة في أن تنال منه بالقوانين الحالية، رغم كل المحاولات السابقة.
وشدد بوشهري على أن القوانين بشكل عام لا توجد لتكون شوكة بحلق مجتمعها، بل لتحميه، وتصون حقوقه ومقدَّراته، لهذا، فإنني أرى أن المجتمع الكويتي لن يخضع لما يُحاك ضده، فالصوت الكويتي المعارض الذي رفض الانصياع لدبابات صدام حسين سيستمر في رفض محاولات التحكم به، وفرض الفكر والرأي واللون الواحد عليه.
قانون مطاطي
وأوضح عزيز المطر، أن هذا القانون ينافي حرية الرأي والتعبير، التي تتبناها الكويت، كونها دولة تنشد الديمقراطية والحريات، كما أنه يتعارض مع دستور الكويت، الذي جاء في مادته الـ٣٦ (حرية الرأي والبحث….)، وكذلك يتعارض مع المادة ١٩ من العهد الدولي، الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي وقعت عليه الكويت.
وأضاف: «كما جاء بالدستور، أنه لا يجوز أن تتعارض قوانين الدولة مع المعاهدات والاتفاقيات الخارجية التي وقعت عليها الكويت، وتكون لهذه الاتفاقيات قوة القانون».
وأشار إلى أن هذا القانون يتعارض مع تطور الديمقراطية التي تنشدها الكويت، فيجب أن تزيد الحريات لدينا، وأن نتقدم إلى الأمام، لكن هذا القانون مع الأسف يعيدنا خطوات للوراء.
وقال: «لا يخفى على أحد أن هذا القانون مُطبق لدينا منذ فترة وسُجن على إثره عياد الحربي وغيره من الشباب، فكل الذي فعلوه أنهم زينوه بإطار قانوني مخزٍ مع الأسف».
وأشار إلى أن هذا القانون مطاطي، ويمكن أن يفسر بتفسيرات كثيرة وغير واضحة، مثل مادة انتقاد القضاء وازدراء الدستور والتأثير على العملة وغيرها.. كلها مواد يمكن استخدامها بشكل تعسفي، لجرّ الشباب على أي تغريدة أو تدوينة، وهذا ما عهدناه وشاهدناه من جهاز أمن الدولة، والقضايا التي رفعت على الشباب.
وختم المطر، قائلاً: هذا القانون عار، ونقطة سوداء جديدة في صفحة الديمقراطية الكويتية والمجلس الحالي، ويجب التصدي له.
وأد للحريات
وأوضح يوسف المالك، أنه بعد إقرار قانون الجرائم الإلكترونية للأسف نستطيع الجزم، بأننا نعيش في ظل حكومة لا تمارس دورها الحقيقي في بناء البلد، وحماية ثرواته، والحفاظ على وحدة مجتمعه، وتأمين تطبيق مواد الدستور، وعدم الإخلال بها، بل نحن نشهد عهد حكومة تستخدم كل قوتها وأدواتها، وتبدع في اقتراح قوانين تساعدها في وأد آخر ما تبقى من الحريات، التي كفلها الدستور الكويتي للشعب، لذلك نراها تقدم لنا قوانين تهدف إلى سلب ما هو مكفول للمواطن، مثل حرية التعبير والنشر والكتابة، لتسيطر على الرأي العام، ولا يكون هناك مجال للمواطنين لإبداء آرائهم، التي لا ترتضيها الحكومة، ناسفة بذلك كل ما تضمنه العملية الديمقراطية بالتحديد تعددية الرأي وحرية النشر بكافة أشكاله.
وأضاف: «من المؤسف، أن تتم الموافقة على مثل هذا القانون وإقراره في مجلس الأمة، الذي من المفترض أن يكون أعضاؤه ممثلين عن الشعب ومدافعين عن حرياته وحريصين على تشريع كل ما هو متوافق مع مواد الدستور، وحماية المال العام من العبث، ومراقبة أداء عمل الحكومة التنفيذي، لا أن يكونوا شركاء في تشريع القوانين التي ترسخ مفهوم الدولة البوليسية الإقصائية، مثل قانون الجرائم الإلكترونية الذي يعتقل المواطنين، لمجرد تعبيرهم عن آرائهم في مواقع التواصل الاجتماعي، بمختلف ما تحتويه من وسائل التعبير وإبداء الرأي، ولو كان أعضاء مجلس الأمة يمثلون الشعب في هذا المجلس الحالي فعلا، لتم إسقاطه وغيره من القوانين التي تعزز الانفراد بالسلطة وتخالف ما جاء بالدستور.