«الطليعة».. توضح رؤيتها للقراء

نشرت «الطليعة»، في عددها الماضي رقم 2111، مقالاً للكاتب عبد العزيز الجناحي بعنوان «يندرباييف.. خطاب.. دوداييف صفعوا الدب الروسي» اثار ضجة وردود أفعال حول موقف «الطليعة» من بعض ما احتواه المقال من رأي، وخصوصاً في الجانب الذي يتعلق بمسيرة كل من الزعيمين اليساريين تشي غيفارا والرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو النضالية.

ولئن كانت «الطليعة» معروفة بمواقفها باحترام الرأي والرأي الآخر، بل من أشد المدافعين عن حق أي فرد في التعبير عن رأيه بحرية، إلا أنها تربأ بنفسها عن الرد على كاتب المقال بتقديم الشواهد والأدلة على مسيرة هذين الزعيمين المشرفة، والتي لا تخفى إلا على ضيقي الأفق وقصيري البصر، كما تستنكر الأسلوب الساخر والممجوج، الذي لجأ إليه الكاتب في التهكم عليهما بالغمز إلى انتمائهما الفكري، وترى أن من واجبها تقديم الاعتذار لقرائها الأوفياء لنشرها مثل هذا الكلام على صفحاتها، ليس فقط لأنه مسيء ومجحف بحق شخصيتين بهذا الحجم والرمزية، بل من باب إحقاق الحق والتميز اللذين انفردت بهما «الطليعة» منذ تأسيسها وحتى الآن.

من هذا المنطلق، تود «الطليعة» تأكيد رؤيتها بأن كلا التجربتين، سواء الشيوعية أم الرأسمالية، قد فشلتا فشلاً ذريعاً، ولسنا بصدد سرد العوامل التي أدت إليه، ومن جهة ثانية، تود التأكيد على إيمانها وتفاؤلها بحركة التغيير الشاملة، التي بدأت تجتاح العالم لنسف كل الأنظمة القائمة، وبكل ما نشأت عليه من قيم وموروثات بالية لم تعد تستسيغها الشعوب، ولا مستعدة للعيش في ظلها مهما كلفها ذلك من أثمان، وإذا كان هناك من لم يدرك بعد بوادر هذا التغيير القادم فهو إما جاهل بما يحدث في العالم أو قاصر في بصيرته، ولعل أكثر ما يلفت النظر – لذوي الحس السليم والبصيرة النافذة – في هذه المتغيرات، أن الشعوب سئمت وبدأت في تحطيم مفهوم عبادة الفرد والسير بغريزة القطيع خلف قادة وزعماء لم يعد أي منهم مقنعاً لها وجديراً بتحمل مسؤولية تحقيق طموحاتها، وهذا ما عبرت عنه شعارات حركة «احتلوا وول ستريت» في الولايات المتحدة، وما أسفرت عنه تداعيات أزمة الديون الأخيرة في اليونان.

إن رياح التغيير هذه آتية لا محالة، وستجرف معها كل أسس العبودية والتسلط، ولن تتوقف مالم تحقق أهدافها في نيل الشعوب لحريتها، وإرساء أسس المساواة والعدالة الاجتماعية، لكن من ينتظر أن يتحقق ذلك بين يوم وليلة فهو واهم وجاهل بحركة التاريخ وسيرورته التراكمية، فمثل هذا التغيير الشامل، سياسياً واجتماعياً، لا بد أن يحتاج إلى وقت طويل وتراكم أحداث وخبرات قبل أن يؤتي أُكله وتُجنى ثماره، أما من يرى في «الجهاد» (كما أورد الكاتب في نهاية مقاله الآنف الذكر) منقذاً وسبيلاً للقضاء على قوى الشر والاستبداد والاستعمار بأشكاله كافة، فليتفضل ويشرح لنا المكاسب التي جنيناها من انتشار الفكر الجهادي منذ إعادة إحيائه في أفغانستان، وليوضح لنا «الإنجازات»، التي حققها حاملو لواء الجهاد ابتداءً من أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة وليس انتهاء بداعش والنصرة (طالما الفكر الجهادي آخذ في الانتشار) غير إغراق المنطقة في دوامات من العنف والحروب الطائفية والمذهبية وتبديد أحلام الناس في السلام والرخاء وجرهم إلى مستنقعات التطرف والقتل المجاني والثأر.

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.