
كتب محرر الشؤون المحلية:
في الوقت الذي تفاقمت فيه الأزمة المرورية بصورة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة، كشفت إحصاءات رسمية، أن حرب الشوارع والطرقات تكلف الكويت 4 مليارات دينار سنوياً، بسبب الحوادث المرورية، وما ينجم عنها من قتلى وإصابات ومشكلات أخرى.
وفيما حذرت وزارة الداخلية من ارتفاع ضحايا نزف الطرقات، كشفت عن أن تصادمات المركبات والانقلابات المتكررة بصفة يومياً على الطرقات، قتلت 286 مواطناً ومقيماً خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، حيث شهدت البلاد نحو 74 ألف حادث مروري.
وأظهرت إحصائية الوزارة، أن أغلب ضحايا الحوادث من الشباب، حيث تتراوح أعمار قتلى ومصابي الحوادث المرورية بين 18 و35 عاماً، وتبلغ نسبتهم نحو 74 بالمئة، مشيرة إلى أن أكثرية هؤلاء الضحايا كويتيون، حيث يشكلون نسبة 65 بالمئة من المصابين والقتلى.
وكشفت الإحصائية، أن عدد المصابين في الحوادث المرورية التي شهدتها طرقات البلاد بلغت 780 مصاباً في الأشهر السبعة الماضية.
الاستهتار كارثة
وجاء الاستهتار وعدم الانتباه من أبرز أسباب الحوادث المرورية القاتلة، تلتهما السرعة الزائدة عن الحد والتهور وكسر الإشارة الحمراء، ثم استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة، كما أن التراخي في تطبيق القانون يغري بمزيد من الاستهتار والرعونة، والنتيجة المزيد من ضحايا حرب الشوارع والطرقات.
ووفق مصادر مطلعة، فإن تدخل الواسطة في منح رخص القيادة مشكلة أزلية، وكثيرون يحصلون على «الإجازات»، بلا اختبار حقيقي، ومن ثم ينضم هؤلاء إلى قائدي السيارات، وهم غير مؤهلين للقيادة، ويتسببون في حوادث مرورية قاتلة.
كما أن الواسطة تتدخل لدى القبض على المستهترين، الذين يعرضون أرواحهم وأرواح الآخرين للخطر، ما يغري بالمزيد من أعمال الرعونة والاستهتار، مشيرة إلى متنفذين ونواب تدخلوا لإخراج «أحداث» ضُبطوا وهم يقودون سيارات، وتبيَّن أنهم لم يبلغوا السن القانونية بعد، ومع ذلك أفلتوا من العقاب.
بلاغات الخطر
وأشارت الإحصائية إلى أن رجال الأمن تعاملوا خلال الأشهر الماضية مع أكثر من 6200 بلاغ عن أعمال استهتار ورعونة على الطرقات، وفي جميع المناطق، لكن الطرق الخارجية كان لها نصيب الأسد من هذه الأعمال، حيث يقصدها مراهقون وشباب، لتنظيم ما يسمى بـ «سباقات الموت» في نهاية كل عطلة، حيث يتبارون بالسيارات، خصوصاً في الجهراء وعلى طريقي السالمي والوفرة، وغيرهما.
وارتفعت المخالفات المرورية خلال الفترة نفسها، إلى نحو مليون و150 ألف مخالفة متنوعة، منها 100 ألف مخالفة لاستخدام الهاتف النقال أثناء القيادة، إضافة إلى 32 ألف مخالفة لتجاوز الإشارة الحمراء، وتنوَّعت بقية المخالفات بين المباشرة وغير المباشرة.
حملات الأسبوع
كما نفذت الإدارة العامة للمرور سلسلة من الحملات المفاجئة في المحافظات الست خلال الأسبوع الماضي، أسفرت عن تسجيل 42 ألفاً و461 مخالفة مرورية متنوعة، وحجز 2398 مركبة ودراجة آلية، إضافة إلى إحالة 97 مستهتراً إلى محكمة المرور، كما تم ضبط 15 مركبة مسجل بحقها قضايا سرقات، وألقي القبض على 4 أشخاص مطلوبين على ذمة قضايا مدنية.
وكشفت الإحصائية الصادرة عن الإدارة عن تسجيل 9255 مخالفة مرورية في نطاق محافظة العاصمة، وحجز 430 مركبة، وإحالة 3 أشخاص للنظارة، بينما تم تحرير 4540 مخالفة مرورية، وحجز 176 مركبة ودراجة نارية في محافظة الفروانية، إضافة إلى إحالة 3 مطلوبين لنظارة المرور. وأضافت أن محافظة حولي سجلت 7229 مخالفة مروية، وشهدت حجز 445 مركبة، ودخول 5 أشخاص إلى النظارة، بينما بلغ عدد المخالفات المرورية في الأحمدي 5037 مخالفة مروية، وحجز 283 مركبة، وإحالة 15 شخصا للنظارة.
وفي محافظة مبارك الكبير، تم تسجيل 1601مخالفة مرورية، وتم حجز 301 مركبة، وأحيل 11 شخصا للنظارة، بتهمة الاستهتار والرعونة، بينما بلغت المخالفات في الجهراء 5976 مخالفة مرورية، وحجز 111 مركبة، وإحالة 3 أشخاص للنظارة.
وأشارت إلى أن إدارة العمليات بالإدارة العامة للمرور سجلت 2523 مخالفة مرورية، وحجز 251 مركبة، كما أحالت 12 شخصا لنظارة المرور، إضافة إلى ضبط 15 مركبة مطلوبة، وإبعاد 3 آسيويين.
وحررت فرقة الرقابة والتفتيش 5300 مخالفة مرورية، وحجزت 578 مركبة، وأحالت63 مستهتراً لنظارة المرور.
تشابك الاختصاصات
وإزاء الأزمة المرورية المتفاقمة، تفرض تساؤلات نفسها: مَن المسؤول عن الحال المتردية التي وصلت إليها شوارع البلاد، التي أضحت تحتل مرتبة متقدمة جداً عالمياً، من حيث معدلات الحوادث القاتلة والاختناق المتواصل؟
وتؤكد مصادر مسؤولة، أن تشابك الاختصاصات بين جهات الدولة المختصة، هو المتهم الأول في تأخر إنجاز المشاريع الهادفة إلى حل الأزمة، كما أن ضعف التنسيق بين وزارتي الأشغال والداخلية والوزارات الأخرى، يجعل الأزمة تتفاقم والحلول «مكانك راوح»، مشيرة إلى أنه من غير المنطقي عدم وجود خطة واضحة يتم تنفيذها عبر جدول زمني لحل اختناق الشوارع، فضلاً عن الحوادث المرورية القاتلة.
وتابعت المصادر: الواسطة أصبحت مرضاً مزمناً، فهي فوق القانون، وأعلى من دولة المؤسسات، والنتيجة آلاف الأشخاص يحصلون على رخص قيادة بلا وجه حق، ومن غير خضوعهم للتدريب المطلوب، فيقودون سياراتهم بلا تأهيل حقيقي، والنتيجة تسببهم في وقوع تصادمات وانقلابات على الطرقات، والأدهى والأمرُّ من ذلك، تدخل بعض النواب، الذين يفترض أنهم يمثلون الأمة، من أجل إخراج هؤلاء المستهترين من قضايا تتعلق بالحوادث المرورية القاتلة.
وتوقع المصدر تفاقم الأزمة، وليس حلها، مشككاً في تصريحات مسؤولي وزارة الأشغال، بانتهاء الاختناقات المرورية بصورة جذرية بعد 24 شهراً من الآن، لافتاً إلى أن كل المؤشرات تدل على تفاقم حالة الشوارع، والتي تتحول إلى ما يشبه الكراجات المفتوحة» في أوقات الذروة، وتستغرق مسافة تقدر ببضعة كيلومترات (من الجابرية حتى الشويخ الصناعية) أكثر من 45 دقيقة في أوقات الذروة، ويظل قائدو المركبات حبيسي سياراتهم وتتعطل مصالح العباد.
وانتقدت المصادر الحديث المبالغ فيه عن خطة التنمية، متسائلين: كيف تتحقق التنمية المنشودة، التي صدعت الحكومة رؤوسنا بها، بينما تعجز عن حل الاختناق المروري، الذي بلغ أشده، فضلاً عما يخلفه من ضحايا ومصابين، من جراء حرب الشوارع والطرقات؟
ولفتت المصادر إلى أن بعض المتنفعين والمتكسبين يعرقلون المشاريع الرامية إلى حل أزمة المرور، كما أن الروتين والدورة المستندية يؤخران الإنجاز، إضافة إلى سوء التخطيط، فكثير من مشاريع الأشغال وأعمالها في الطرق تتم بلا وضع بدائل كافية، ما يتسبب في تفاقم الزحمة المرورية.