
كتب محرر الشؤون المحلية:
هل يُعقل أن يصل التخبط والعشوائية في اتخاذ القرار إلى حد عجز الجهات الحكومية المختصة عن تنفيذ مشروع سكني حيوي وضع مخططه منذ سنوات؟
وهل يصل تشابك الاختصاصات إلى الحد الذي تعد فيه كل جهة مختصة نفسها بمعزل عن الجهات الأخرى، وكأنها معنية فقط بشؤونها الخاصة؟
وأين الأجهزة الرقابية من تعطيل المشاريع الحيوية؟ ومَن يحاسب المتقاعسين عن أداء دورهم في تذليل العقبات أمام بناء المزيد من المساكن وتقليص طوابير الانتظار، فضلاً عن تحمُّل المسؤولية في تنفيذ المشاريع وتطبيق القانون على الجميع؟
أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات، بعد أن دخل مشروع جنوب عبدالله السكني في دوامة الروتين والمعوقات، التي يبدو أنها أصبحت بلا حلول.
فمشروع جنوب سعد العبدالله السكني وضع مخططه لبناء نحو 46 ألف وحدة سكنية، منذ سنوات.. ورغم إعلان المؤسسة العامة للرعاية السكنية عن خطة العمل في هذا المشروع الحيوي والبدء في تنفيذه خلال الفترة من 2017 حتى 2019، ومن ثم تسليم المساكن للمواطنين المستحقين لأولوية الرعاية السكنية، فإن أرض المشروع تحوَّلت إلى «مقبرة» للإطارات التالفة، والتي يقدر عددها بأكثر من 12 مليون إطار متراكمة منذ سنوات ممتدة.
الغريب في الأمر، أن كل جهة حكومية تتنصل من مسؤوليتها، وتلقي باللائمة على الجهات الأخرى، فـ «السكنية» تحمّل البلدية المسؤولية في إزالة ملايين الإطارات من أراضي المشروع، والأخيرة تحيل الأمر إلى هيئة الصناعة، التي بدورها تكتفي بإعداد تقارير، كما أن جهات أخرى ترفض القيام بدورها، تحت ذريعة أن رفع تلال الإطارات ليس من اختصاصها.
وكانت جهات مختصة اقترحت عمل مناقصة لبيع ملايين الإطارات لإحدى الشركات التي تقوم باستغلالها ورفعها من الموقع، وقدرت قيمة البيع بنحو 12 مليون دينار، إلا أن هذا المقترح تكسَّر على صخرة الروتين.
وكان وزير الإسكان أصدر قراراً، بتشكيل لجنة خاصة لمتابعة الإطارات وبقية العوائق في الأرض المخصصة لمشروع جنوب سعد العبدالله، وعقدت اللجنة نحو 16 اجتماعاً خلال العام الحالي.. ورغم قيام المؤسسة العامة للرعاية السكنية بطرح مناقصة أعمال تخطيط وتصميم المشروع السكني، لكن الجهات المختصة لم تقم بدورها في إزالة العوائق.
وبعد رفع تقرير بالأزمة إلى مجلس الوزراء، اجتمعت لجنة الخدمات منذ أيام، وخلصت إلى تحذير جهات الدولة من بطء الإنجاز وعدم تحمل المسؤولية، ما يؤخر المشاريع ويفاقم الأزمة الإسكانية.
ووصفت مصادر مطلعة ما حدث في تعطيل مشروع جنوب سعد العبدالله، بأنه مثال حي على التخبط والإهمال والتقاعس عن العمل، فضلاً عن غياب المحاسبة، فكثير من المشاريع لم يخضع المتسببون في تعطيلها للمحاسبة، ومن ثم، فإن مصالح المواطنين وقضاياهم هي الضحية.