«الرمح من أول ركزة».. ومشاريعنا سمتها وعود وتواريخ

مشروع المستشفى
مشروع المستشفى

محمد الغربللي:
تابع القاطنون في جنوب السرة عمليات بناء مستشفى جابر التي كانت تتم على مدار سنوات، منذ عملية الحفر والتشوين وحتى ظهور المبنى بشكله الحالي، ولاتزال رافعات البناء مستمرة حتى هذه الأيام، رغم صدور عدة تصريحات وزارية تفيد بأن التسليم سيتم في نهاية العام الجاري، لكن رافعات البناء واستمرار العمل لا توحي إطلاقا بموعد تسليم البناء، وهذا أمر اعتدنا عليه في جميع مشاريعنا مؤخراً، فالتأخير بتبريرات متعددة هي السمة الغالبة عليها.

سيرة المشروع

أوردت صحيفة «القبس»، في عددها الصادر 18 ديسمبر الجاري، خبرا مفاده أن «وزير الأشغال العامة علي العمير طلب عقد اجتماع عاجل مع رئيس شركة المقاولون العرب، للوقوف على أسباب التأخير في مشروع مستشفى جابر الذي تنفذه الشركة، وقال مصدر مسؤول في الأشغال إن الوزارة أبلغت وزارة الصحة بأن مستشفى جابر لن يسلم في الموعد المحدد وهو نهاية شهر ديسمبر الحالي، موضحاً أنه -أي المشروع- يحتاج إلى 6 أشهر أخرى للانتهاء من الأعمال الخاصة به، ومن المقرر أن يسلم لوزارة الصحة في يونيو المقبل».

هذا الخبر يؤكده وجود رافعات البناء التي تشاهد عيانا كل يوم وهي تقوم بأعمالها، ما يؤكد بدوره أن موعد التسليم لن يتم في نهاية هذا الشهر. العجيب أن هذا المشروع اكتسب طابع التأخير منذ بداية تقديم أوراقه إلى المناقصين لتنفيذه، ومنذ عهد الوزير الأسبق لوزارة الاشغال العامة فاضل صفر.. في البداية كانت كلفة المشروع 270 مليون دينار وفق تقديرات المستشارين ووزارة الأشغال، ثم طرح على الشركات، وكان أقل سعر يبلغ 303 ملايين دينار لشركة كويتية – كورية.. المناقص الثاني في السعر كانت شركة المقاولون العرب التي قدمت سعر 330 مليونا.

وأعادت وزارة الأشغال المناقصة مرة أخرى، ووضعت شروطا جديدة كانت مثار خلاف بينها وبين لجنة المناقصات، لكنها -أي الوزارة- مضت في طريقها، وتقدمت الشركة الثانية في العطاء الأول، والبالغ 330 مليون دينار، بسعر جديد بلغ 303 ملايين، وهو سعر الشركة في المناقصة الأولى ذاته، وفي النهاية تم توقيع العقد مع «المقاولون العرب» في نوفمبر 2009، وكان رئيسها في ذلك الوقت المهندس إبراهيم محلب، الذي أصبح رئيس مجلس الوزراء في عهد الرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي.

مدة تنفيذ المشروع تستغرق 4 سنوات، وهذا يعني أن المستشفى يفترض أن يتم إنجازه في نهاية عام 2013.. ومنذ عام 2010 بدأ التلكؤ في التنفيذ، وعقدت عدة اجتماعات «حامية الوطيس» مع رئيس شركة المقاولون العرب قبل توليه المنصب الوزاري أو رئاسة الوزراء.

وصرح مهندس المشروع من قبل وزارة الأشغال علي ندوم، في وقت سابق، بأن «أسباب تأخير السير في المشروع وفق المخطط الزمني تعود إلى عدم توفير أعداد العمالة اللازمة، ومشاكل عائدة للمقاول، وأخطاء في التصميم، وروتينية الأجهزة الرقابية..».

المحصلة النهائية

في المحصلة لابد أن تكون هناك تبريرات بصورة أو أخرى، لكن النتيجة النهائية، و«الزبدة» كما يقال، تتلخص في أن الشركة التي أسند إليها إنجاز المستشفى لم تلتزم بالموعد المقرر وهو نهاية عام 2013، وفوق البيعة إن لم يعجبكم، مر عام 2014، كاملاً، وأيضا لم يتم الإنجاز، ودخلنا عام 2015 الحالي، وصدرت عدة تصريحات «تبشر» بالإنجاز النهائي، فقد ذكرت وكالة الأنباء الكويتية كونا في 2015/8/1 إعلان وزير الأشغال العامة وزير الكهرباء المهندس أحمد الجسار أن «وزارة الأشغال سوف تسلّم مستشفى جابر إلى وزارة الصحة نهاية عام 2015»، لافتا إلى «وجود أعمال هامشية لم تنجز، لكنها لن تؤثر على سير الأعمال في المشروع».

من جانب آخر، ذكرت صحيفة الجريدة، في عددها الصادر 10 أكتوبر الماضي خبرا يقول: «كشف وكيل وزارة الصحة د. خالد السهلاوي أن الوزارة قدّمت إلى مجلس الوزراء عرضا مرئيا تضمن خطتها لتشغيل مستشفى جابر الأحمد»، وأضاف أن «العرض تضمن شرحاً وافياً عن تشغيل المستشفى عقب تسلمه من وزارة الأشغال العامة نهاية العام الجاري أو مطلع العام المقبل».

لدينا إذن تصريحان، الأول من المسؤول الأول على إشراف تنفيذ المشروع ممثلا في وزير الأشغال، والثاني من مسوؤل كبير متحدث باسم الجهة التي ستقوم بتشغيله بعد عملية الإنجاز، الأول يتحدث عن قبل الموعد المقرر لإنهاء المشروع بخمسة أشهر، ما يعني أن الرؤية يجب أن تكون في منتهى الوضوح عن الأعمال التي تم إنجازها أو تلك المقرر اتمامها في الخمسة أشهر الباقية من هذا العام.

والتصريح الثاني يتحدث عن مدة قبل ثلاثة أشهر من انتهاء السنة، معلنا الاستعدادات لعملية الاستلام والتشغيل لمرافق المستشفى، وهذا يعني عملياً توفير الكادر الطبي والتمريض وبقية الكوادر الفنية الأخرى لدخول مبنى المستشفى والبدء بتشغيله، ويعني أيضا أن هناك مبالغ ممثلة في رواتب تم صرفها على تلك الكوادر بانتظار التسليم وانطلاق صافرة العمل، وقد تكون هذه الكوادر الطبية موزعة على عدة مستشفيات قائمة بانتظار وعود وزارة الأشغال.

ولكن كما قلنا سمة التأخير التصقت بكل مشاريعنا، فمثلنا الشعبي يقول «الرمح من أول ركزة»، ومشروع المستشفى منذ بدء المناقصة جرى تعطيله واستمر من سنة لأخرى، وبدلا من أن يتم التنفيذ خلال أربع سنوات من تاريخ توقيع العقد، امتد إلى ست سنوات ونصف، ولا أحد يسأل أو يستفسر.. وهذه هي حال مشاريعنا.. تمضي بين وعود وتواريخ لا نهاية لها.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.