
كتب: محرر الشؤون المحلية
فصلت محكمة الاستئناف في قضية تفجير مسجد الإمام الصادق بتأييد الحكم الصادر من محكمة الجنايات، والقاضي بإعدام المتهم الأول عبدالرحمن عيدان، الملقب بــ«أبي الحارث»، وألغت إعدام المتهم التاسع فهد فرج، الملقب من قبل جهاز أمن الدولة بـ«والي داعش»، وعاقبته بالحبس 15 سنة.
وقضت المحكمة بإيقاف نظر الاستئناف المرفوع من النيابة العامة ضد 5 متهمين، والذين عوقب 3 منهم بالإعدام أمام محكمة أول درجة، لحين انقضاء ميعاد المعارضة، أو صدور حكم في موضوعها، وانقضاء ميعاد الاستئناف، لأن الحكم الابتدائي الذي صدر بحقهم كان غيابياً.
كما أيَّدت محكمة الاستئناف أحكام البراءة بحق 14 متهما، بينهم صاحب المركبة التي استخدمت في نقل المتهم الذي فجَّر نفسه (فهد القباع)، وألغت براءة متهمة وحبسها مدة 5 سنوات، وألغت حبس ابنة «والي داعش» وقضت مجددا ببراءتها، وتعديل الحكم بحق متهمين آخرين، وقضت بحبسهما بين 5 سنوات و15 سنة، وحبس آخر مدة سنتين، وتأييد الحكم في ما عدا ذلك.
وقضت المحكمة بعدم جواز استئناف المدعين بالحق المدني للحكم الصادر بإحالة الدعاوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة، كما قدرت مبلغ 1000 دينار للمحامي المنتدب للدفاع عن المتهم الأول، و500 للمحامي المنتدب للدفاع عن المتهمين الثالث والعشرين، والرابع والعشرين.
وقالت محكمة الاستئناف، في حيثيات حكمها، الذي جاء في 64 صفحة، «إنه قر في يقينها أن المتهم الأول سيطرت عليه مفاهيم دينية خاطئة وشاذة ومتشددة تقوم على كراهية المذهب الشيعي، ومن ينتمي إليه»، مشيرة إلى أن الانتماء لتنظيم داعش هدفه تقويض السلم الاجتماعي وإثارة الذعر وإراقة دماء الأبرياء.
أدلة الثبوت
وأكدت حيثيات الحكم أن المحكمة، وبناء على ما تقدم من أدلة ثبوت، تطمئن إلى أقوال المتهم الأول بتحقيقات النيابة العامة وسائر الأدلة الأخرى، والتي يتأكد معها أن المتهم الأول عبدالرحمن عيدان اشترك بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة في جريمة استعمال مفرقعات بقصد قتل أشخاص وإشاعة الذعر بين أبناء الطائفة الشيعية، ونتج عن ذلك موت 26 شخصاً، وكان عالماً بماهية حزام المفرقعات الذي يرتديه المتهم فهد القباع الذي فجر نفسه بحزام ناسف في المسجد، وانقضت الجزائية بحقه لوفاته.
وتابعت المحكمة ان «المتهم تواصل قبل الواقعة مع صديقيه المتهمين الخامس والسادس على تفجير أحد المساجد في البلاد، ثم تواصل مع المتهم الثاني لتحقيق هذا الهدف، وبايع أمير تنظيم داعش، وساعد على وقوع الجريمة، بأن رصد الحسينيات والمساجد الشيعية، واختار من بينها مسجد الإمام الصادق لكثرة مرتاديه، ثم اتجه إلى منطقة النويصيب، وتحديدا خلف سوق رحال، عالما أن بداخله حزام المفرقعات، ثم ذهب إلى فندق كراون بلازا في الفروانية فجر يوم التنفيذ، حيث التقى المتهم فهد القباع القادم من السعودية، وكان حذرا، إذ رفض استقباله في مطار الكويت، خوفا من تواجد الشرطة هناك وكاميرات التصوير».
وزادت: «نظرا لخطورة السلوك، فإن القانون يعاقب على مجرد إتيان السلوك الخطر دون انتظار النتيجة، فالجريمة هنا من نوعية الجرائم التي لا نتيجة لها، مثلها مثل جريمة الامتناع عن التبليغ عن جرائم أمن الدولة».
ولفتت إلى ان «مؤدى ذلك ان تلك الجريمة لا تندرج ضمن جرائم الضرر التي يتطلب فيها القانون حدوث ضرر معين، مثل جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال، ذلك أن جريمة المساس بسلامة البلاد، نظرا لخطورتها، ولأنها حق جوهري للدولة يتعلق بكيانها، فهي تهدد نظام الحكم والسلم الاجتماعي، وتنذر بفوضى تكون أحيانا على مرمى البصر، والمعروف أنه في ساعة الفوضى ترتكب من المظالم والاعتداءات ما لا يرتكب في سنين طوال».
وأضافت: «لذلك يعمل المشرّع على مواجهة الفعل المكون لتلك الجريمة بالحزم والشدة، ويخرج عن القواعد المألوفة، ويتم فيها تجريم السلوك الذي قد يؤدي – بحكم الخبرة والمعرفة الإنسانية – إلى المساس بسلامة البلاد، ومن دون انتظار نتيجة الفعل، ولذلك تعتبر تلك الجريمة من جرائم الخطر، وهذا النوع من الجرائم لا يتصور فيه الشروع، إذ تقع الجريمة تامة أو لا تقع، فلا يلزم لتوافرها حدوث الضرر المشار إليه».
سلامة البلاد
وأكدت المحكمة، في ردها على دفاع المتهم الأول ودفاع النيابة، «سواء استنفذ المتهم نشاطه أو توقف عنه رغم إرادته، فالجريمة قائمة طالما ثبت أنه أتى فعلا يؤدي إلى المساس بسلامة البلاد، وأن إرادته اتجهت إلى تحقيق هذا الهدف، بغض النظر عن تحقق الغاية التي ينشدها أو عدم تحققها».
أمارات ودلائل
وردت المحكمة على استئناف النيابة بحق «والي داعش»، الذي ألغت حكم إعدامه، موضحة أن «أقوال ضابط جهاز أمن الدولة والمتهمين، التي جعلتها النيابة العامة عمادها في إسناد الاتهام، لا تصلح للأخذ بها في مقام الاقتناع، فهي مجرد أمارات ودلائل، لا يجوز أن تبنى عليها أحكام الإدانة».
وبالنسبة إلى المتهم التاسع الذي ألغت المحكمة عقوبة إعدامه، وقضت بحبسه 15 سنة، فقد أكدت أن «المتهم كان محبوسا بالسجن المركزي منذ عدة أشهر سابقة على واقعة تفجير المسجد، ومفاد ذلك أنه كان تحت بصر الأجهزة الأمنية، خاضعا للرقابة والتفتيش على مدار الساعة».