
كتب محرر الشؤون العربية:
يتذكر كثيرون كيف تحوَّل وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، إلى «نجم» على الفضائيات الإخبارية العربية خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في عام 2013، الذي تم فيه تسليم مقعد سوريا في الجامعة العربية إلى المعارضة، بدلا من النظام، وعبَّر بن علوي، آنذاك، عن موقف حاد، ورفض مصافحة الأمين العام للجامعة نبيل العربي، في صورة شهيرة، تعبّر عن موقفه الجاد تجاه الانحياز ضد الدولة، حتى لو كانت في حالة مثل الحالة السورية، لأن هذا سيشكل سابقة قد تتكرر، وتطالب معارضات عربية أخرى بتسليمها مواقع الحكومات في بلدانها.
وأخيراً، عاد بن علوي الى الشاشات نجماً مرة أخرى، خلال اللقاء الذي جمعه مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، وهي الزيارة التي سلّطت الضوء مجدداً على سياسات سلطنة عمان، التي يرى فيها منتقدوها خروجاً عن الإجماع الخليجي، على اعتبار الزيارة تكرس التطبيع مع نظام ترفضه باقي بلدان الخليج وجل البلدان العربية، بينما رأى آخرون، أنها تصبُّ في خانة «تبادل الأدوار» بين دول الخليج نفسها.
ولفت نظر المراقبين الهدوء، الذي قابلت به بلدان مجلس التعاون الخليجي الخطوة العمانية، رغم تناقضها الجوهري مع منظور تلك البلدان إلى قضايا مهمة تتعلّق باستقرار المنطقة وأمنها.
واعتبروا الدافع إلى ذلك، الحفاظ على تماسك المجلس، الذي يعد أنجح تجمع في محيطه إلى حد الآن، (قياسا على الأقل بالاتحاد المغاربي)، وسراً من أسرار صموده واستمراره في التطور التدريجي، فضلاً عن تغلّبه على الخلافات الظرفية بين أعضائه.
والمنظور نفسه ينطبق على علاقة بلدان الخليج مع عمان، التي تكاد تقف على طرفي نقيض في ما يتعلّق بالموقف مما يجري في اليمن وسوريا، حيث لا تشارك مسقط في التحالف العربي في اليمن، كما أنها لم تقطع العلاقة مع نظام دمشق على غرار باقي بلدان مجلس التعاون.
رسالة إلى الأسد
وفي هذا السياق، دافع الباحث العماني والعضو في مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان أحمد الهوتي، عن سياسة بلاده، بالقول إن «هناك رسالة عمانية شفوية إلى الجانب السوري، تحثه على ضرورة القبول بأي طرح أميركي – روسي مشترك مقبول من السعودية ودول الخليج خلال الفترة المقبلة، لأنه من الضروري أن تجلس كل الأطراف إلى طاولة المفاوضات». وأشار الهوتي في تصريح لصحيفة الزمان اللندنية إلى وجود «تنسيق بين مسقط والولايات المتحدة الأميركية في الملفين السوري واليمني، انطلاقاً من إيمان واشنطن بقدرات سلطنة عمان على الوصول إلى كل أطراف الصراع، التي هي بحاجة إلى حلول ناجعة تخرج المنطقة من مأزق حقيقي تمر به»، لافتا إلى وجود موافقة إيرانية على وساطة سلطنة عمان في الأزمتين اليمنية والسورية، من دون أن تعلن طهران عن ذلك رسمياً.
وفي ما إذا كانت عمان قد خرجت عن الإجماع الخليجي، أكد أن بلاده «جزء من مجلس التعاون الخليجي، وتتحرك ضمن إطاره، وهي أيضا جزء من المنظومة التي تسعى للصلح بين كل الأطراف، سواء في اليمن أو في سوريا».
توزيع الأدوار
من جانبه، يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية في الرياض د.أنور عشقي، أن ما تقوم به سلطنة عمان في الأزمتين السورية واليمنية، «لا يختلف عن موقف دول مجلس التعاون الخليجي»، مضيفاً في تصريح لعشقي نقلته عنه صحيفة «الوطن» المصرية، أنه يرى أن سياسة عمان في قضيتي سوريا واليمن «نوع من توزيع الأدوار بين دول مجلس التعاون»، مؤكدا أنه «لا حل سياسياً للأزمة السورية أو اليمنية، إلا عبر قيام دولة خليجية بالحوار والتفاوض مع كل الأطراف، وهذا ما تقوم به السلطنة».