
تواصل «الطليعة» نشر دراسة تضمنها الإصدار الأخير لمركز الخليج لسياسات التنمية، الذي حمل عنوان «الثابت والمتحول 2015: الخليج والآخر»، وتسلط الضوء على الفصل الخاص، الذي حمل عنوان «الواقع والمأمول: رصد لحالات التطبيع في دول مجلس التعاون وفرص المقاطعة وسحب الاستثمارات»، الذي ينقسم بدوره إلى جزأين؛ الأول يرصد التطبيع بين دول مجلس التعاون الخليجي ودولة الاحتلال، ويبحث في التوجه السياسي الرسمي حيال سلطة الاحتلال والوضع الراهن في فلسطين، فيما يسلّط الثاني الضوء على 5 شركات متورطة في جرائم الاحتلال، وهي ذات وجود كثيف في سوق الخليج، للفت الانتباه إلى خطورة دورها في دعم الاحتلال في فلسطين، على أمل استغلال هذا الوجود في الخليج، للضغط عليها، من أجل إنهاء تعاملها مع الاحتلال.
وفي ما يلي، نستعرض الشركات الموجودة في الخليج، وفرص المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.
ثانياً: شركة ألستوم
تعمل شركة ألستوم (Alstom) الفرنسية في مجال توليد الطاقة والكهرباء والنقل، كالسكك الحديدية، وكانت شريكة فيوليا في بناء خط الترام، الذي يربط القدس مع المستعمرات، وينقل المستوطنين الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى القدس الغربية. ومنذ فازت بذلك العقد، في 2002، تشرف الشركة على تشغيل خط الترام وصيانته، لذلك، تتباهى الشركة بالعلاقة الوطيدة التي تربطها بشركة السكك الحديدية الإسرائيلية، والتي تخطت السنوات العشر، قامت خلالها بتزويد الاحتلال بـ37 عربة ركاب، وأكثر من 50 من قطارات الديزل الكهربائية.
وفي 2012، وقَّعت «ألستوم» عقد صيانة لمحطة طاقة Tzafit في دولة الاحتلال مدته 20 عاماً، وتبلغ قيمته نحو 330 مليون يورو.
وفي 2014، دخلت «ألستوم»، للمرة الأولى، سوق الاحتلال لتوليد الطاقة المائية، من خلال عقد تشغيل وصيانة لمحطة توليد الكهرباء بالبخار.
ويقدر مبلغ هذا العقد، بالإضافة إلى عقد وقع في الوقت نفسه لمحطة توليد كهرباء في شرق حيفا، والذي سيزود قدرة توليد البلاد، بنسبة 2.5 في المائة، ما يقارب 120 مليون يورو.
وبذلك، نجد أن «ألستوم»، كشركة فيوليا، قامت عن طريق مشروع الترام في القدس بانتهاك القوانين الدولية، التي تحظر البناء على الأراضي المحتلة وتهجير سكانها، من أجل مشاريعها الاستيطانية.
جدير بالذكر، أن خط الترام نفسه تم وصفه بالعنصرية، فهو بالإضافة إلى بنائه على أراض مسروقة هجر منها أهلها، أسس أيضاً، ليخدم المستعمرات الصهيونية بالأساس.
حملات مقاطعة «ألستوم»
في مارس 2009، أعلن الصندوق الوطني للتقاعد السويدي سحب استثماراته من «ألستوم»، نتيجة تورُّطها في خدمة المستعمرات غير القانونية.
وصدر هذا القرار، بعد تظاهرات شهدتها محطات المترو، بسبب رغبة «فيوليا» في عقد تشغيل مترو ستوكهولم، حيث قامت مجموعة من الناشطين بالطلب من الركاب تعليق بطاقات حمراء، احتجاجاً على مشاركة الشركة بعد تورطها في ترام القدس غير القانوني، وتوعية المارة بتورط «فيوليا» و«ألستوم» في مشروع ينتهك القوانين الدولية.
وأوضح الصندوق الوطني، الذي يملك استثمارات تقارب 15 مليار دولار، أن سبب استبعاد «ألستوم» ناتج عن انتهاك الشركة لحقوق الإنسان، من خلال مشاركتها في مشروع ترام القدس.
وكان أبرز نجاح لحملة المقاطعة ضد تلك الشركة في دولة عربية عام 2011، حين استبعدت المملكة العربية السعودية، من جراء حملة شنها ناشطون دوليون، شركة ألستوم، ولم تجدّد العقد معها لإكمال مشروع «قطار الحرمين»، الذي يهدف إلى ربط مكة المكرمة بالمدينة المنورة بقيمة تقارب الـ 10 مليارات دولار.
وعلى الرغم من أن «ألستوم» ذكرت أن سبب استبعادها كان لا علاقة له بمشروعها غير القانوني في القدس، فإن السفارة السعودية في مصر أكدت في بيان لها، أن المملكة استبعدت «ألستوم»، نتيجة تورطها في مشروع تهويد القدس.
فمن غير المعقول، أن تشارك الشركة نفسها، التي تساهم في تهويد القدس الشريف، بربط الحرمين.
نشاطات «ألستوم» في دول «التعاون»
عادت «ألستوم» إلى الأضواء في السعودية عام 2013، بعد أن وقعت شركة بمكو العربية للمقاولات اتفاقاً مع «ألستوم» للإنشاءAlstom Arabia Power Factory Ltd، لتوليد الطاقة عن طريق البخار. وتبلغ قيمة الاستثمار «المبدئي» أكثر من 50 مليون يورو، وتأمل «ألستوم» بأن تتوسع الشركة في الدول العربية المجاورة، بعد أن تتأسس في السعودية، وهذا التطور يثير التساؤل حول الامتثال لقرار الدول العربية، الذي صدر من قمة الخرطوم، مطالباً بمقاطعة «فيوليا» و»ألستوم»، الذي ذكرته في بيانها الصادر من سفارتها في مصر عام 2011 عند استبعاد «ألستوم» من مشروع قطار الحرمين.
ثالثاً: شركة هيولت باكارد (HP)
تعد شركة HP مزوداً عالمياً لمنتجات الكمبيوتر وخدمات التكنولوجيا، كما أن لها نشاطاً كبيراً في المجال العسكري. ووفقاً لمعهد بحوث السلام الدولي في ستوكهولم، تعدّ HP من أكبر الشركات المنتجة للأسلحة والخدمات العسكرية في العالم. وتعد إسرائيل أحد البلدان التي لـ HP وجود مكثف فيها، إذ تتملك أربع شركات، وتعد ثاني أكبر مستثمر في مجال تقنية المعلومات في الكيان الصهيوني، وقد استثمرت نحو 6 مليارات دولار، للاستحواذ على شركات إسرائيلية بين عامي 2001 و2011، كما تعاقدت مع وزارة الدفاع الإسرائيلية لتطوير وتركيب وصيانة ودعم نظام بازل، وهو نظام التحكم والمراقبة البيومترية الآلي، الذي يشمل نظام تصاريح آلية للعمال الفلسطينيين يُستخدم في نقاط التفتيش في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، حيث يرصد ويتابع تحركات الشعب الفلسطيني، كما توفر الشركة الدعم لاثنتين من أكبر المستعمرات في أراضي 67 في الضفة الغربية المحتلة، لكي تتجاوب مع «النمو السكاني والاقتصادي السريع» في تلك المستعمرات، كما أنها، ومنذ عام 2006، تدعم وتشغل البنية التحتية لتقنية المعلومات للجيش الإسرائيلي وتدعم، بشكل مباشر، الحصار على قطاع غزة.
حملات مقاطعة «HP»
في بداية عام 2014، سحبت الكنيسة المشيخية (Presbyterian Church) استثماراتها من شركات هيولت باكارد (HP)، وشركة كاتربيلر (CA)، وموتورولا سوليوشنز، لنشاطها الاستيطاني، وقبل ذلك سحب الصندوق الاستثماري لطائفة الكويكرز في الولايات المتحدة استثماراته من الشركة عام 2012.
نشاطات «HP» في دول «التعاون»
على الرغم من أن أرباح الشركة في شمال أميركا انخفضت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة حتى عام 2015، فإن أرباحها في الشرق الأوسط شهدت ارتفاعاً كبيراً، نظراً لنشاطها في إسرائيل.
وفي عام 2005، أسَّست «HP»، شركة تابعة لها في المنطقة الحرة في جبل علي في الإمارات العربية المتحدة، لتكون مركز تخزين مركزيا لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وشرق أوروبا، لذلك، من المتوقع أن نشهد خلال السنوات المقبلة توسعاً للشركة في الأسواق المحلية، إذا لم يكن هناك ما يردعها ويحاسبها على تواطؤها مع قوى الاحتلال.
رابعاً: شركة كاتربيلر
شركة كاتربيلر الأميركية من أكبر شركة تصنيع لأدوات البناء والتنقيب عالمياً. صممت «كاتربيلر» وصنَّعت جرافات Caterpillar D9 لجيش الاحتلال، التي تُستخدم في هدم بيوت الفلسطينيين وتدمير مزارعهم، ولم تكتفِ الشركة بذلك، بل طوَّرت الجرافة بأكثر من تصميم معدل لتحقق احتياجات الاحتلال.
في فترة 1967 – 2005، هدمت إسرائيل مئات المنازل الفلسطينية في الأراضي المحتلة، كـ»إجراء عقابي،» على الرغم من أن القوانين الدولية تحظر هدم منازل في الأراضي المحتلة، كإجراء عقابي. تدعي إسرائيل أن هذه العمليات تستهدف البيوت غير مرخصة، لكن حقيقة الأمر أن من المستحيل أخذ تراخيص للبناء في العديد من المناطق، خصوصاً القدس، ما يترك الأسر الفلسطينية من دون خيار سوى البناء من دون ترخيص والعيش تحت التهديد الدائم لتعرض منازلها للهدم.
حملات مقاطعة «كاتربيلر»
في أعقاب حملة منسقة من نشطاء وحلفاء الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل BDS في الولايات المتحدة سنة 2012، أزيلت شركة كاتربيلر Caterpillar من مؤشر الاستثمارات الأخلاقيّة MSCI-ESG، بعد استخدام جرافات ومعدات كاتربيلر في تدمير المنازل الفلسطينية وبناء المستعمرات الإسرائيلية.
ونتج عن ذلك قيام أكبر صندوق تقاعد أميركي TIAA-CREF باستثناء الشركة من صندوق «الاختيار الاجتماعي» لديه. واستمرت النجاحات في الولايات المتحدة الأميركية، فسحبت مؤسسة الكويكرز الائتمانية (Quaker Friends Fiduciary Corporation) استثمارات بقيمة 9 ملايين دولار من أسهمها المالية في شركة كاتربيلر، على خلفية بيعها جرافات لإسرائيل.
نشاطات «كاتربيلر» في دول «التعاون»
تمثل شركة محمد عبدالرحمن البحر، الوكيل المعتمد لشركة كاتربيلر في دول المجلس (عدا السعودية).. أما في السعودية، فإن شركة الزاهد للتراكتورات، التي تنتمي إلى مجموعة الزاهد، هي الوكيل الرسمي. وعلى الرغم من عدم وجود أعداد واضحة لأرباح «كاتربيلر» في المنطقة، فإن نظرة سريعة على مناطق البناء في جميع دول المجلس تكشف عن وجود «كاتربيلر» وبكثافة في الدول الست، لذلك بإمكان دول مجلس التعاون، كسوق بارز لأدوات البناء، استخدام هذه العقود كبطاقة ضغط، للتوقف عن تزويد الجرافات لدولة الاحتلال إلى أن تمتنع الشركة عن دعم الاحتلال.
مشاريع «ألستوم» و«كاتربيلر» في الكويت
في الكويت، كان لـ«ألستوم» في الأعوام السابقة عدد هائل من المشاريع القيمة.. ففي 2007، فازت بعقد يبلغ 150 مليون يورو لتطوير 5 توربينات غاز في الكويت.
وقد تفاخرت الشركة في بيان لها بهذا الفوز، قائلة إن شركة الغانم الدولية للتجارة والمقاولات المحدودة اختارت «ألستوم»، نتيجة سجلها في إنهاء مثل هذه المشاريع في منطقة الخليج بسرعة قياسية، مثل مشروع DUBAIL في الإمارات العربية المتحدة، ومشروع الحد 2 في البحرين، واستمر هذا التعاون بين «الغانم» و«ألستوم».. ففي 2011 حصلت الشركة على عقد آخر للعمل على محطة توليد الكهرباء «الزهور»، التي تبعد عن مدينة الكويت 80 كيلومتراً.
أما شركة كاتربيلر، فتمثل شركة محمد عبدالرحمن البحر، الوكيل المعتمد للشركة في دول المجلس (عدا السعودية).