
كتبت حنين أحمد:
أثار اقتراح النائب د.عبدالرحمن الجيران، بضرورة وجود محرم مع الفتاة المبتعثة إلى الخارج، ردود فعل مستنكرة واسعة، ولاسيما من قِبل الطلاب والطالبات، الذين وجدوا فيه تقييداً للحرية، وإهداراً للمال العام، والأهم من ذلك، أنه غير منطقي وتعجيزي.
وكشفوا أن هذا الاقتراح سيحدُّ من طموحات الفتيات اللواتي يردن متابعة دراستهن في الخارج، وليس لديهن محرم، وبالتالي سيضيع مستقبلهن.
«الطليعة» استطلعت آراء عدد من الطالبات، ورصدت ردود أفعالهن حول هذا المقترح.. وهذه حصيلة الآراء..
في البداية، أبدت سارة النومس اعتراضها على هكذا اقتراح، كون بعض الفتيات لسن متزوجات، وليس لديهن أشقاء، أو أن إخوانهن لا يأخذن أمور حياة شقيقاتهم الدراسية على محمل الجد، أو يرفضون السفر معهن، ما يمكن أن يشكل عائقاً، في حال إقرار القانون، مشيرة إلى أنه من الظلم توقف مستقبل الفتاة لأجل هكذا اقتراح.
وقالت: أعتقد أنه في حال إقرار المقترح، ستدخل الواسطة فيه، شأنه شأن العلاج بالخارج، أي أنه بدل المحرم الواحد، ستذهب العائلة بمجملها، ما قد يسبب مشاكل في ميزانية الدولة.
تقييد للحرية
وأكدت هنادي الهولي، أن في هذا الاقتراح تقييد للحرية، وإهدار للمال العام، معتبرة أن التعليم حق والحرية الشخصية والمساواة أيضاً حق، والدستور الكويتي احتوى كثيراً من النصوص التي تؤكد هذه الحقوق، فالمادة 13 من الدستور الكويتي نصَّت على أن «التعليم ركن أساسي لتقدم المجتمع، تكفله الدولة وترعاه»، والمادة 14 نصَّت على أن «ترعى الدولة العلوم والآداب والفنون وتشجع البحث العلمي».
وكشفت أن القانون وضع الخطة اللازمة للقضاء على الأمية واهتمام الدولة خاصة بنمو الشباب البدني والخلقي والعقلي، ومن جانب المساواة، فقد أشار الدستور الكويتي إلى مبدأ المساواة، كأحد دعامات المجتمع، حيث نصَّت المادة السابعة على أن «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين»، كذلك أشارت المادة 30 إلى أن «الحرية الشخصية مكفولة، وتشمل كافة ما يلتصق بشخص الإنسان، من حقوق وحريات، باعتباره كذلك، وهي تتم بحدود مراعاة النظام العام والآداب، وهو واجب عام على جميع من في الكويت من مواطنين

وأجانب».
يتعارض مع الدستور
وبينت الهولي أن هذا الاقتراح لا يتوافق مع مواد دستور الكويت، باعتبار الكويت دولة مدنية، متسائلة: ماذا سيفعل المرافق أو «المحرم» في مدة دراسية تقدر بـ 4 سنوات كحد أدنى؟ هل الوفرة المالية تعطينا الحق في إهدار الأموال بهذه الطريقة؟ وماذا سيخدم هذا المحرم الكويت، في حال تلقيه راتباً أو إعانة من غير وجه حق؟ إذا كانت الحجة، بأن الثقافة الغربية تختلف، وخوفاً على البنت من عدم الانضباط الأخلاقي، فيجب علينا أن نخاف على الولد أيضاً، لأن تأثر الولد لا يقل أهمية عن تأثر البنت، وهنا يأتي دور الأسرة، وهي النواة الأساسية لبناء المجتمع في تربية الأبناء وليس باقتراحات غير مدروسة وتتنافى مع الدستور بالدرجة الأولى.
قرار اختياري
ولفتت بدرية عبدالله بن سهيل إلى أن هذا القرار غير مناسب لكل المبتعثات، لأن البعض لديهن الحرية بالسفر والدراسة بمفردهن، بموافقة أولياء أمورهن، وإقرار هذا المقترح سيؤثر في الكثير من المبتعثات إلى الخارج، لأسباب عدة، منها عدم وجود مَن يرافقهن، وفي النهاية هذا الأمر اختياري، فمن ترد مرافقة محرم معها، فليكن ذلك، ومن لديها القدرة على الاعتناء بنفسها والسفر من دون محرم، فلها مطلق الحرية أيضاً.
واعتبرت بن سهيل، أن هذا القرار غير منطقي، ومَن تقدَّم بهذا الاقتراح يريد الإيهام بأن المبتعثات لا يذهبن للدراسة، بل لفعل أمور أخرى، وهذه كارثة، ويجب ألا نحكم فقط على المبتعثة لأنها أنثى، لأنه حتى الشباب قد يقعون في الخطأ، ومن الناحية الشرعية يجوز للفتاة استكمال دراستها في وجود أو عدم وجود محرم، ولا يجوز إطلاق الأحكام المطلقة على الفتيات من دون معرفة جيدة بهن.
ضد الفرض
ولفتت فجر الطباخ إلى أنها ليست ضد فكرة المحرم، أو أن يرافق الفتاة في السفر، لكن ضد فرضه كقانون وإلزام كل فتاة تريد السفر للدراسة بالتحديد أن نمنعها من السفر، بحجة المحرم، لأن هناك فتيات لا يستطعن اصطحاب محرم معهن، وبالتالي لماذا تحرم من الدراسة، ويتم التحكم بمستقبلهن، من أجل المحرم؟
وبينت أنه إذا كانت الحجة الأخلاقية السلوكيات التي تمارس هناك، وأن الهدف المحافظة على الفتاة وأخلاقها، فهذا اعتقاد خاطئ، لأن الذي يريد الانحراف سيقوم بذلك، سواء داخل الكويت أم خارجها، وليس الحل بفرض وجود المحرم، بل في التربية والرقابة الذاتية على السلوك.
وبينت الطباخ أن هذا القرار يقيد البنت، ويقلص من خياراتها في التعليم، مع العلم أنه يجب أن نشجعها على السفر والدراسة وطلب العلم، فكل أسرة تخاف على بناتها، لكن هذا لا يعني أن كل فتاة تريد السفر ستنحرف في سلوكها، ونحن لسنا ضد تطبيق الشرع، إنما ضد فرضه بالقانون، وهو أمر غير مقبول.
الغربة وإيجابياتها
وأوضحت أبرار الزامل، أنها ضد فكرة أن يصاحب المحرم الفتاة المبتعثة، لأسباب عدة، منها افتقار المقترح للمنطق، فمثلاً «أنا أدرس الطب البشري في البحرين، وليس لديَّ محرم، لأن والدي متوفى، وشقيقي برحلة علاج في أميركا، وليس لديَّ أعمام، وأخوالي كل لديه عائلته، فهل من المنطق، بحجة أنه ليس لديَّ محرم أن أقعد في البيت أو أدرس أي تخصص، رغم أن معدلاتي عالية؟ وهل من المعقول أن أتخلى عن حلمي وطموحي، بحجة عدم وجود محرم؟
وشددت الزامل على أن للغربة الكثير من الإيجابيات، وتعلمنا الكثير، وعلى الأهل أن يكون لديهم ثقة بابنتهم، وهم الأدرى بأخلاقها وسلوكياتها وتربيتهم لها، والغربة تصقل الشخصية، وتعلمنا الاعتماد على الذات، وكيف نأخذ حقنا بذكاء وأدب، مع التأكيد أننا دائماً نرجع إلى الأهل في كافة أمور حياتنا هناك.
وختمت قائلة: هذا المقترح تعجيزي، ويطلب من الفتيات التخلي عن أحلامهن وطموحاتهن.
بيان رابطة الشباب الكويتي
أصدرت رابطة الشباب الكويتي بيانا، اعتراضت فيه على مقترح الزام المبتعثات بمحرم للدراسة في الخارج جاء فيه:
إن اقتراح أحد أعضاء مجلس الأمة الكويتي، بتعديل لائحة البعثات الدراسية لوزارة التعليم العالي، بحيث يرافق المبتعثات غير المتزوجات أحد أقربائهن من المحارم، فيما تتكفل الدولة بمصاريف السفر والإقامة، يعد انتهاكاً صارخاً للحريات الشخصية، ويقيد من فرص المرأة في تحصيلها العلمي، وفيه إهدار للمال العام، كما نذكر النائب أن أحد مؤسسي الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية لولوة القطامي، سافرت لتحصيل العلم عام 1952، ما يطرح تساؤلاً؛ لماذا يريد البعض إعادة عقارب الساعة لمرحلة غير موجودة أصلاً؟
وأضاف البيان: كما نؤمن بأن صيانة اللوائح والقوانين بصورة دورية من قبل المشرعين ومتخذي القرار ضرورة ملحة تستلزم تطويرها، بما يواكب التغيرات المجتمعية والمستجدات التقنية، بحيث إنها يجب أن تمثل تطلعات المواطنين بالمزيد من الرفاهية والحريات وفرص تطوير الذات، كما أن المقترح غير موضوعي، في ظل وجود جزئيات أهم تستحق إعادة النظر من آلية الابتعاث.
وطالب بيان الرابطة اللجنة التعليمية بمجلس الأمة ولجنة البعثات بوزارة التعليم العالي بإعادة النظر في تلك اللائحة، كي تعكس التالي:
– إضافة فئة حملة الدبلوم لبعثات البكالوريوس.
– تعديل شرط الجنسية لضم أبناء الكويتيات.
– تعديل شرط العمر، كي يشمل كل مَن تجاوز سن الـ 17 عاماً.
– لائحة خاصة ببعثات الدراسات العليا.