
هدى أشكناني:
دائما ما يتردد، أن الفن التشكيلي بخير، ما دام سامي محمد موجودا، كانت لديَّ الرغبة في معرفة هذه الشخصية، التي تعمل بصمت وهدوء، عهدي به أول مرة في معرض للفن التشكيلي.. كنت أترقبه بحذر، كان لديَّ فضول كبير، لاكتشاف روح هذا الفنان.. لا أعتقد أنني التقيته مرة في معرض أو ندوة ولم يكن مبتسما، الابتسامة والثقة لا تفارقان محياه غالبا، وهو الأمر الذي شجعني لكي أقابله وجها لوجه.
إنسان حقيقي قبل كل شيء، كيف يمكن لفنان عالمي أن يستقبل الشباب ويقدم لهم العون وهو من هو في ما وصل إليه؟!
أذكر أنني حينما قابلته في أحد المعارض الفنية كان لطيفا ودودا، وحدثني مطولا عن جريدة «الطليعة»، ودورها التاريخي.. لم يتوقف عند ذلك، بل امتد الحوار للثقافة والفن والشعر، كان من الفنانين الذين تستهويهم الكلمة، قال لي مرة: «الشعر ترجمان الفنان»، وكأن الشعر والفن مكملان لبعضهما.
أعماله الفنية لها خط منفرد وفكر خاص لا يتقنه سواه، اتخذ من النحت وسيلة ليبدع ويقدم أعمالا لها بُعد إنساني شفيف، يسترجع في ذلك العهد الخالد الذي كان في زمان الشيخ المغفور له عبدالله السالم، وتخليدا له قدم محمد عملا نحتيا ضخما عام 1972 لا يزال موجودا في دار الرأي العام القديمة.
لم يكتفِ سامي محمد بأعمال نحتية ضخمة، بل كانت له مشاركات في معارض كثيرة مشتركة قدم فيها مجموعة رائعة من المنحوتات التي تحمل فكرا صادقا، استخلصها مما يدور في العالم، سواء أكانت تخص قضايا إنسانية أم اجتماعية، إحدى منحوتاته وجهها للشعب الفلسطيني ومأساة صبرا وشاتيلا، وأخرى عن الهجرة والجوع.
كانت ولا تزال قضايا الفكر والحرية، هي الهاجس الأكبر الذي يعمل عليه سامي محمد.
فاز أخيراً بجائزة الدولة التقديرية لعام 2015، وهو أمر مستحق لفنان كرَّس جهده وفنه لخدمة قضايا إنسانية بتصوير فريد ومميَّز.