محمد الغربللي:
أعتقد أن من أكثر الأجهزة التي تعمل بشكل مستمر ومتواصل في الدولة، هو جهاز النيابة العامة، من جراء ما يتم التحويل إليه من جرائم بأشكال متنوعة وباستمرار دائم.
فخلال أيام نشرت الصحف اليومية قيام وزير التربية وزير التعليم العالي د. بدر العيسى، بتحويل 270 حالة تزوير لشهادات جامعية ودرجة ماجستير ودكتوراه لعدد من المواطنين حصلوا عليها بالتزوير أو من جامعات ومعاهد عُليا تمنح مثل تلك الشهادات، لقاء مبالغ مالية معينة.
النيابة العامة ستقوم بالنظر في تلك الدعاوى والتحقيق فرداً فرداً مع مَن قام بتزوير شهادته.. وقد تأتي قوائم أخرى لأسماء تحمل مثل تلك الشهادات المزورة.
خبر آخر نُشر الأسبوع الماضي، وفيه «قامت البلدية بتحويل عدد من الكفالات المصرفية المزورة الى النيابة»، وفقا لما أوردته صحيفة الراي الكويتية في عددها الصادر يوم الأربعاء الماضي، مضيفة أنه يجري التدقيق في بلدية الكويت على 40 ألف كفالة مصرفية، لمعرفة أي من هذه الكفالات صحيح، وأيها مزور، وبعد عملية التدقيق سيتم تحويل أصحابها إلى النيابة العامة مباشرة، من دون المرور بتحقيقات البلدية الداخلية اختصاراً للوقت.
مؤسسة الموانئ، أيضا، تحيل للنيابة العامة شكواها المقدمة ضد إحدى شركات الشحن والتفريغ العاملة، من جراء اعتراضاتها على فسخ العقد المبرم معها.
هذه الأخبار منشورة في يوم واحد من الأسبوع، وجميع تلك القضايا محوَّلة للنيابة، لكي يجري التحقيق فيها.. يُضاف إلى ذلك حالات الجرائم المختلفة، من تهريب المدخرات التي زادت في السنوات الأخيرة، إلى القتل العمد، وغيرها من الجرائم الأخرى.
من جهة أخرى، دخل يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي قانون جرائم تقنية المعلومات حيّز التطبيق، ومن شأن ذلك زيادة الدعاوى والقضايا المحوّلة إلى النيابة العامة، هذا خلاف قضايا قانون المطبوعات والنشر، الذي تعمل به وزارة الإعلام، والقضايا ذات الصبغة السياسية.. وعلينا أن نتخيَّل حجم الثقل الكبير الذي يحيط أعمال النيابة، من جراء تكاثر الدعاوى والقضايا، وحالات الجرائم المختلفة والمتزايدة بشكل كبير.
هذا يقودنا إلى ضرورة وضع كوابح على الحالات التي يتم تحويلها للنيابة، أو فرض نوع من الوقاية، كتفعيل هيئة مكافحة الفساد، التي جرى تعديل عدد من موادها، ومن شأن هذا التعديل نزع الكثير من الصلاحيات التي منحها لها القانون السابق.
الهيئة بقانوها القديم وبنائها الإداري الذي كانت عليه طوال أكثر من سنة، من شأنها أن تكون كابحاً ووقاية ضد تكاثر مختلف حالات الجرائم التي يشهدها البلد، وقرار مجلس الأمة بالموافقة على التعديلات التي طرأت عليها، يجعل الهيئة شبه مقيَّدة وذات سلاح ضعيف في مواجهة حالات الفساد وكبحها، وإيقاف نزيف الفساد الذي استشرى في البلد، وما التحويلات إلى النيابة العامة المثقلة بالقضايا، على اختلاف أنواعها، إلا نتيجة للحالة التي نعيشها ويعانيها البلد.. وما لم تكن هناك إرادة سياسية قوية وأمنية لمواجهة الفساد، بتوفير كافة الإمكانات والسبل لهيئة مكافحة الفساد، فإن حالنا ستستمر على هذا النحو، وستزداد القضايا لدى النيابة وتتكاثر.. فحتى المستشفيات الحكومية لم تخلُ من التزوير!