
كتب محرر الشؤون العربية:
في خطوة رأى فيها عدد كبير من المراقبين للوضع السياسي والأمني في العراق وسوريا أنها بداية الفصل الأخير في حياة تنظيم داعش «الوظيفي» في المنطقة، المتزامن مع التدخل الروسي الكبير في الأزمة السورية، وتطلعه للتدخل في الحرب على الإرهاب في العراق، أعلن بيان عسكري عراقي بأن سلاح الجو قصف موكباً لزعيم التنظيم «أبو بكر البغدادي» في محافظة الأنبار قرب الحدود مع سوريا، وأوضح البيان أن طائرات حربية تمكنت من اعتراض الموكب المتوجه الى منطقة «الكرابلة» لحضور اجتماع لقيادات التنظيم.
وأضاف أن مصير البغدادي لايزال مجهولاً، في الوقت الذي أشارت فيه تقارير صحفية إلى أنه تم إجلاؤه رفقة عناصر من التنظيم إلى مكان آخر، غير أن وضعه الصحي غير معروف، إلا أن مسؤولين عراقيين تراجعوا لاحقاً عن هذا التصريح مستبعدين مقتله.
وفي المقابل، ذهبت تقارير صحفية وطبية إلى أن قياديين بارزين قتلا، هما عمر الكبيسي، مسؤول الحسبة في البوكمال، وأبوسعد الكربولي، المنسق الأمني لتنقلات قادة التنظيم.
ووفق المعطيات المتوافرة، تمكنت اﻻستخبارات العراقية – بناءً على معلومات دقيقة استندت إلى تحقيقات مع معتقل بارز من تنظيم داعش، وبالتنسيق المباشر مع قيادة العمليات المشتركة ومن خلال القوة الجوية – من تنفيذ هذه العملية.
وأوضحت تقارير صحفية أن غرفة العمليات الاستخبارية الرباعية، التي شكلت منذ أيام بين بغداد ودمشق وطهران وموسكو، قد تكون قدمت بعض المعلومات حول تحركات البغدادي، الذي يرجح أن سبب انتقاله هدفه متابعة التطورات الميدانية هناك.
ويبدو أن الهجوم، بصرف النظر عن نتائجه، كانت له أهمية استثنائية لاستهدافه الرجل الأكثر شهرة إعلامياً، رغم تواضع تاريخه وغموضه في قيادة التنظيم وقبله مع القاعدة ووريثها في العراق، ما عدا خطبة يتيمة واستعراضية في بداية تنصيبه «خليفة» لداعش.
العملية جاءت متوافقة مع انطلاق عمليات عسكرية غير مركزة، تعتمد الكر والفر، باتجاه مناطق سيطرة داعش في العراق.
دلالات عدة للتحركات العراقية، خصوصاً عقب الإعلان عن التنسيق الأمني والاستخباري الجديد القديم، ويبدو أن تنظيم داعش يعيش حالياً مرحلة اضطراب عقب ازدياد الضربات، التي تلقاها في سوريا من قبل التحالف الدولي وروسيا وبشكل أقل القوات السورية، واستهدفت بنيته الاتصالية واللوجستية والتسليحية، وهو ما يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في حضوره الفاعل في المنطقة، في انتظار نضج التسويات الإقليمية التي ستخرج بشكل أو بآخر هذا التنظيم من سياق اللعبة الدولية الراهنة.