تمرير قانون «خفض سن الحدث».. ما أشبه اليوم بالبارحة!

محمد الخالد
محمد الخالد

في فترة حل مجلس الأمة عام 1976، وتعليق مواد في الدستور، كأول انقلاب على الحياة الدستورية وتعطيل الانتخابات، صدر مرسوم بقانون، يقضى برفع سن القاصر للفتيات من 18 إلى 21 سنة.

بالطبع، لم يكن هناك أي نقاش أو مداولة في لجنة تشريعية بمجلس الأمة، لإقرار هذا التعديل، الذي تم تمريره كقانون.

وقد علَّق أحد المعنيين تجاه رفع سن القاصر هذا، بأن هناك أفرادا سيتعرَّضون لأحكام عقاب قاسية، في حال القيام بعلاقة مع مَن يُفترض أنها كاملة الأهلية، بوصولها لسن 21، لكنها بنظر ذلك القانون لاتزال قاصرا، حتى لو بدت غير ذلك بالمظهر، ما سيؤدي إلى حدوث مشاكل كبيرة سيرها الطبيعي إلى الدوائر القضائية المختصة بتهمة الاعتداء على قاصر.

شكل ومضمون

يبدو أننا نعيش، من حيث المضمون، الأوضاع السياسية نفسها التي كنا نعيشها في الانقلاب الأول على الدستور.. ففي الشكل لدينا مجلس أمة، ولا توجد رقابة

رياض العدساني
رياض العدساني

مسبقة على الصحف، بل لدينا في الوقت ذاته ملاحقات قانونية مستمرة ومتزايدة تراقب حتى تغريدات بعض المغردين، التي لا تتجاوز البضعة أسطر.. لدينا شكليا مجلس الأمة، وليس مضمونا فعليا، بأن يتولى التمثيل الحقيقي للتوجهات الشعبية أو إرادة الأغلبية وطموحاتها وأمانيها، وهذا ناتج عن مخرجات العملية الانتخابية، وتقليص الخيار الانتخابي، المرتكز على أغلبية اتجاهات وأماني الناخبين، حيث تم الاعتماد على التجزئة، وتقليص التمثيل العددي للنائب في كل الدوائر الانتخابية، لذا لا تجد إلا الفتور وعدم الاكتراث ل متابعة ما ينتج عن هذا المجلس من قرارات أو مشاريع قوانين أو سير أعمال أسبوعية، مهما كانت الادعاءات الكلامية عن إنجازاته وأفعاله، من ثم وأمام هذا المجلس يتم تمرير المشاريع التي تريدها الحكومة بشكل ميسر، حتى وإن كانت هناك أجواء «معترضة أو معارضة»، ولو بشكل صوري، كالاستجواب مثلاً الذي يتم دفنه، حتى لا يستطيع مقدمه الحصول على عشرة أصوات من الأعضاء لتقديم طرح الثقة، إن كان يستلزم ذلك، وهكذا اكتسب المجلس صورة نمطية، بأنه أداة من أدوات السلطة التنفيذية ومكملا لأعمالها، وليس معبراً عن إرادة شعبية حقيقية.. فهي حالة لا يمكن التنصل منها، مهما تم تزويق الأداء والاشادة بالإنجازات.

مطلب قديم

من القوانين التي وافق عليها أغلبية أعضاء مجلس الأمة في المداولة الأولى، ما جرى في آخر جلسة، بموجب طلب حكومي بخفض سن الحدث من 18 إلى 16 سنة، وهذا يعني أن كل من بلغ سن 16 وما فوق ستكون معاملته معاملة الراشد في الجزاءات.. نحن نتحدث عن شباب في المرحلة الثانوية، لم يكتمل النضج لديهم، والمخالفات التي قد يرتكبونها غالبا ما تكون من جراء قلة المعرفة وغياب التوجيه. وزير الداخلية من المدافعين عن هذا التعديل ورافع رايته.. ولكي يحسّن صورة خفض سن الحدث، وعد المجلس، بأن الحكومة ستعمل أيضا على تخفيض سن الناخب إلى 18 سنة، مقابل موافقته على خفض سن الحدث إلى 16 سنة.
لو كانت النية سليمة، لكان بإمكان الحكومة تقديم مشروع قانون لخفض سن الناخب، ولن تجد أي معارضة نيابية، فقد كان هذا الأمر مطلبا للعديد من الكتل السياسية والبرلمانية منذ عقود، وليس سنوات، لكنه في الحقيقة وعد تجميلي وديماغوجي، بغرض خفض سن الحدث لا أكثر.

تناقض واضح

النائب السابق والمستقيل من هذا المجلس رياض العدساني كان متابعاً لهذا الموضوع، وبيَّن في إحدى تغريداته، أن المجلس والحكومة وقعا في تناقض واضح، بشأن خفض سن الحدث، كونهم منذ فترة أقروا قانون الطفل، وتم تحديد مفهوم حقوق الطفل، لتكون من عمر الطفولة حتى سن 18 عاماً.. وأشار العدساني إلى تخبُّط المجلس، وتناقضاته في إصدار القوانين.

تبعات خفض سن الحدث له جوانب عديدة، أغلبها أمني، في ظل تواصل إصدار القوانين المقيدة للحريات والملاحقات القانونية، ومنها قانون الجرائم الإلكترونية، الذي سيدخل حيّز التنفيذ في يناير المقبل.

هي نوع من المقارنة بما كان يصدر وقت الانقلاب الدستوري الأول، وما يتم حالياً، لكن بمظهر مختلف لا أكثر.

(م.غ)

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.