
كتب إيهاب علام:
لا يختلف اثنان على أن الموارد البشرية هي أغلى وأهم ثروة تمتلكها الدول، لذا تعطي الدول قضية التنمية البشرية اهتماماً خاصاً.
ويمكن تعريف التنمية البشرية، بأنها عملية توسيع القدرات التعليمية والخبرات للشعوب، من أجل أن يصل الإنسان بمجهوده ومجهود ذويه إلى مستوى مرتفع من الإنتاج والدخل، ويتمتع بحياة صحية بجانب تنمية قدراته الفردية، من خلال توفير فرص ملائمة للتعليم وزيادة الخبرات.
ولا يمكن القول إن التنمية تنصب على بناء المشاريع الضخمة، أو مجرد استيراد السياسات الناجحة، بل هي في الأساس تقوم على تحسين وضع البشر باحتياجاتهم الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية كمحور للتنمية.
ووفقاً لهذه التعريفات السابقة، ووفقاً لكثير من التقارير، نجد أن الكويت من أقل الدول عربياً وعالمياً استثمارا في طاقاتها البشرية، وقد أكد هذا الأمر تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، الصادر الأسبوع الماضي، الذي بيَّن أن الكويت حلت في المركز السادس عربياً، و93 عالمياً في قائمة الدول الأكثر استثماراً في طاقاتها البشرية، في حين تصدرت الإمارات الترتيب العربي، وجاءت في المركز 54 عالمياً، تلتها قطروالأردن ومصر والسعودية والمغرب وتونس والجزائر على التوالي.
واستحوذت الدول الأوروبية على قائمة الدول الأكثر استثمارا في التعليم والمهارات لشعوبها، إذ انتزعت سبعة مراكز من المراكز العشرة الأولى، وشملت القائمة دولتين من آسيا وواحدة من أميركا الشمالية، بينما خلت تماما من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأميركا اللاتينية والكاريبي، وكذلك دول الصحراء الأفريقية.
وتربعت فنلندا على عرش القائمة، من حيث جميع المعايير الخاصة بالتعليم والمهارات والتدريب لجميع المراحل العمرية لمواطنيها، وتعد أفضل دول العالم من حيث جودة مدارسها خلال مرحلة التعليم الأساسي ونسبة التعليم بين شبابها، وكذلك سهولة إيجاد العمالة الماهرة بها.
دول فقيرة تتفوق على الكويت
والملاحظ أن ترتيب الكويت يتراجع عاماً بعد الآخر في الاهتمام بالتنمية البشرية، حيث تراجع أداء الكويت في «مؤشر التنمية البشرية» لعام 2013 مرتبتين على المستوى العالمي عن ترتيبها لعام 2012، في حين جاءت في المرتبة الخامسة بين دول مجلس التعاون الخليجي، وفقاً لتقرير التنمية البشرية العالمي الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي يحوي تصنيفاً مهماً للدول على أساس «مؤشر التنمية البشرية»، وهو مؤشر لا يقيس التنمية من بعدها الاقتصادي فحسب، بل كذلك يقيس حالتي التعليم والصحة، بهدف توفير رؤية أكثر شمولاً وواقعية عن معنى التنمية في حياة المجتمعات والأفراد، ويوفر التقرير كذلك العديد من المؤشرات الفرعية الأخرى المفيدة، مع الإشارة إلى أن الكويت هي الدولة الوحيدة بين دول مجلس التعاون التي تراجعت مرتبتها عن 2012، بينما ثبتت تصنيفات دول مجلس التعاون الأخرى.
وتعليقاً على ذلك، قال تقرير شركة الشال للاستشارات الاقتصادية «من الملاحظ تفوق دول على الكويت، رغم ضعف إمكاناتها، ولعل أجدرها بالذكر الدول المأزومة اقتصاديا، مثل إيرلندا (11 عالميا)، وآيسلند (13 عالميا)، واليونان (29 عالميا)، وقبرص (32 عالميا)، والبرتغال (41 عالميا)، يُضاف إليها دولة مثل كوبا (44 عالميا)، رغم افتقارها للموارد والحصار الاقتصادي الأميركي عليها، ولعل في ذلك درساً للكويت، مفاده أن الحصار الأخطر على الدول ليس الخارجي، بل المفروض ذاتياً على العقل والإمكانات».
تراجع كبير
وتنحدر الكويت بشكل سريع في مؤشرات التنمية البشرية، فقد تراجعت الى مراكز متدنية عربياً وعالمياً خلال ما يقرب من 6 سنوات فقط، حيث تراجعت إلى المرتبة السادسة عربياً في مؤشرات التنمية البشرية للعام الماضي، بعدما كانت في المركز الأول في عامي 2008، و2009، حيث تصدرت جميع الدول العربية، ومن بينها دول مجلس التعاون الخليجي في تقرير التنمية البشرية لعام 2009، وكذلك عام 2008 الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في حين احتلت المرتبة الـ 31 في القائمة العالمية في التقرير ذاته، وأدرجت الكويت حينها تحت مؤشر «عال جداً» في مجال التنمية البشرية بين الدول المتقدمة، ومن خلفها قبرص وقطر والبرتغال ودولة الإمارات.
تأخر في التنمية وارتفاع في نصيب الفرد
في الوقت الذي تأتي فيه الكويت في مراتب متأخرة في مؤشرات التنمية البشرية، نجد أنها تأتي في مراتب متقدمة من حيث دخل الفرد، ما يشير إلى عدم اهتمام الدولة بتنمية الطاقات البشرية، على الرغم من توافر الفوائض المالية. وقد حلت الكويت في المرتبة الثالثة عربياً، والـ 19 عالمياً، من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي على أساس القوة الشرائية بنحو 39.8 ألف دولارا.
في المقابل، تصدرت دولة قطر القائمة، بنحو 105 آلاف دولار، وفق التقرير الصادر الشهر الماضي عن مجلة «غلوبال فاينانس» العالمية.
أما على صعيد الدول العربية الأخرى، فقد جاءت الإمارات في المرتبة الثانية عربياً واﻟ 8عالمياً، حيث بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 49.88 ألف دولار، في حين حلت السعودية في المركز الرابع عربياً واﻟ 28 عالميا، بنحو 32.47 ألف دولار.
بدورها، حلت عمان في المرتبة الخامسة عربياً والـ 33 عالمياً، بواقع 29.9 ألف دولار، بينما جاءت البحرين في المركز السادس عربياً والـ 34 عالمياً بمقدار 29.83 ألف دولارا.
أما عالمياً، فقد حلّت لوكسمبورغ في المرتبة الثانية، بنحو 79.59 ألف دولار، تلتها سنغافورة ثالثة بـ 61.57 ألف دولار، والنرويج رابعة بنحو 56.66 ألف دولار، في حين جاءت بروناوي دار السلام خامسة بـ 55.11 ألف دولار. واعتمدت «غلوبال فاينانس» تصنيف 184 دولة بناءً على بيانات صندوق النقد الدولي من عام 2009 إلى عام 2013 لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي على أساس القوة الشرائية.