علي حسين العوضي : دفاعاً عن «الطليعة»

علي حسين العوضي
علي حسين العوضي

لم أعتد طيلة عملي الصحافي، أن أكتب مقالا يكون رداً مباشراً على مقال آخر، إلا في ما ندر، وفي حالات استثنائية، وردّي لم يكن على أشخاص، بقدر ما هو تعليق أو تعقيب على موضوع محل ومثار نقاش، لكن هذه المرَّة المسألة مختلفة تماما.

في الأسبوع الماضي، وتحديداً يوم الأربعاء (25 نوفمبر 2015)، نشر رئيس تحرير جريدة الطليعة عبدالله النيباري مقالا تزامن نشره في «الطليعة» وجريدة الجريدة بعد صدور حُكم محكمة التمييز، برفض الطعن المقدَّم من شركة الطليعة للطباعة والنشر، المالكة لحق امتياز إصدار جريدة الطليعة، يوم الأحد (22 نوفمبر 2015)، حول القضية المرفوعة من ورثة الراحل سامي المنيس، المطالبين بتصفية الشركة.

فقد تناول النيباري بعض الأمور حول هذه المسألة، وهو ما لم نعد طرحه مرة أخرى، إلا أن نجل الراحل د.أحمد المنيس آثر الرد بنفسه على ذلك المقال، من خلال أحد المواقع الإلكترونية، ولاحقا في جريدة الجريدة بطرحه جملة من المسائل، بعضها موجَّه للنيباري، وبعضها الآخر لجريدة الطليعة بصورة واضحة.

ونحن في هذا المقام، لن نكون في موقف المدافع عن النيباري، بل عن «الطليعة» بشكل خاص، من خلال طرح عدد من التساؤلات، التي نتمنى أن نجد لها إجابات قاطعة..

بداية، أودُّ التوضيح، بأن ردي لن يكون بصفتي الحالية، كمدير تحرير جريدة الطليعة، لكن من منطلق كوني أحد المحبين لهذه الصحيفة، والمنتمين لتيارها الوطني الديمقراطي، الذي يحاول البعض ضربه وتوجيه السهام إليه، في كل شاردة وواردة، متوهمين في ذلك أنه نصر ذاتي ومجد شخصي لهم.
صحيح أن التيار الوطني، بكافة تفرعاته، يمرُّ هذه الفترة بمرحلة صعبة، لكن من الضروري الإشارة إلى أن هذا التيار في مرحلة بناء جديدة، وفق أسس أكثر رسوخا، فالمنبر الديمقراطي الكويتي والتيار التقدمي الكويتي، على سبيل المثال، أخذا في الانطلاق مجدداً في الساحة السياسية، وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية، من خلال برامج وطنية منادية بإصلاحات شاملة، وطرح القضايا التي تمس المجتمع الكويتي، ولا أحد يستطيع إنكار هذا الدور.

فقد ذكر د.أحمد المنيس في رده، أن «الطليعة» توقفت عن الصدور عدة مرات، على فترات مختلفة، ولسنوات طويلة، تخللها صدور طبعات استثنائية، وأنها خرجت وانحرفت عن إطارها السياسي وتوجهاتها الفكرية، كما أوحى في مقاله، بعدم احترامها للدستور، وتحالفها مع القوى الرجعية، وانخفاض مواقفها المعارضة، ما كان سبباً رئيساً – من وجهة نظره- لطلب ورثة الراحل سامي المنيس، «التخارج» من شركة الطليعة للطباعة والنشر، والرغبة في تصفيتها، وفق ما جاء في مقاله وردّه.

في المقابل، من حق الجميع معرفة الفترات التي توقفت فيها «الطليعة» عن الصدور، فليحددها لنا بالضبط، ومتى كانت هذه السنوات الطويلة؟ وما المواقف التي انحرفت فيها «الطليعة» عن القضايا الأساسية، ومبادئها، التي دافعت عنها منذ تأسيسها، وحادت فيها عن التمسك بالمصلحة الوطنية والدستور، الذي أشار د.المنيس إلى أنها لم تحترمه.. ثم ما هي القوى الرجعية التي تحالفت معها «الطليعة»، وانحازت لها؟ وما المواقف «المعارضة» التي تخاذلت «الطليعة» في الدفاع عنها؟ مع العلم بأن «الطليعة»، كمؤسسة إعلامية، لم تكن في يوم من الأيام ذات طبيعة ربحية، بل قامت، وفق فهمي ومعرفتي، على أساس تنويري وإصلاحي، بما يخدم قضايا المجتمع وتطلعاته، وفق ما آمنت به.

لتكن المكاشفة حقيقية، من دون مواربة، ولتطرح الحقائق كاملة، لا كما يحاول البعض إخفاءها، والتجني على تاريخ جريدة الطليعة، التي كانت ومازالت منبراً وطنياً ديمقراطياً حراً للشعوب العربية في طرح همومها وتطلعاتها منذ تم تأسيسها.

نعم، لم نكن نتمنى أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه، وإلى هذا الحد، خصوصا أن الورثة وكافة المؤسسين وقَّعوا بعد وفاة سامي المنيس على اتفاق أشار إليه النيباري في مقاله، وجاء في مقدمة هذا الاتفاق أو الميثاق: «يُقر أطراف العقد، بأن مجلس الإدارة هو مجلس وصاية يعمل على حُسن إدارة المؤسسة وتنميتها، لتحقيق الأهداف التي أُنشئت من أجلها، ولا يجوز لأي منهم تحقيق أي منفعة مادية ذاتية، مباشرة أو غير مباشرة، من ورائها»، وهو ما تم تجاهله في الرد.
وأخيراً، نؤكد أن المسار الوطني الديمقراطي والإصلاحي الذي تبنته «الطليعة» سيستمر ويتواصل، بفضل المخلصين من أبناء التيار الوطني الديمقراطي والتقدمي، وبثقة وأمل شبابه، الذين يمثلون امتداداً للمؤسسين الأوائل، ولن تنجح المحاولات في إنهاء هذا المسار.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.