الشباب: نحن مَنْ قام بالثورات والساسة استثمروها

العصر الشبابي لن ينتهي
العصر الشبابي لن ينتهي

تحقيق: حنين أحمد
بعد 4 سنوات على انطلاقة أول حراك عربي شبابي في تونس، كيف ينظر الشباب إلى مستقبل العالم العربي، وما حدث بعد ذلك؟ وإلى أين اتجهوا؟ وهل أخفقوا في تحقيق الأهداف التي قاموا من أجلها بالثورات؟

في هذا التحقيق يقدم شباب الكويت لـ«الطليعة» رؤيتهم حول الثورات التي قامت وإلى أين ستتجه؟ وكم تبلغ نسبة نجاح التوجهات الإصلاحية التي نادى بها الشباب.

في البداية، رأى خالد العبيد أن ما يميز الربيع العربي، أن الشباب لم يكونوا فقط فاعلين على المستوى الميداني، بل أيضاً سياسيا وحزبيا، لذلك نستطيع القول إنها ثورة لها طابع شبابي محض.

وأشار إلى أنه بالنسبة للرؤية العامة لما حصل في الثورات، فهي إيجابية بالتأكيد، خصوصاً أنها اتسمت بطابع إصلاحي في الجانب السياسي، ولاسيما مسألة التحول الديمقراطي في المنطقة، واستبعاد نظرية الرجل المنقذ أو الحزب المنقذ، لذلك نشاهد أن المسألة الديمقراطية لم تعد حاجة ثانوية، بل هي رئيسة.

وتساءل: لكن إلى أين سوف تتجه الثورات؟ مجيبا: «لا أتصوَّر أنها تمضي في الطريق الصحيح، النموذج الوحيد الذي نعول عليه هو تونس، خصوصاً أن الانتقال الآمن للسلطة، هو خيار جميع الأطراف، على عكس ما حصل في بقية الدول».

وبيَّن أن السبب في ذلك يعود للنخبة السياسية التي ورثت الاستبداد من الأنظمة البائدة، وحجم ضحالة الخطاب السياسي، وافتقار الرؤية الموضوعية للأحداث، لذلك نشاهد عمليات انقلاب على النظام الديمقراطي، كما حصل في مصر، وانزلاق في الحرب الأهلية، مثل: سوريا وليبيا واليمن.

المشكلة الحقيقية

واعتبر العبيد أن المشكلة الحقيقية، في عدم وجود شخصيات ديمقراطية تستطيع التعامل مع السياسة، باعتبارها مجالا للتحاور والمساومة، وليست مجالاً لفرض الرأي الأوحد وتملك السلطة.

وأوضح أن الإعلام يصور ضآلة نجاح فرص الحراك العربي، وهذا غير صحيح، لأن الحركة الإصلاحية في الوطن العربي سوف تستمر، خصوصاً أن هذا الحراك له بُعد قومي، أي أن نجاح تجربة في بلد عربي ما سيكون له عائد على بقية الدول الأخرى، والأمر المهم في المسألة هو قبول الناس غير المسيسين لمسألة الديمقراطية، واعتبار الحقوق السياسية جزءاً من الضرورات الحياتية، وهذه الفكرة سوف تنمو بالضرورة، حتى يصل الناس إلى قناعة، بأنه لا حل للأزمة السياسية من غير نظام ديمقراطي متكامل.

الحروب الأهلية

وأشار إلى أن الأمر الآخر، هو الخوف المتكرر من الحروب الأهلية، ونمو الحركات الجهادية الإسلامية قائلا: «يجب أن نتعامل مع هذه المسألة بشكل جدي، لأن مثل هذا الخطاب يبرر استمرار الاستبداد، مقابل عدم الانزلاق في الحرب الأهلية، لذلك يجب على الشباب أن يكونوا قادرين على حسم مسألة الهوية، والتعامل مع الحالة الطائفية باعتبارها أزمة تفكك الدولة العربية.

وأكد العبيد أنه لا يمكن حل مسألة الطائفية من غير الاتفاق على هوية الجماعة السياسية، وهي الهوية العروبية التي تستطيع أن تعبر عن الحالة الطائفية والقبلية والجهوية، خصوصاً أن الوطن العربي يعاني أزمتين طاحنتين؛ أزمة الهوية والمسألة الديمقراطية، وحسم النقاش حول هذا الموضوع قد يؤدي إلى تخطي حالة الاستبداد السياسي في المنطقة العربية.

الفكر الثوري

وشدد إبراهيم النجادة على أن الفكر الثوري لا ينبع إلا من الظلم والإذلال الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وعادة في الدول العربية غير النفطية التي حُكمت بالحديد والنار في منطقة الشرق الأوسط خلال العقود الماضية.

وقال: «يجب التفريق بين ظروفها وظروف غيرها من الدول العربية، وعلى وجه الخصوص الدول الخليجية التي يكون فيها الشاب أفضل معيشياً وينعم برغد العيش والديمقراطية والحرية».

وذكر أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار عن أي دولة وعن أي شباب نتحدث، لكن في كل الأحوال، يجب أن يكون اتجاه التغيير في طريق مزيد من الحريات الاجتماعية والسياسية، لكي يكون الفرد قادراً على الإنتاج، ويكون إيجابياً في مجتمه ووطنه، من دون إفراط أو تفريط من جانب الحكومات أو الأفراد، ليكون هناك توازن بين الحقوق والواجبات.

وأكد أن فرص التوجهات الإصلاحية التي قام بها الشباب بما يلقب بالربيع العربي بعضها ذهب أدراج الرياح بين خلافات الساسة، وبعضها على لائحة الانتظار.. لذلك، فإن الحفاظ على أمن الأوطان واجب كل مواطن ينتمي لأي دولة قبل الولوج للثورة وكوارثها.

حالة انقسام

فيما لفت بشار السلطان إلى أن هناك انقساماً واضحاً أثناء معظم الثورات وبعدها.. فقسم من الشباب مؤمن بأن الثورة لن تحقق أهدافها، وهذا يعود بشكل أساسي إلى فقدان الثقة، والقسم الآخر، وهم المشاركون في تلك الثورات ومنظموها، ربما ينتهي دروهم فور انتهاء الثورة، بغض النظر عن تحقيق أهدافها من عدمه، فالاندفاع والعنفوان يغلبان الوعي السياسي، لذلك نلاحظ أن من يشعل ويغذي الثورات هم الشباب، ومن يتسيَّد الموقف هم الساسة المخضرمون.
أما في ما يخص التوجهات الإصلاحية للثورات، فاعتبر أن نجاح الثورة أمر نسبي، فكل حركة إصلاحية أو ثورة تعيش فترة من الفوضى، وبعد ذلك يصحح المجتمع مساره، وهذا يعتمد على مدى ثقافة المجتمع وتقبله للتغيير.

غياب الدور القيادي

ولفت عبدالعزيز الطواش إلى أن بداية الثورات كانت بالاتجاه الصحيح نحو إصلاح الوضع في البلدان التي قامت بها، لكن حالياً اختفت هذه الإصلاحات، بسبب الأدوات التي استخدمتها السلطة مع غياب الوعي من قبل الشباب في كيفية مواجهة تلك الأدوات وغياب الدور القيادي، وأيضاً تغليب بعض الثوار مصلحتهم الشخصية على مصلحة الوطن والثورة.

وبيَّن أنه لا يوجد نجاح للإصلاحات الشبابية بعد إخماد الثورة من قبل السلطة، بل زادت القرارات القمعية والسيطرة على نقاط القوة للثورات، ففرصة النجاح تكون ضئيلة جداً، ونستثني طبعاً تونس في إنجاح بعض الإصلاحات.

الأرضية الصالحة

وأوضح مساعد الصقر، أنه ليس لدينا الأرضية الصالحة لإقامة الثورات بالوطن العربي، حيث فشلت جميع الثورات، باستثناء الثورة التونسية، ويعود هذا الفشل إلى عدم توحد الآراء قبل إقامة الثورات، بل إقامتها من دون وجود خطة مسبقة يتم من خلالها التطبيق الفعلي لكلمة ثورة، ومن أهمها تطبيق الديمقراطية التامة بين جميع المواطنين، من خلال إسقاط أنظمة الحكم القمعية، وتحقيق الازدهار الفعلي للدولة التي تقام بها الثورة، ولنا من الثورة الفرنسية خير مثال للثورة الناجحة ذات الخطة المستقبلية التي تحدد توجهها.

وأضاف: «إن فرص نجاح الثورات في الوطن العربي من الممكن أن تصل إلى درجة العدم، وإذا استمر الثوار بنفس النهج المقام حالياً فلن تنجح أي ثورة إطلاقاً».

انتفاضات متعددة

وقالت فجر الخليفة: «لا أراها ثورات عربية، بل ثورة واحدة بانتفاضات متعددة، بدءاً من تونس، وانتهاء باليمن، مروراً بمصر وليبيا والمغرب والسودان والأردن وسوريا والكويت والبحرين وفلسطين. ولكي نتمكن من الإجابة عن سؤالكم، فإننا نحتاج إلى أن نعرّف هذه الثورة وماهيتها، علامَ كانت ولماذا؟».

وأضافت: «الثورة كانت على النظام السياسي العربي القائم كله، على مسلَّماته، من سياسات وأفكار وقيم سائدة، وعلى أدواته في السيطرة على المجتمع، وسد كل منافذ العمل المدني والاجتماعي والسياسي وفي انتهاك الحقوق، وعلى محرماته، من حريات سياسية واجتماعية ودينية، وعلى ارتهانه لقوى أجنبية تنتهك سيادة الأرض وتعبث بالاقتصاد وتسرق ثرواتنا الطبيعية، قوى لا تريد الخير للوطن العربي».

اختلاف المسارات والأجندات

وتابعت: «من هنا بدأت الثورة العربية، واتخذت مسارات مختلفة، باختلاف الأقطار.. فقد كانت ثورة شاملة سلمية في تونس ومصر وسوريا وليبيا، مع دعوات صريحة لإسقاط النظام، في حين كانت الانتفاضات في الأردن والكويت والمغرب وفلسطين بأجندات إصلاحية ديمقراطية، من دون التعرض للنظام ورموزه، واختلفت النتائج باختلاف المسارات».

وأشارت إلى أن الثورة في تونس تسير ببطء وثبات، لكنها تسير على الأقل وهي في المقدمة، في حين تلوَّثت انتفاضة ليبيا بالناتو والعسكرة، واختطفت سوريا من قبل عصابات المسلحين، سواء من مؤيدي النظام، أو من مناهضيه، وهكذا تتراوح الأوضاع وتختلف باختلاف المسار.. فمنها الجامد الميت، بفعل استعمال القمع والقوة المفرطة من الأنظمة الحاكمة، ومنها من وصل إلى مرحلة الاقتتال الأهلي، كحال سوريا والعراق وليبيا.. وتكاد كل الانتفاضات العربية تنتمي لأحد هذين المسارين.

صورة قاتمة

أما إلى أين تتجه الثورات العربية؟ فأكدت الخليفة، أنه إلى مكان أفضل بالتأكيد، رغم كل شيء، وإن كانت الصورة المصغرة تبدو شديدة القتامة، مع تفاصيلها المرعبة، من الاقتتال الأهلي والمتشددين الإسلاميين وظهور «داعش» والغزاة الأميركيين والروس والإيرانيين في مسار، ومع الجمود والمعتقلات والملاحقات السياسية في مسار آخر.
ورأت أن الصورة الكبرى تبدو أفضل، لأن ما نمر به يمثل من وجهة نظري مراحل لابد من خوضها، للعبور نحو الحرية والمجتمع الديمقراطي المتعدد والعدالة الاجتماعية.. و«لأننا بدأنا المسير، فسنصل بالنهاية هذا مؤكد».

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.