
كتب محرر الشؤون المحلية:
في ظل صمت حكومي فاضح، على غلاء الأسعار والتلاعب في الأسواق، وضعف الرقابة وعدم تفعيل قوانين منع الاحتكار والغش التجاري، والاستغلال، دشن نشطاء وشباب ومراقبون للأسواق حملة شعبية قوية ومكثفة، احتجاجاً على غلاء أسعار الأسماك، حملت شعار «خلوها تخيس»، تعبيراً عن الغضب من التجار المتحكمين في سوق السمك.
وبعد أن صعدت أسعار الأسماك بنسبة 100 في المائة لبعض الأنواع، ولا سيما الزبيدي، الذي وصل سعر الكيلو منه إلى 15 ديناراً، فضلاً عن الغش في الأنواع، وبيع المستورد على أنه محلي، والمجمَّد على أنه طازج، بعد تسييحه، جاءت هذه الحملة الشعبية، لتفضح عجز وزارة التجارة والجهات الأخرى المختصة عن حماية المستهلكين من هيمنة المحتكرين والمتلاعبين، والمتنفعين، الذين يحركون الأسعار وقتما يشاؤون، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب المادية.
ونجح النشطاء والشباب في تحقيق منجز رائع من تدشين الحملة قبل أيام، وصنعوا ما عجزت عنه الحكومة في سنوات، حيث أسفر التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن توصيل رسالة قوية إلى الجهات المختصة، بأن التحرك الشبابي قادر على التأثير، وخلق رأي عام يُعتد به، وليس أدل على ذلك من ترجمة هذه الحملة إلى واقع ملموس، حيث استجاب الكثيرون إلى الدعوة لمقاطعة شراء الأسماك.
حملة الشباب
وفي الوقت الذي كشفت فيه مصادر مطلعة عن أن الحملة الشعبية حققت نجاحاً غير مسبوق، حيث انخفضت أسعار الأسماك في سوق شرق بنسبة تصل إلى 40 في المائة في بعض الأنواع، كما تراجع سعر سلة الروبيان بصورة ملحوظة، أعلن منسقو الحملة عبر مواقع التواصل، عن التجهيز لحملة أخرى قادمة، لمقاطعة اللحوم، التي ارتفعت أسعارها هي الأخرى، ولاحقاً سيسلط النشطاء الضوء على أسواق الخضراوات، حيث صعدت أسعار أصناف منها بنسبة 100 في المائة.
وشدد مراقبون للأسواق على أن الحكومة في وادٍ، وقضايا المستهلكين في وادٍ آخر، مشيرين إلى أن «التجارة» والجهات الأخرى المختصة لم تضع أي ضوابط لكبح جماح الأسعار، الأمر الذي فتح المجال أمام غلاء غير مبرر طال معظم السلع الرئيسة، التي يحتاج إليها جميع المواطنين والمقيمين.
وحذر مراقبون من انحياز الحكومة في كثير من الأحيان إلى المتكسبين والمتنفعين، والذين تصبُّ القرارات في صالحهم طوال الوقت، فهناك شريحة من المستوردين والمتحكمين في الأسواق يحتكرون بعض السلع الغذائية، ويرفعون الأسعار بلا ضوابط، ولا يعبأون بظروف محدودي الدخل من المواطنين والمقيمين، على حد سواء.
تسوق من السعودية
ووفق مصادر مطلعة، فإن الكثير من المواطنين أصبحوا يتسوقون الآن من السعودية، وتحديداً من منطقة الخفجي، التي تباع فيها السلع الغذائية بأسعار زهيدة، وتقل بنسبة كبيرة جدا عن مثيلتها في الكويت.
وقالت المصادر إن الرقابة ضعيفة جداً في الأسواق، وغالباً ما تنفذ الرقابة التجارية حملات لضبط الأسواق، بالتعاون بين الجهات المختصة، لكنها لا تؤتي ثمارها، بسبب عدم تطبيق قانون الغش التجاري بحذافيره، كما أن بعض الحملات تكون روتينية، ويعجز المفتشون التجاريون عن تغطية كل الأسواق في البلاد، ما يفتح الباب أمام المزيد من الغش والتلاعب.
وفي ما يخص أزمة الأسماك، علل اتحاد الصيادين ارتفاع الأسعار بالتخبط الحكومي، حيث تسبب قرار خفر السواحل بإيقاف نحو 100 قارب صيد عن العمل، في ظل شح المعروض من الأسماك، وبالتالي تزايدت أسعار الزبيدي وغيره أخيرا، لافتاً إلى أن بعض القوارب لم تكن مخالفة، ومع ذلك تم إيقافها عن الإبحار بلا مبررات منطقية.
كما كشفت الجولة في الأسواق عن ارتفاع أسعار بعض الخضراوات بنسبة 100 في المائة، وسط صمت من الجهات المختصة، وعلى رأسها وزراة التجارة واتحاد الجمعيات الاستهلاكية.
وفيما أعلنت وزارة التجارة عن تنسيق مع نظيرتها الشؤون لضبط الأسعار في القطاع التعاوني، كشفت عن إخطار الجمعيات بالالتزام بتطبيق قرار الإدارة المباشرة لنشاط شراء الخضار والفاكهة وإلغاء دور الوسيط المحتكر لعملية التوريد، مشيرة إلى إحالة أي جمعية لا تلتزم بهذه الآلية إلى الشؤون القانونية، فيما سيتم إيقاف توقيعها.
وقالت «التجارة»: إن القرار يلزم الجمعيات التعاونية بآلية شراء الخضار والفاكهة من المنتج المحلي وعبر منافذ التسويق الوحيدة في البلاد وهي صالة في منطقة الصليبية، إضافة إلى اتحاد المزارعين، وهي المنافذ التي يعتمد عليها المزارعون في تسويق منتجاتهم، متوقعا أن يسهم بدء تفعيل هذه الآلية في مواجهة عمليات زيادة الأسعار المصطنعة التي تتعرض لها السلع الرئيسة من الخضار والفاكهة بين الفينة والأخرى.
إلى ذلك، طالب مراقبون بالتحرك الجاد، لمنع الجشع والاستغلال، وتشديد العقوبات بحق المتلاعبين، الذين يريدون جني أرباح على حساب محدودي الدخل.