كتب آدم عبدالحليم:
أفرزت الاستجوابات التي تصدرت أعمال دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الرابع عشر عنوانا جديدا يستحق التأمل والمتابعة من قِبل السياسيين ومراقبي الشأن السياسي في البلاد، ولاسيما أن ذلك العنوان أصبح طريقا يسلكه كل وزير مستجوَب قبيل جلسة مناقشة استجوابه بأيام قليلة.
فقد احتلت طلبات الإيضاحات الوزارية التي قام بإرسالها الوزراء لرئيس مجلس الأمة، للاستفسار عن نقاط محددة وردت بصحف «مقدمات ومحاور» استجواباتهم – يراها هؤلاء الوزراء مبهمة أو غير دستورية، حيزاً كبيرا في السجال النيابي الوزاري، وأشعلت خلافات كل فريق حول مدى دستورية استجوابه أو خروجه عن العرف النيابي الحكومي بعبارات غير لائقة أو مطاطة، يرى الوزير من خلالها أنها محاولة للتكسُّب، وإلقاء التهم بعبارات فضفاضة لها رواج شعبي أكثر من أن تكون بحثا عن حقيقة.
وعلى الرغم من تعليق رئيس المجلس على تلك الإيضاحات بالقول إنها أمور لائحية، وليس فيها إزعاج، فإنه بالرجوع إلى الدستور واللائحة الداخلية بفصلها الثالث المتعلق بالاستجوابات، اتضح أن تلك الإيضاحات ليست لها جذور لائحية، وخاصة أن المادة 136 من اللائحة الداخلية بيَّنت بشكل وافٍ آلية مناقشة الاستجواب، والتي تبدأ بشرح المستجوٍب استجوابه أولا للمجلس، ثم يجيب الوزير، ثم يتحدث الأعضاء المؤيدون والمعارضون له بالتناوب واحداً واحداً.
وجملة «شرح المستجوب» المبينة باللائحة الداخلية تعني انتظار الوزير لجلسة الاستجواب، حتى يشرح النائب محاور استجوابه وأسئلته المغلظة، والأمور الأخرى الغامضة الواردة بصحيفة استجواب الوزير المستجوب، لكي يجيب عنها الوزير نفسه في وقته المخصص الذي يعقب الشرح.
حق النواب
كما أوضحت اللائحة الداخلية في المادة 139 خطأ ما يفعله الوزراء حاليا، بطلبهم إيضاحات واستفسارات من النواب.. فعلى العكس تماما، أكدت المادة حق النواب المطلق في توجيه طلب كتابي لرئيس مجلس الوزراء أو الوزراء لإعطائهم بيانات أو إيضاحات أو استفسارات متعلقة بالاستجواب المعروض على المجلس، شرط أن يقدم الطلب كتابة إلى رئيس المجلس.
وبالنظر أيضا إلى نصوص الدستور واللائحة الداخلية، نجد أنهما رسخا بشكل قوي مبدأ الاستفسار والإيضاح «سواء في السؤال البرلماني، أو الاستجواب، أو طلب المناقشة» للنائب، وجعلت طلب الإيضاحات أو المعلومات حقا له من دون غيره في أمور كثيرة، أهمها أغلظ الأدوات الرقابية، فنظريا وعمليا النائب يراقب الحكومة وليس العكس.
ردود فعل
وبعيداً عن اللائحة، فقد أثارت تلك البدعة ردود فعل نيابية غاضبة تجاه ما أسماه عدد من النواب محاولة التفاف الوزراء حول محاور الاستجواب للتملص منه ، مؤكدين أن الاستجوابات واضحة، وأن ما يقوم به الوزراء من طلب إيضاحات، محاولة من جانبهم لتقمص دور موجه الاستجواب عبر تقديم تلك الأسئلة، ومن ثم تفصيل محتوياتها في محاور الاستجواب.
يذكر أن تلك البدعة بدأها في السنوات الأخيرة الوزير السابق الشيخ أحمد الفهد الذي طلب من مستجوبيه (مرزوق الغانم وعادل الصرعاوي)، عضوي كتلة العمل الوطني في مجلس 2009، عدة إيضاحات، وانتهت وقتها باستقالته الشهيرة عقب إحالة استجوابه إلى اللجنة التشريعية.
خشية مشروعة
وقد افتتح ملف الإيضاحات في المجلس الحالي وزير شؤون مجلس الوزراء وزير الصحة، الشيخ محمد العبدالله، بطلبه إيضاحات من مستجوبه، ثم وزير الدولة لشؤون الإسكان والبلدية، سالم الأذينة، فالوزيرة رولا دشتي، فيما اكتفى سمو رئيس مجلس الوزراء بطلبه من المجلس حذف محاور الاستجواب المقدم له من النائب رياض العدساني، باعتبارها غير دستورية، وهو الأمر الذي وافق عليه المجلس في جلسته الشهيرة.
ويطالب مراقبون يخشون من أن يكون المجلس الحالي سببا في سحب صلاحيات أصيلة للنائب، النواب الذين تصلهم طلبات إيضاحية من الوزراء حول أمور وردت في صحيفة استجوابهم، بعدم الرد على تلك الطلبات، والاكتفاء بما أشارت إليه اللائحة الداخلية، بشرح محاور الاستجواب في قاعة عبدالله السالم، مؤكدين أن اللائحة الداخلية لا تفرض عقوبات على عدم الرد، كونه لم يرد في موادها المختلفة مثل تلك الأمور.