
كتب محمد جاد:
يسدل الستار، غدا، على الدورة السابعة عشرة للمهرجان الثقافي للأطفال والناشئة، التي انطلقت في بداية الشهر الجاري.
واللافت في هذا العام، أن الدولة التفتت إلى المجتمع المدني في مشاركتها فعاليات هذه الدورة، متمثلا في «مركز ضوى اليادة التطوعي»، الذي يرأسه عبدالمحسن الصانع.
وتضمَّن المهرجان العديد من الفعاليات اللافتة هذا العام، التي توزعت ما بين البيئة والتراث والثقافة، نحو 30 فعالية، إضافة، وهو الأهم، إلى إقامة الورش التدريبية للأطفال، التي تتيح لهم التعرُّف على الحرف الفنية والتقليدية المُستمدة من التراث وتصنيعها.. 24 ورشة تدريبية طوال أيام المهرجان، منها: المعماري الصغير، الخزف، بيوت الكويت القديمة، البيانو، الكمان، الرسم على الزجاج، التصوير الفوتوغرافي، الرسم وتكنيكات لونية حديثة، الجداريات الخزفية، الاستخدام التشكيلي للخط العربي، وورشة الرسم على الزجاج. هذا بالإضافة إلى معرض فوتوغرافي لإبداعات الأطفال والناشئة المشاركين، وعرضاً مسرحياً بعنوان «حلا وعصابة الثلاثة».
أوبريت درامي ومعرض تراثي
وضمن الفعاليات، تم تقديم أوبريت درامي، قام بأدائه الممثل جاسم النبهان، مع مجموعة من الاطفال، حيث عرض لوحات متباينة من الموروث الشعبي الكويتي، كمحاولة فنية تجذب الطفل، ليُشاهد ثقافة بلاده وتراثها، الذي أصبح غائباً عنه، في ظل موجة الحداثة والتكنولوجيا المُنفلتة.
وقام بإخراج الأوبريت الفنان عبدالله الرويشد، كما افتتح معرض تراثي بعنوان «اللي ماله أول ماله تالي» يحتوي على معلومات تراثية عن البيئات البحرية والبرية، كذلك عرض لبعض المهن القديمة المرتبطة بهذه البيئات.
رؤية الثقافة
والسؤال الآن، ماذا بعد المهرجان؟
هذا التساؤل يدور دوماً بعد الانتهاء من أي مهرجان في أي دولة عربية، وهو تساؤل مشروع، وخاصة أن الأمر يهتم بالطفل، فهل يتم لفت انتباهه إلى مثل هذه الأنشطة خلال دراسته المُمتدة طوال العام تقريباً، أم أن الأمر يصبح من قبيل المناسبات كل عام ثم ينتهي؟ وأين دور الدولة، المتمثل بالأساس في المجلس الوطني للثقافة والفنون في متابعة الموهوبين من الأطفال، بتقديم الدعم لهم ولنشاطهم طوال العام، بحيث يصبح المهرجان عرضاً في جزء منه لما قاموا به من أعمال فنية خلال العام؟
الأمر لا يخص الكويت وحدها، لكنها رؤية الثقافة في العالم العربي، والتي لم يزل يراها الكثيرون أنها نشاطاً من قبيل الترفية، فهل توجد خطة لإنتاج الثقافة، وخاصة من خلال الأطفال؟
جيل الشباب يمارس سياسة الاعتماد على النفس، من حيث مجالات وقنوات التثقيف، ويبدو أن الجادين منهم، والذين ينتجون شكلاً معيناً من أشكال الفن، يقومون بذلك، من خلال محاولاتهم الفردية، حتى لحظة لفت الانتباه إليهم، بعدها تبدأ المؤسسات الثقافية في الدولة باستمالتهم والاستفادة منهم، كشكل ترويجي لنشاطها لا أكثر.
مبادرات مؤسسات الدولة مقبولة بالطبع، لكن تفعيلها المُستمر والصبر على النتائج ــ كما في حالة الأطفال ــ هو القادر على إنتاج طفرة ثقافية وفنية معقولة، من ناحية أخرى وفي الدول الغربية، يُشكل دعم الإنتاج الثقافي، بكافة أنواعه، هاجساً لدى الشركات التجارية الكبرى، فتعطى المنح للمتميزين من الفنانين، وتساهم في دفع عجلة الثقافة وتنمية المواهب.. هذا لا مفر منه، لأن الثقافة الجادة هي الوحيدة القادرة على تنمية الوعي، وصولاً إلى تقبُّل الآخر، وبالتالي تفادي الكثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية في المستقبل.