
كتب محرر الشؤون العربية:
توجَّه آلاف الناخبين المصريين، الأحد الماضي، للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من أول انتخابات تشريعية في البلاد منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو 2013، في وقت يواجه فيه حزب النور – الذراع السياسية للدعوة السلفية، أول اختبار لشعبيته، بعد الدور الذي لعبه في الإطاحة بحكم جماعة الإخوان.
وتكتسي هذه الانتخابات، التي تم تأجيلها لأكثر من عام ونصف العام، أهمية قصوى، بالنظر للصلاحيات التي يحظى بها البرلمان القادم، في الوقت الذي ناشد فيه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي المصريين، الإقبال على التصويت، في محاولة أيضا لقطع الطريق على الحملات التي انطلقت خلال الأيام الماضية والداعية إلى مقاطعتها.
وكانت بعض وسائل الإعلام ومواقع إلكترونية تابعة لجماعة الإخوان والأحزاب المتعاطفة معها، مثل «مصر القوية»، ضاعفت من حملتها أخيراً، وروَّجت دعوات للمقاطعة، في محاولة لتوظيف حالة عدم الرضا عن الأداء العام للحكومة، وتصوير انخفاض نسبة المشاركة المتوقعة على أنها تلبية لدعوات إخوانية.
وستجرى هذه الانتخابات على مرحلتين، بين 17 أكتوبر الجاري و2 ديسمبر المقبل، لشغل 596 مقعداً.
ويبلغ تعداد مَن يحق لهم التصويت في المرحلة الأولى من الانتخابات داخل مصر وخارجها 27.402.553 ناخباً، بينما يتنافس المرشحون في الداخل والخارج في 205 دوائر انتخابية على 448 مقعداً للفردي، و120 مقعداً في 4 دوائر لمرشحي القوائم.
أحزاب مدنية ضعيفة
ورغم أهمية هذا الاستحقاق، الذي هو الثالث والأخير في خارطة الطريق، التي أقرَّها الجيش المصري، إثر عزل مرسي، فإن متابعين للمشهد المصري لا يتوقعون إقبالاً شعبياً كبيراً عليه.
ويعزو المتابعون ذلك إلى ضعف الأحزاب المدنية، تنظيماً وتمويلاً، ما يجعلها غير مقنعة بالنسبة لشريحة واسعة من المصريين، خصوصاً لدى الشباب، والنقطة الثانية، انتشار حالة من عدم الثقة في صفوف الأحزاب الدينية المشاركة، نتيجة تجربة الإخوان المسلمين في الحكم، وما بعدها، التي تركت انطباعاً سيئاً لدى معظم المصريين.
في المقابل، يعتبر آخرون أن المواطن المصري لديه من الوعي السياسي الكافي، حتى يدرك أن هذه الانتخابات هي الخطوة الأخطر، حيث تضع البلاد على طريق الاستقرار السياسي، ويمكن أن تسكت الأصوات التي تصاعدت بشأن التشكيك في إجرائها أصلا، كما أنها تكشف الوزن الحقيقي للقوى السياسية.
السلف ووراثة «الإخوان»
في غضون ذلك، يواجه حزب النور السلفي أول اختبار لشعبيته، بعد الدور الذي لعبه في الإطاحة بحكم جماعة الإخوان.
وعلى الرغم من أن الفرصة أصبحت مواتية للحزب لتمثيل التيار الإسلامي، بعد حظر حزب الحرية والعدالة – الجناح السياسي لجماعة الإخوان، وتصنيفه كتنظيم إرهابي، فقد أصبح الأمل الكبير لدى الدعوة السلفية، هو أن تبقى موجودة في المشهد السياسي، من دون الدخول في صدامات قد تؤدي إلى إقصائها أيضا. وتنافس حزب النور على كل مقاعد برلمان عام 2011، الذي تم حله لاحقا، فحصل حينها على ربع عدد مقاعده، كوصيف لجماعة الإخوان المسلمين، غير أنه يتنافس في الانتخابات المقبلة على نسبة 38 في المائة تقريبا من المقاعد الفردية، التي تمثل نسبة 80 في المائة من البرلمان، كما يتنافس على قائمتين من أصل أربع، على الرغم من أنه كان أول الأحزاب التي تقدمت بالقوائم الأربع كاملة، التي تشمل الأقباط، قبل وقف الانتخابات في مارس الماضي.
وتقول تقارير إن الحزب سحب قائمتين، بعد أن تم الضغط عليه من قبل قائمة «في حب مصر»، التي يشرف عليها رجل المخابرات السابق اللواء سامح سيف اليزل، لكن عضو المجلس الرئاسي لحزب النور شعبان عبدالعليم، قال إن «سحب قائمتين جاء بمبادرة من الحزب، لأننا نريد أن نعطي رسالة، بأننا نود المشاركة فقط، ولا نهدف للسيطرة، وأننا لسنا مثل جماعة الإخوان»، مشيرا إلى أن الحزب «يطمح للحصول على 25 في المائة من مقاعد البرلمان» المقبل.
ويرى مراقبون أن الحزب مستعد لسحب كل مرشحيه، إذا طلب منه ذلك، إذ يبدو جيدا أن السلفيين استوعبوا درس الإخوان، ولا يريدون أن يحصلوا على نسبة كبيرة، حتى لا تظن الحكومة أنهم ينافسونها، فيتم القضاء عليهم بالضربة القاصمة، ويتكرر معهم نفس سيناريو جماعة الإخوان، لذلك فهم راضون بهامش الحرية المتواضع.
إلى ذلك، أكدت تدوينات صحافية لمحللين سياسيين، أن حزب النور لن يكون بديلا للإخوان، لأن الجماعة هي تنظيم، وقدرتها المالية وحشدها الشعبي أكبر بكثير، فضلا عن أن دور المرأة في جمع الأصوات عند الإخوان كان كبيراً، بخلاف المرأة في الدعوة السلفية، حيث إنها منغلقة على نفسها وعلى بيتها. وأضافوا أن وراثة السلفيين للإخوان تكاد تكون مستحيلة، بسبب غياب التناغم بين مكونات الدعوة السلفية وتنوعها، بدرجة تصل إلى التضاد، وهذا تسبب في غياب أي إمكانية لأن يكون هناك تركا منتظما للجسد السلفي، بحيث يكون له قوة تأثير وتغيير فعلي.