لم يكن المشرّع العراقي إبان عهد صدام حسين يتكبد أي جهد في تحديد العقوبات بناء على قوانين الجزاء والقوانين الرادعة في ما يخص الأمن العراقي.. فأغلب العقوبات كانت تنص على الإعدام، وهي العقوبة التي كانت سائدة آنذاك.. وكذلك كانت عمليات تنظيف السجون هي السائدة.. وتنظيفها ليس من المخلفات أو النفايات للعناية بالسجن وخدماته، بل من البشر بإعدامهم والتخلص منهم في حالة اكتظاظ عنابر السجون بهم.. فالعملية واحدة سواء كانت وفق القانون الذي تنص أغلب مواده على الإعدام، أو واقع المعتقلين العراقيين، النتيجة العقابية واحدة وهي إنهاء حياة الإنسان بكل سهولة ويسر.
ما تمارسه وزارة الداخلية من عمليات الإبعاد على الوافدين يسير بذات النهج.. سواء نشب عراك بالأيدي بين وافدين أو مع مواطنين تهدد الداخلية بإبعاد من يتعارك ويخل بالنظام.. لا يهم التحقيق حول من اعتدى أو ما إذا كان هناك استفزاز من طرف ما، فالتهديد بالإبعاد هو اللغة السائدة لدى الداخلية.. فقد تم إبعاد عدد من أفراد الجالية المصرية بصورة متسارعة دون إعطائهم الوقت الكافي لترتيب أوضاعهم.. هكذا استخدم الإبعاد كعقوبة على الوافد، وعليه أن يسير بشكل حسن وبكل أدب حتى لو تم استفزازه أو التعدي اللفظي عليه.
الأمر بالإبعاد امتد لدى الداخلية لتعمل على فرضه على كل من يقود مركبة دون رخصة سواقة، مع أن قانون المرور ليس فيه إبعاد لمن يقود مركبة دون رخصة قيادة.. لا بأس من زيادة الغرامة ولتكن 200 أو 300 دينار على المخالف ليرتدع، ولكن سلاح الإبعاد هو المطبق.
وأخيراً قررت الداخلية على لسان وكيل الوزارة المساعد لشؤون المرور «إبعاد كل وافد يقود مركبة وقام بتعديل مهنته إلى مهنة غير مدرجة في القرار الخاص باستصدار رخص السوق»، ويعتبر في هذه الحالة كأنه يقود مركبة دون إجازة قيادة، وسيكون مصيره الإبعاد أيضا.. وهكذا تتكاثر إجراءات الإبعاد في كل خطوة من خطوات الداخلية.. فهي عاجزة عن تنظيم السير لافتقارها إلى العناصر المؤهلة لذلك، ولتردي أدوات المرور المستخدمة لديها قياساً بالدول الأخرى.. خلاف ذلك تدني مستوى البنية التحتية من الشوارع ومداخلها ومخارجها وفق المؤشرات العالمية.
زيادة رخص البناء في المناطق الاستثمارية فاقم المشكلة، حولي، السالمية، بنيد القار… وغيرها من المناطق الاستثمارية الأخرى، وضعت الداخلية الحل لمعالجة مشكلاتها المزمنة في عمليات الإبعاد غير المنصوص عليها في قانون المرور.. فهكذا يٌدار البلد خارج الإطار القانوني.
م.غ