
كتب محرر الشؤون المحلية:
أطلَّ مرض إنفلونزا الخنازير، مجدداً، وخيَّم على الكويت، وسط تكتم شديد من قِبل وزارة الصحة، وتضارب البيانات بين جهات أخرى، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام التكهنات، فضلاً عن إثارة الذعر والهلع، لعدم اتباع مبدأ الشفافية والاستخفاف بصحة المواطنين والمقيمين.
وبعد أن أعلنت وزارة التربية، على لسان وزيرها د.بدر العيسى، أخيرا، عن وفاة تلميذ في مدرسة أجنبية (6 سنوات)، بسبب إصابته بإنفلونزا الخنازير، كشفت مصادر صحية مطلعة عن إصابة أكثر من 13 طالباً في مدارس حكومية وخاصة بهذا الفيروس، ونقلوا إلى المستشفيات، وخضعوا لفحوص طبية وعلاجات مكثفة.
انتشار المرض
كما كشفت المصادر عن انتشار فيروس H 1N1، المعروف بإنفلونزا الخنازير، بصورة ملحوظة في البلاد، مشيرة إلى أن 128 شخصاً راجعوا المستشفيات والمراكز الصحية في المناطق المختلفة، لظهور أعراض مرضية مزعجة عليهم.. وبخضوعهم للفحوص المخبرية، تبينت إصابتهم بفيروس إنفلونزا الخنازير.
وذكرت أن أغلب هؤلاء المصابين من المواطنين، ولا يزال نحو 63 مريضاً منهم في الأجنحة الطبية، حيث يخضعون لعلاج مكثف، نظراً لخطورة حالاتهم، وتمكن الفيروس منهم.
وأضافت المصادر أن هؤلاء المصابين أغلبهم راجع مستشفى العدان، ولا يزال يرقد في أجنحتها 11 مريضاً، فيما يخضع 6 للعلاج في المستشفى الأميري، والباقون موزعون على المستشفيات الأخرى.
الواقع غير
وفي الوقت الذي أكدت فيه وزارة الصحة، أن الوضع مطمئن، وأن الحالات المصابة خضعت للفحوص، نظراً لإصابتها بالإنفلونزا الموسمية، جاء الواقع ليدحض هذه التصريحات للمسؤولين الصحيين، حيث تبيَّن وجود عشرات الحالات المصابة بفيروس إنفلونزا الخنازير.
كما أكدت المصادر وجود 4 مرضى حالتهم خطيرة، ويرقدون حالياً في العناية المركزة بمستشفى العدان، بعد اكتشاف إصابتهم بفيروس H1N1، لكنهم خضعوا للعلاج أخيرا، بعد أن تدهورت حالتهم الصحية، مشيرة إلى أنهم كانوا قد راجعوا مراكز صحية تابعة لمناطق سكنهم في المنطقة العاشرة، بيد أنه لم يتم تشخيص حالتهم بصورة جيدة، وأعطاهم الأطباء أدوية للإنفلونزا العادية، ما جعل الأعراض تتفاقم لديهم، من ثم راجعوا المستشفى.. وبخضوعهم للفحوص المخبرية، اتضح أنهم مصابون بإنفلونزا الخنازير.
الإنفلونزا الموسمية
إلى ذلك، قال استشاري الصحة العامة د.طارق الشمري، إن أعراض الإنفلونزا الموسمية تتشابه إلى حد كبير مع الإنفلونزا الموسمية، مشيراً إلى أن المريض يعاني ارتفاعا مفاجئا في درجة حرارة الجسم، والشعور بالإجهاد الشديد، مع آلام في أنحاء متفرقة من الجسم، فضلاً عن الإسهال والقيء، مشيراً إلى أن هذه الأعراض المزعجة تتفاقم لدى الإصابة بفيروس إنفلونزا الخنازير، لكن لا يتم اكتشافها بصورة حقيقية، إلا بواسطة التحاليل والفحوص المختبرية.
وانتقد الشمري ضعف الإجراءات الاحترازية في البلاد، فكثير من المرضى المصابين بأمراض فيروسية مُعدية لا تظهر عليهم أعراض بصورة سريعة، من ثم ينقلون المرض لمن يخالطونهم، سواء في البيوت، أم أماكن العمل، لافتاً إلى أن الأماكن المزدحمة ورديئة التهوية تعد بيئة ملائمة لنشر الفيروسات ونقل العدوى بالأمراض السارية.
وانتقد، كذلك، عدم وجود كاميرات حرارية للفحص المباشر والسريع في المطار والمنافذ الحدودية، التي تشهد قدوم العديد من المواطنين والمقيمين من بلدان موبوءة بإنفلونزا الخنازير، من ثم تنتقل الفيروسات المعدية بسهولة إلى داخل البلاد.
أين الإجراءات؟
من جانب آخر، انتقدت مصادر طبية عدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة في المستشفيات والمراكز الطبية، فمن غير المنطقي عدم ارتداء الأطقم الطبية للكمامات وعدم تعقيم الأماكن التي يتواجد بها المرضى بكثافة، سواء في العيادات الخارجية، أم أمام غرف الأطباء، من ثم ينقل المصابون بالفيروسات الأمراض بسهولة.
وطالبت وزارة الصحة باتباع مبدأ الشفافية في التعاطي مع مثل هذه الأمراض، ويفترض أن يبادر مسؤولو الوزارة بالإعلان عن تطورات الأمراض المعدية أولا فأولا، وإعلام الشارع الكويتي بالمستجدات الصحية، للحيلولة دون انتشار الأمراض من ناحية، ومن ناحية أخرى، حتى لا يترك الأمر للاجتهادات، من ثم تسود حالة من الذعر في أوساط المواطنين والمقيمين.
وعلى صعيد الوضع في المدارس، انتقد أولياء أمور غياب الإجراءات الوقائية في المؤسسات التربوية، مشيرين إلى أن بعض المدارس الحكومية والخاصة تكتظ فصولها الدراسية بصورة سيئة، ما يجعل الطلبة معرضين للعدوى وانتقال الأمراض الفيروسية من المصابين إلى الأصحاء.
وقال عبدالله العيدان (ولي أمر أحد الطلاب): يبدو أن المدارس الخاصة خارج حسابات وزارة التربية، لافتاً إلى أن ابنه الذي يدرس في مدرسة أجنبية أصيب الأسبوع الماضي بوعكة صحية داخل الصف الدراسي تمثلت في القيء الشديد وارتفاع درجة الحرارة، ولم يكلف مسؤولو المدرسة أنفسهم عناء نقله إلى المستشفى، أو حتى العيادة، ولم يكتشف حالة ابنه، إلا عند انتهاء الدوام المدرسي، من ثم نقله إلى المستشفى.
وفي الوقت الذي اعترف فيه وزير التربية وزير التعليم العالي د.بدر العيسى، بأن بعض المدارس الخاصة يتكدَّس فيها أكثر من 48 طالباً في الفصل الدراسي الواحد، وتأكيده أن هذا غير مقبول، شددت مصادر تربوية على ضرورة أن يتخذ العيسى إجراءات عاجلة، لمعالجة هذا الخلل.. فبعض المدارس الخاصة لا همَّ لها سوى الربح وتحصيل أكبر قدر من الرسوم، من دون تقديم خدمات تعليمية جيدة، فضلا عن غياب أي إجراءات من شانها حماية التلاميذ من الأمراض المعدية.
أطباء وممرضون
وعلى صعيد الوضع في منطقة الصباح الصحية، سادت حالة من الاستياء والتذمر في أوساط الأطباء والممرضين، بسبب عدم اتخاذ الإجراءات الاحترازية الكفيلة بمنع انتقال العدوى الفيروسية، وأكد عدد منهم، أنهم معرَّضون لانتقال العدوى، كما أن البلاد ليست بمعزل عن الدول المجاورة التي شهدت أخيرا حالات وفاة، بسبب فيروس كورونا ومرض إنفلونزا الخنازير وغيرهما.
وطالبوا الجهات المختصة بإقرار آلية متطورة للفحص الطبي السريع في مطار الكويت الدولي وبقية المنافذ الحدودية، مشددين على أن معظم مطارات الدول المتقدمة تحرص على تركيب كاميرات حرارية لفحص القادمين.
وفي الوقت الذي طمأنت فيه وزارة الصحة، على لسان مسؤوليها، بأن الوضع في البلاد آمن تماماً، وأن معدلات الإصابات الفيروسية تحت السيطرة وفي إطارها الطبيعي، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن الكويت مهددة بانتشار فيروس إنفلونزا الخنازير، بسبب ضعف الإجراءات الوقائية وعدم إقرار آلية لفحص القادمين في المنافذ، وكثير منهم يأتي من بلدان موبوءة.
من جانب آخر، كان من اللافت والمثير للاستغراب، في آن واحد، قيام بعض الأطباء في المستوصفات والمراكز الطبية بتوقيع الكشف الطبي بصورة روتينية على المراجعين، مع وصف البنادول والمسكنات فقط لا غير، الأمر الذي يُفاقم الأمراض، ويضطر بعض المرضى إلى مراجعة عيادات خاصة رغم التكاليف المالية.
عشرات المصابين
أكدت مصادر أن الكويت ليست بمعزل عن الأمراض المعدية، وهناك عشرات المصابين بإنفلونزا الخنازير ظهرت عليهم الأعراض خلال الفترة الماضية من دون أن يخضعوا للعلاج المطلوب، وتم تشخيص حالاتهم في مستوصفات ومراكز طبية على أنها أنفلونزا موسمية.
وحذرت من غياب الشفافية واتباع سياسة التكتم، والتي تؤدي إلى استفحال الأمراض وانتشارها في البلاد، بجانب تغييب الشارع الكويتي عن الواقع الصحي.