فوزية أبل:
حالة من الصدمة والحزن الشديد سادت الشارع الكويتي، بكل أطيافه وشرائحه، وخيَّمت عليه، من جراء إعلان وزارة الداخلية عن اكتشافها خلية إرهابية، متهمة بالانتماء إلى أحد التنظيمات، التي لم يسمها البيان، وترسانة أسلحة وذخائر ومتفجرات وألغام تكفي لتدمير بلد بأكمله، مخزنة بطريقة محترفة في مزرعة بالعبدلي، ولم يذكر إجمالي المتهمين فيها.
وباشرت النيابة العامة خلال الأيام الماضية تحقيقاتها مع المتهمين، وتناولت وسائل الإعلام، خصوصاً الصحف المحلية، بعض المعلومات حول الموضوع، كما أصدر النائب العام، المستشار ضرار العسعوسي، قرارا، بمنع نشر أي أخبار أو بيانات في كل وسائل الإعلام؛ المقروءة والمرئية والمسموعة وبرامج الشبكات الإلكترونية، حول موضوع هذه القضية، ما قد يسيء إساءة بالغة إلى المصلحة العامة والوطنية ومصلحة التحقيق، ويمس الوحدة الوطنية، ويلحق أشد الضرر بالمصالح القومية للبلاد.
ومع احترامنا لقرار حظر النشر، إلا أن من حقنا أن نتساءل، وقلوبنا مليئة بالحسرة، والذهول من هول ومرارة ما شاهدناه؛ هل يُعقل دولة ذات كيان ومؤسسات أن يحصل فيها كل ذلك بلا رقيب ولا حسيب؟!
هذه القضية يجب ألا نخوضها من باب خلية إرهابية، وحيازة أسلحة، والتحقيق يأخذ مجراه، والقانون يطبق عليهم، وقرار حظر، وانتهى الموضوع!، بل يجب أن يُفتح هذا الملف على مصراعيه، وأن نفتح كل الملفات المتصلة بهذه القضية، ويجب أن نعترف أولا، بأن هذا هو نتاج تحالف جماعات الإسلام السياسي (بشقيه) مع السلطة، خلال كل تلك السنوات الطويلة، وارتباطهم بأطراف نافذة وسياسية.. واليوم الوطن يدفع الثمن.
تحالف الحكومات المتعاقبة مع الإسلام السياسي، وتمكينهم من المناصب والقرار، والإغداق عليهم بالعطايا، حتى كبروا وصاروا قوة في الساحة السياسية، وفي بنية المجتمع، وداخل المؤسسة التشريعية، جاء على حساب المخلصين وأصحاب الكفاءة والصالحين من أبناء البلد.
ولا يخفى على أحد، أن الأجهزة الأمنية على علم أكيد بكل النشاطات والتحركات، فكيف ارتضت الحكومات المتعاقبة على نفسها أن تحتضن الإسلام السياسي، وتقرّب قياداته، وتغض النظر عن ممارساتهم وأفكارهم، حتى عاثت جماعات الإسلام السياسي، من سُنية وشيعية في البلد تخلفاً وتطرفاً ودماراً وفتنةً، وغسل الأدمغة واستغلال العواطف.. وقياداتهم يتصدرون الكاميرات، وفي الصفوف الأمامية، وفي أحضان السلطة.