
كتب محرر الشؤون الدولية:
شهدت العاصمة الفرنسية (باريس)، الجمعة الماضي، أحداثا مأساوية دموية، انتهت بمقتل وإصابة المئات، وأعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن هذه الهجمات غير المسبوقة، التي قابلتها الحكومة الفرنسية، بإجراءات غير مسبوقة، أيضا، ضمنها إعلان حالة الطوارئ الاستثنائية، ووقف تأشيرات «الشنغن»، وإغلاق الحدود، ونشر المئات من عناصر الجيش في المدن، وعلى رأسها العاصمة باريس.
13 نوفمبر 2015، مثل يوما استثنائيا، ليس في تاريخ فرنسا فقط، بل في أوروبا والغرب، ككل، هجمات إرهابية منسقة بدقة في أماكن ثقافية وترفيهية مختلفة في إحدى أبرز الوجهات السياحية في العالم، أجبرت فرنسا على إغلاق أهم معالمها، وأفسدت فرحة الفرنسيين بنهاية الأسبوع.
حرب شاملة
أما تنظيم «داعش»، فأعلن حربا دينية على أوروبا، ونمط حياتها وانسجامها الاجتماعي والسياسي الهش، وهو ما أصاب الغرب بالذهول، الذي قد يرتد سلبا على المهاجرين والفرنسيين والأوروبيين من أصول عربية وإسلامية، في الوقت الذي دعت فيه منظمات للمسلمين في فرنسا إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة، التي تدفع إلى ظهور متشددين يعطون لأنفسهم شرعية التحدث باسم الدين.
شكلت هذه الهجمات الدموية هجوماً على المشهد السياسي الفرنسي، وبات في حكم المؤكد ظهور انزلاق لمواقف يمينية متشددة، ما يزيد من تقوقع فرنسا على نفسها نحو مزيد من مناهضة الحريات، وتمرير قوانين المراقبة الأمنية.
مسالك التحقيق الأمني حتى الآن تتجه إلى الداخل، فأحد المهاجمين، هو إسماعيل عمر مصطفى – فرنسي الجنسية، ومعروف بتشدده الديني، وآخر مشتبه به من أصول مغاربية من مدن الضواحي.
خلايا جهادية
من جانبه، أعلن الادعاء العام الفرنسي، أن ثلاث خلايا جهادية نسقت الهجمات على مقاهٍ وقاعة حفلات واستاد دي فرانس لكرة القدم، فيما لقي سبعة مسلحين كانوا جميعا يرتدون سترات ناسفة حتفهم في الهجمات المتعددة، وأضاف أن منفذي الهجوم على باتاكلان تحدثوا عن الأوضاع في العراق وسوريا والموقف الفرنسي منهما، وهدد التنظيم بقية عواصم أوروبا، ملوحا بأنها ستلقى نفس مصير باريس.
خطوط التحقيق تتجه أيضا إلى بلجيكا، حيث تفيد تقارير بأن سيارات مؤجرة من هناك، وارتباطات بخلايا نائمة، فيما ذكر مسؤولون يونانيون، أن واحدا، وربما اثنين من المهاجمين، عبرا اليونان في أكتوبر الماضي، من تركيا، مع اللاجئين السوريين الهاربين من النزاع.
حكومة فرنسا أعلنت، على لسان رئيسها مانويل فالس، أنها في حالة حرب، متخذة إجراءات استثنائية، لضرب الإرهاب في فرنسا وأوروبا، وأيضا في سوريا والعراق.
وكانت فرنسا أول بلد أوروبي ينضم لحملة الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في العراق العام الماضي، ثم سوريا لاحقا. وعقد الرئيس الفرنسي هولاند عقب قراراته الاستثنائية، لقاءات مع مختلف القوى السياسية والشخصيات الفرنسية.
دوليا، قوبلت هجمات باريس بإدانة عالمية واسعة، وكان الرئيس باراك أوباما من أوائل المنددين بالهجمات، مؤكدا وقوف واشنطن إلى جانب باريس، وهو ما عبَّرت عنه بريطانيا وألمانيا وروسيا والصين وتركيا وبقية الدول الأوروبية والعربية والآسيوية، كما نددت الأمم المتحدة بهذه الاعتداءات الإرهابية، وصدر بيانان عن حلف الناتو ومجلس الأمن يدينان هذه الهجمات.