
كتب محرر الشؤون الدولية:
أصدرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تقريرا أخيرا، أكد أن وتيرة مبيعات السلاح الأجنبية للدول في منطقة الشرق الأوسط ارتفعت بنسبة 36 في المائة بالسنة المالية 2015، والمرجح أن تظل قوية خلال السنوات المقبلة، ليدعم ذلك ما سبق.
وجاء في التقرير السنوي لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام، الخاص بمتابعة سياسة الإنفاق العسكري في العالم، الذي لاحظ في نسخة عام 2015 «طفرة خاصة وزيادة عامة في الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط»، الأمر الذي يعزز الصورة النمطية لدى الغرب، ومفادها: مزيد من الحروب، يعني المزيد من بيع السلاح.
ويرى مراقبون، أن ما قاله وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر، في حوار صحافي نشر في 2011، تعليقا على الوضع العالمي والاضطرابات في الشرق الأوسط: «من لم يستطع سماع طبول الحرب، فهو أصمّ»، لم يكن رأيا شخصيا، بقدر ما كان رسالة لتهيئة العالم لما هو قادم، ودعوة ضمنية لأخذ الاحتياطات اللازمة، التي يتصدرها الاستعداد العسكري والتزود بالسلاح.
محاربة «داعش»
ووفقا لهؤلاء، يتأكد يوما بعد يوم صدق ما قاله كيسنجر.. فبعد خمس سنوات من تصريحه، تقرع طبول الحرب في كل مكان من أنحاء العالم، ويشتد صداها، خصوصا في الشرق الأوسط، حيث تلتقي كل الأزمات، والرابح الوحيد من كل ذلك، هي الولايات المتحدة، التي يقول بعض مسؤوليها إن توقعاتها لمبيعات السلاح في السنة المالية 2016 التي بدأت أول أكتوبر الماضي مازلت قوية وفي ارتفاع، حيث كشف رئيس وكالة التعاون الأمني الدفاعي في «البنتاغون»، جو ريكسي، أن محاربة «داعش» والصراعات المسلحة الأخرى في العالم، تزيدان الطلب على الصواريخ الدفاعية وطائرات الهليكوبتر والذخائر الأميركية، في تغير عمَّا كان عليه الوضع قبل عشر سنوات، عندما كان التركيز ينصبُّ على الطائرات المقاتلة.
سوق رائجة عربياً
ويرى خبراء عسكريون، أن تنامي الاضطرابات سيؤدي إلى المزيد من الطلبات على آخر الأسلحة المتطورة وأحدث الأجهزة ذات التقنية العالية في الصناعات العسكرية، بمختلف أنواعها، ليصب ذلك كله في سباق تسلح متواصل، موازينه تحددها طبيعة الصراعات وتوزعها الجغرافي.
وكانت إدارة أوباما قررت سنة 2013، رفع المزيد من القيود على صادرات الأسلحة الأميركية للعالم، في أكبر إجراء في تاريخ الولايات المتحدة.
ومع دخول ذلك القرار حيّز التنفيذ، حذر مسؤولون حكوميون سابقون ونقاد وحقوقيون من العواقب الخطيرة لسياسة الولايات المتحدة الخارجية على حقوق الإنسان على المدى الطويل، وقالوا إن فيضانا من السلاح سيغرق العالم، على خلفية قرار بتحرير تجارة الأسلحة.
وأكد الخبراء أن شركات السلاح تلعب دورا مهما على الصعيدين؛ الاقتصادي والسياسي، فالإدارة الأميركية تعد هذه الشركات بمثابة أداة اقتصادية مهمة لها، حيث يصب في النهاية جزء من نسب أرباحها في الخزينة الأميركية العامة، من خلال الضرائب التي يتم جنيها من ورائها. وعلى المستوى السياسي، تسمح تجارة الأسلحة للولايات المتحدة بلعب دور استراتيجي بمنطقة الشرق الأوسط.
وأضافوا أنه لا يخفى على أحد الدور الذي أصبحت تلعبه الولايات المتحدة في تأجيج الصراعات، من أجل إنعاش تجارة السلاح، مشددين على وجود علاقة طردية بين الحروب وتجارة الأسلحة، التي تنتعش كلما تزايدت وتصاعدت الحروب في العالم، وخاصة أن هذه التجارة تتجاوز قيمتها المليارات من الدولارات، سواء بشكل رسمي أو غير رسمي.
وأوضحوا أن هناك بؤر صراع استراتيجية قديمة لا تزال تتدفق عليها الأسلحة من جهات مختلفة، وأن الشرق الأوسط منطقة معروفة بالرواج في الأسواق الدولية للسلاح، فهذه المنطقة أضحت مرتعا لبيع أنواع مختلفة من الأسلحة.
ولفتوا إلى أن منطقة الخليج العربي أصبحت سوقا رائجا للسلاح الآن، عقب صفقة إيران النووية مع القوى الكبرى، حيث هناك رغبات من قبل غالبية دول الخليج في عدم التهاون للدفاع عن نفسها وعدم الاكتفاء بمساعدات الحلفاء فقط.
13 ألف طلب
في غضون ذلك، يتوقع مسؤولون في الصناعة العسكرية الأميركية تلقي طلبات لشراء الآلاف من الصواريخ والقنابل وغيرها من الأسلحة أميركية الصنع خلال الفترة المقبلة، وذلك من قِبل الحلفاء العرب الذين يقاتلون «داعش»، ويشمل ذلك السعودية والإمارات وقطر والبحرين والأردن ومصر، وتنظر الوكالة في 13500 طلب في المجمل، بقيمة إجمالية تصل إلى 461 مليار دولار.
وكان الإجمالي العام الماضي، هو الأكبر حتى الآن، بخلاف زيادة ترجع إلى بيع مقاتلات للسعودية في 2012، وتأخرت لبعض الوقت صفقة بقيمة ثلاثة مليارات دولار لبيع 28 مقاتلة «بوينغ إف/إيه- 18 آي إف» للكويت، وصفقة بيع مقاتلات إف- 15 لقطر.