كتب محرر الشؤون المحلية:
أكدت الندوة الأخيرة، التي أقامها تجمُّع نهج، واستأنفت «المعارضة» من خلالها نشاطها، في ديوان النائب المبطل عضويته أسامة المناور، والتي حملت عنوان «الكويت تسرق»، أن كتلة الأغلبية تعاني في الوقت الحالي أزمة كبيرة، وأن تلك الأزمة هي محصلة لسياسات انتهجتها الكتلة خلال مشوارها وصدامها القوي مع الحكومة منذ منتصف الفصل التشريعي الثالث عشر، وقبل الحل الأول لمجلس 2009.
والمعروف أن كتلة الأغلبية تشكلت عقب أحداث ديوان الحربش في منطقة الصليبخات، ثم نضجت بعد قضيتي الإيداعات والتحويلات المالية، ونجحت من خلال تحركاتها إبان تلك الفترة في حل مجلس الأمة وإزاحة رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد عن المشهد السياسي، لتكتمل صورتها مع تشكيلة المجلس المبطل الأول بأغلبية نيابية ساحقة، لتفاجئ الكتلة بعد ذلك الجميع بأنها وحدها تمتلك القرار السياسي في المجلس وفي الوقت نفسه غير قادرة على تحقيق تطلعات شباب الحراك، بسبب عدم وجود برنامج سياسي واضح، بعدما اقتصر برنامجها على رحيل الشيخ ناصر المحمد، ومطالب إعلامية أخرى لم تترجم إلى واقع، كالملكية الدستورية والحكومة المنتخبة التي تلاشت في ما بعد، عقب انخراط أعضاء الكتلة في العمل السياسي داخل المجلس.
وبسبب ذلك العمل السياسي الذي مارسه أعضاء الكتلة في قاعة عبدالله السالم سمحت الكتلة (رموزها) لبعض الأطراف النيابية وقتها «المحسوبين على الإسلام السياسي» بتنفيذ أجندتها، والتي كادت تقضي على مدنية الدولة، بمحاولة بعض الأطراف، وبصمت من جانب البقية الأخرى، في المطالبة بتعديل المادة 79 من الدستور، فضلاً عن إتاحة الفرص لآخرين في الكتلة تصفية حساباتهم مع أطراف في الحكومة والمجلس.
فكر إقصائي
جاء هذا إلى جانب ممارسة فكر إقصائي من جانب البعض، بهدف الحفاظ على تماسك الكتلة ومكاسبها في المجلس وكتلتها التصويتية، والتي تمكنها من تمرير أي من القرارات والمشاريع في المجلس، بيد أن العودة إلى الشارع مرة أخرى عقب إبطال المحكمة الدستورية لمجلس 2012 الأول، والذي أعقبه إصدار مرسوم الصوت الواحد.
وعلى الرغم من نجاح مشروع مقاطعة الانتخابات، لم يكن بالقوة نفسها التي كانت عليها الكتلة سابقا، عندما رفعت شعارات دولة المؤسسات واستقلال القضاء وحزمة قوانين مكافحة الفساد.
أخطاء
يأتي هذا، مع استفادة أغلب أعضاء الحراك الأول من المحسوبين على التيارات السياسية في الظفر بعضوية المجلس، وانخراطهم جميعا في المواءمات السياسية التي تفرضها ظروف المنصب. ويعد رفع سقف الخطاب السياسي من قبل رموز الكتلة في تجمعاتهم المختلفة من دون تبني برنامج ثابت من أكبر الأخطاء التي اقترفها أعضاؤها، والتي كانت سببا في ضرب الكتلة وتفكيكها من الداخل، ما بين مؤيد ومعارض لتلك اللهجة المستحدثة في خطاب الكتل السياسية في الكويت خلال تاريخها، هذا إلى جانب اختلاف الأيديولوجيات التي جاء منها أعضاء الكتلة، ومن ثم اختلاف مواقفهم حول الأحداث الكبرى، كالمقاطعة، ومواقفهم حول حبس بعض المغردين، وارتفاع سقف الخطاب في الندوات العامة.
ويرى قطاع كبير من الشارع الكويتي أن كتلة المعارضة استفاد أعضاؤها بصفة شخصية، سواء على مستوى عضوية المجلس، أو تصدر المشهد السياسي، وتخلوا طواعية عن استحقاقات مهمة وحيوية كان من الممكن لها أن تغيّر المسار السياسي في الكويت برمته، عن طريق تشريعات خرجت جموع شبابية لإقرارها، كاستقلال القضاء وإنشاء هيئة مكافحة الفساد وتشريعات أخرى، كتعارض المصالح وحماية المبلغ والذمة المالية.
الحراك الشبابي
وبعد مرور عام على مسيرة كرامة وطن الأولى، يرى مراقبون أن الحراك الشبابي لايزال قادرا على إيصال رسالته، كما أوصلها من قبل في مناسبات عدة، كان أهمها حراكه في «نبيها خمس»، شرط أن يكون ذلك الحراك بعيدا عن الاستقطاب السياسي، ولاسيما على صعيد تيارات الإسلام السياسي التي كانت أكبر المستفيدين من حراك الشباب عقب ظهور قضية الإيداعات والتحويلات.