الشوارع على حالها منذ 50 عاماً

اختناق مروري
اختناق مروري

كتب محرر الشؤون المحلية:
تناولت «الطليعة»، على مدى 3 حلقات سابقة، أبعاد الأزمة المرورية، وأبرز أسبابها، وكشف هذا الملف الشائك عجز الجهات الحكومية المختصة، وعدم اتخاذها التدابير اللازمة لوقف نزف الشوارع والطرقات، الذي يودي بأرواح مئات الأشخاص سنوياً، فضلاً عن إصابة الآلاف من رواد الطرق بعاهات مستديمة، من جراء تصادمات وانقلابات المركبات.

وتكشف الحلقة الأخيرة من الملف عن تأخر الاستراتيجية الوطنية لحل الأزمة المروية لسنوات ممتدة تصل إلى 50 عاماً، وفق الدراسات الحديثة، الصادر بعضها عن جهات مسؤولة، مثل المجلس الأعلى للتخطيط، فقد وضعت الخطط على الورق فقط، لكن تنفيذ المشاريع الجادة الرامية إلى توسعة الشوارع والطرقات واستحداث طرق بديلة لم يتم على أرض الواقع.

وكشفت الدراسات أن غياب التخطيط وتشابك الاختصاصات بين أجهزة الدولة المختصة، من أبرز أسباب تفاقم المشكلات وتراكم الخلل.. ليس على مستوى الأزمة المرورية فحسب، بل على مستوى مجمل القضايا والأزمات، كما أن عدم الجدية في وضع الحلول الملائمة والناجحة، والتخلي عن التخطيط للمستقبل يجعل المشاريع الآنية وسيلة للتكسب وتنفيع بعض المتنفذين على حساب المصلحة الوطنية.. وليس أدل على ذلك من هدر الملايين في مشاريع طرق تبيَّن فشلها تماماً في حل الأزمة المرورية، بل على العكس من ذلك، هناك دوارات وانحناءات وطرق بديلة فاقمت الاختناق المروري.. وبدلاً من خدمة المناطق، زادت الطين بلة!

مَن المسؤول؟

وفق مهندس الطرق د.علي التركي، فإن تشابك الاختصاصات بين الوزارات والجهات المختصة يزيد من هدر الأموال، ويفتح الباب لمزيد من الأزمات التي تظل بلا حلول، مشيراً إلى أن الأزمة المرورية تحوَّلت إلى أزمات، بسبب هذا التشابك والروتين والتعقيدات الإدارية والدورة المستندية التي تعطل المشاريع.

واستدل على تشابك الاختصاصات، بما يحدث على أرض الواقع في شوارع البلاد، أن وزارة الداخلية المعنية بتنظيم حركة السير وتطبيق القانون، تلقي باللائمة على وزارة الأشغال، ويصرح قياديون أمنيون، بأن الشوارع والطرقات على حالها بلا تطوير، فماذا يفعل شرطي المرور؟

لكن وزارة الأشغال ترد بدورها على لسان مسؤوليها، بأن مشاريع تطوير الشوارع والطرقات مستمرة منذ سنوات، واللائمة تقع على جهات أخرى مختصة تتسبب بدورها في تعطيل تنفيذ مناقصات وأعمال مهمة.

وهكذا تستمر الأزمة وتتعرقل النهضة الحقيقية وفق التركي، الذي يرى أن غياب المحاسبة جعل الجهات المختصة تتقاذف الاتهامات، ويبقى الوضع على ما هو عليه، مشدداً على ضرورة وضع خطة وطنية تقوم على تنفيذها جميع جهات الدولة المختصة لحل الأزمة المرورية، مشيراً إلى أن الحلول حتى الآن ترقيعية، والملايين تهدر على مشاريع وقتية لا تراعي مستقبل الأجيال.

مجرد كلام

ولفت التركي إلى أن التصريحات الأخيرة لمسؤولي وزارة الأشغال حول حل الأزمة المرورية جذرياً خلال عامين مجرَّد كلام لا أساس له على أرض الواقع، ولا دليل عليه ملموساً حتى الآن، متسائلاً: بعض مشاريع الطرق الحالية متعثرة وتعاني التأخير عن الجدول الزمني المقرر لها، كما أن انسيابية الحركة المرورية مرهونة بطرق جديدة موازية للحالية، فضلاً عن توسعة الشوارع الرئيسة، ونقل الكثير من الجهات الحيوية والمصالح الحكومية التي يقصدها آلاف المراجعين يومياً إلى خارج الحيّز العمراني المختنق حالياً.

لا جدية

وأردف بالقول: لا يوجد تحرُّك جدي لحل الأزمة المرورية بصورة جذرية حتى الآن، متسائلاً: لماذا صمتت الحكومات المتعاقبة على الملف المروري، حتى أصبح أشبه ما يكون بكرة اللهب التي تتقاذفها الجهات المختصة، وكل جهة تلقي باللائمة على الأخرى، ومن ثم تجمَّدت الحلول.

وأشار إلى أن بعض مشاريع وزارة الأشغال في الشوارع والطرقات تتسبب في زيادة الاختناق المروري، فالأعمال التي تتم في أوقات الذروة تجعل بعض الطرقات مليئة بالحفريات، كما يضيق الحيز المخصص لسير المركبات، ويتسبب ذلك في حوادث جسيمة، فضلاً عن تعطيل مصالح الناس.

كراجات مفتوحة

من جانبه، قال الباحث في الشأن المروري والأستاذ في كلية الهندسة د.أحمد السلطان، إن شوارع الكويت الرئيسة تتحول إلى ما يشبه الكراجات المفتوحة، خصوصاً في أوقات الذروة، مشدداً على أن الواسطة وتجاوز القانون وغياب الخطط الرامية إلى الحد من نزف الشوارع والطرقات من أبرز أسباب تفاقم الأزمة، مشيراً إلى أن الجهات المختصة إذا لم تتحرك لوضع الحلول اللازمة، فسوف تستعصي الأزمة على الحلول.

مترو الأنفاق

وتحدث السلطان عن مشروع مترو الأنفاق والسكك الحديدية في الكويت، مؤكداً أنه ضرورة ملحة، لكن يبدو أن متنفعين ومتكسبين يعرقلون هذا المشروع الحيوي، والذي سيحد من الاختناق المروري، وسيجعل شريحة كبيرة من المواطنين والمقيمين تتخلى عن السيارة الخاصة، فعدم توافر وسائل النقل العامة في الكويت زاد الزحمة بصورة غير طبيعية.

ولفت إلى أنه أعد دراسة أخيرا، أثبت من خلالها أن أعداد المركبات في البلاد يفوق الطاقة الاستيعابية للشوارع والطرقات بنسبة 60 في المائة، ما يعني أن آلاف المركبات زائد عن الحد.

أين الاستعدادات للعام الدراسي مرورياً؟

في الوقت الذي اقتربت فيه عودة المدارس والجامعات، تساءلت مصادر مسؤولة: أين الخطة المرورية لتنظيم حركة الشوارع والطرقات؟

وأضافت: يبدو أن هذه الخطط أصبحت محصورة في التصريحات الإعلامية والكلام عبر وسائل الإعلامي، فلا جديد في آلية التنظيم، ولا تخطيط مسبقاً لمنع الرعونة والاستهتار، ولا نشر للدوريات وفق خطة مدروسة، حيث تخلو الكثير من المناطق من تواجد أمني ومروري، ما يغري بمزيد من أعمال الرعونة والاستهتار.

وذكرت المصادر أن الأعمال الإنشائية ومشاريع الأشغال في بعض المناطق ستفاقم الاختناق المروري مع عودة المدارس والجامعات هذا العام، متوقعاً أن يزداد الزحام في محيط الجامعة بكيفان والخالدية أكثر من الأعوام الماضية، بسبب أعمال الشوارع المحيطة بالمنطقتين، مطالباً بحلول عاجلة.

(انتهت)

Print Friendly, PDF & Email

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.