
المنامة – يوسف شمساه:
أحيت جمعية العمل الوطني الديمقراطي البحرينية (وعد) احتفالية ذكرى تأسيسها الـ 14، والذكرى الرابعة لرحيل أحد مؤسسيها، المناضل عبدالرحمن النعيمي، بحضور ومشاركة العديد من ممثلي التيارات والتنظيمات السياسية المختلفة، الذين أجمعوا في كلماتهم على تخليد لذكرى الراحل أبوأمل، والمطالبة بالإفراج عن أمين عام «وعد» السابق، إبراهيم شريف، الذي ينتظر حكمه، بعد أن اعتقل إثر كلمة له ألقاها، بعد خروجه من المعتقل بفترة وجيزة.
بداية الحفل كانت لمعرض صور يسرد الجانب النضالي والثوري للراحل النعيمي، الذي أمضى حياته بين المعتقلات والمنفى، تاركا ترف الحياة وملذاتها، باحثا عن حق الشعوب العربية ووحدتها، مطالبا بالمساواة لأبناء الوطن في أجواء من الحرية والديمقراطية والتعايش السلمي.
طريق صعب
تنوَّعت الكلمات والمشاركات، فقد أكد الأمين العام للمنبر التقدمي البحريني، عبدالنبي سلمان، أهمية إرساء الممارسة الديمقراطية غير المنقوصة، التي تمثل مطلبا وطنيا وشعبيا، تحمَّل الجميع لأجله الكثير من القمع والتهميش والاقصاء، مشيرا في السياق ذاته إلى اكتظاظ السجون والمعتقلات والمنافي والحرمان من فرص العمل والحياة الكريمة لعدد كبير من المواطنين، الذين بقوا أوفياء لوطنهم ولقضايا شعبهم العادلة.
وقال إن طريق الحرية صعب ووعر، وعلينا تعلم مدى تشابك عقده وتضاريسه، في ظل قسوة الحاضر المعاش، وتداخل عقد الملفات مع بعضها، واستمرار الشعب في تقديم التضحيات على مسار الحرية والعدالة.
انتصار الشعوب
من جانبه، أكد رئيس المنتدى الخليجي، أنور الرشيد، في كلمة بعث بها للمحتفلين، أن أزمة البحرين تُجدد نفسها، عبر أجيال وأجيال تتناقل النضال الوطني، للوصول للحرية والكرامة، وأن الشعوب في النهاية هي التي تنتصر.
وأشارت الكلمة إلى أن البراغماتية بالتعاطي مع مستجدات العصر والتطورات الحاصلة على مستوى المنطقة والشعوب تُحتم على الأسرة البحرينية المالكة وبقية الأسر الحاكمة الخليجية التفكير جدياً في معالجة أزمتها المستدامة مع شعوبها بشكل جذري، والقاضي بالتحول لممالك دستورية، على غرار النظام البريطاني.
تواصل وتعاون
وعلى المنوال ذاته، كانت كلمة نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أبوأحمد فؤاد، التي ركنت إلى النضال الفلسطيني وزوال الكيان الصهيوني، وأن فجر الدولة الفلسطينية العربية الديمقراطية قادم لا محالة، مؤكدا أهمية تواصل القوى الوطنية والديمقراطية وتعاونها في معركة الأمة.
مرحلة صعبة
ولقيت مشاركة المنبر الديمقراطي الكويتي في الاحتفالية صدى كبيرا، فقد أكد رئيس المكتب الثقافي مشاري الإبراهيم، في كلمة له، أن الذكرى الرابعة لرحيل المناضل الوطني عبدالرحمن النعيمي (أبوأمل) ليست ذات طبيعة عاطفية، بقدر ما هي اليوم رسائل ذات أكثر من معنى واتجاه، أولاها الوفاء والتقدير للرموز والقيادات الوطنية والمناضلين من أبناء الوطن، الذين قدَّموا التضحيات والجهد والعمل الدؤوب لبناء وطن يكفل ويضمن حقوق وفرص العيش الكريم، وسيادة للعدالة والدستور، والمساواة لأبناء الوطن في أجواء الحرية والديمقراطية والتعايش السلمي الأمن للوطن وشعبه وضمان استقراره وديمومته، وهذا الأمل الذي رفعه الأوائل علينا جميعا اليوم الحفاظ عليه والدفاع عنه، وهي الرسالة الثانية التي على الشباب الوطني الديمقراطي مواصلة الطريق والنضال السلمي لتحقيقه.
ثم تابع «نعيش اليوم في مرحلة من تاريخنا السياسي والنضالي ضمن إقليم مضطرب، تتنازعه الانقسامات الطائفية والصراع بين مكونات الشعوب الاجتماعية، لأسباب عدة ومختلقة، خدمةً لأجندات دول إقليمية تحاول بسط أدواتها، من خلال تغذية صراع داخلي، في الوقت الذي تنامى فيه الشقاق الطائفي والعقائدي والعرقي بين مكونات الشعوب العربية، مستغلة إثارة النعرات والإشاعات، لكسب التأييد من أطراف أخرى، وخلق حالة من العداء مع آخرين».
وأردف قائلا «لا يمكننا، اليوم، أن نخفي أو نتجاوز على انتشار هذا السلوك من التخاصم بين مكونات شعوبنا، نتيجة تلك الاحتقانات والصدامات الحادثة بإقليمنا العربي، وهو ما يتطلب منا، كقوى وطنية ديمقراطية مدنية، التصدي بكل ما نملكه من وسائل سلمية وحجج مقنعة وأدوات مؤثرة لكل مظاهر وأسباب التخلف والتطرف والإرهاب، أيا كان مصدره، وعلينا تنمية أخلاق وقيم التعايش بين مكونات المجتمع، وكذلك فضح كافة أشكال وأساليب قوى التخلف والظلام المتكسبة والمتاجرة بالدين، وأن ندعو لبناء أوطاننا بصورة صحيحة، تتوافر فيها المؤسسات الديمقراطية نحو تحقيق مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية للجميع، وصولا إلى حالتي التطور والتقدم المنشودتين».
وقال إن هذا الأمر يتطلب منا جميعاً، أن نعمل بجد، من دون كلل أو ملل، عبر كافة الوسائل السلمية المتاحة، متمسكين بقيمنا ومبادئنا الوطنية.
وأكد الإبراهيم، باسم المنبر الديمقراطي الكويتي، الدعم الكامل لمطالب الشعب البحريني الوطنية وتحركاته السلمية لتحقيقها، كما طالب بالإفراج عن كافة معتقلي الرأي، وعلى رأسهم إبراهيم شريف.
دور كبير
أما عضو جمعية الوفاق البحرينية، رملة عبدالحميد، فأشارت إلى الدور التي تقوم به «وعد»، كنقطة التقاء لجميع أقطاب العمل السياسي البحريني المعارض، ودورها النضالي في التحرك الإصلاحي البحريني، حيث قالت «وعد، وما تملكه من تاريخ نضالي كبير، وما تمثله من ثقل سياسي، شكلت نقطة تلاقٍ فريدة من نوعها مع أقطاب العمل السياسي المعارض في البحرين.. هذا التلاقي أهَّلها لأن تلعب دوراً جامعاً مميَّزاً، لتبقى كما عرفناها، تنأى بنفسها عن التمزق والانزلاق في الطائفية والتخندق في صفوف الأنا والمصلحة الذاتية الضيقة».
التحرك الشعبي السلمي
واختتمت نائب الأمين العام لجمعية وعد، فريدة غلام، الاحتفالية بكلمة أكدت فيها، أهمية التحرك الشعبي السلمي، المطالب بتحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية في دولة المواطنة المتساوية، من خلال إشراك المواطن في صناعة القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وأضافت أنه بعد أربعة عشر عاما على تأسيس جمعية وعد، والتصريح للعمل السياسي العلني، وأربع سنوات على رحيل المناضل عبدالرحمن النعيمي، لا تزال بلادنا تعيش إرهاصات وتداعيات وأجواء قانون تدابير أمن الدولة، الذي بدأت تتسلل مواده إلى العديد من التشريعات، وخصوصا قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، فضلا عن تغييب القرار الشعبي، بسبب وجود سلطة تشريعية نصفها منتخب وصلاحياتها محدودة وغير قادرة على المحاسبة والرقابة والتشريع، كما هو متعارف عليه في المؤسسات البرلمانية، بمختلف دول العالم».
ثم تابعت «خلال عقود النضال الوطني، قدَّم شعبنا وقواه الفاعلة تضحيات كبرى على مذبح الحرية والديمقراطية، فسقط الشهداء والجرحى، وزج في السجن بآلاف المواطنين من مختلف الأعمار، بمن فيهم الشباب والأطفال، وزاد منسوب التمييز السياسي والطائفي والمذهبي والفصل التعسفي، بناءً على هذا الانتماء، الأمر الذي قاد إلى انسداد خطير في الوضع السياسي البحريني، وتدهور الوضع الحقوقي، وبالتالي الوضع الاقتصادي وتفاقم الأزمات المعيشية».