كعادة نواب مجلس الأمة في أغلب الملفات السياسية، التي تطفو على السطح، لم يتفاعلوا بالشكل الذي يجب أن يكون عليه مع قضية توجه الحكومة لإصدار مرسوم لزيادة مدد الحبس الاحتياطي وأيام الحجز، ونشطت في المقابل بيانات وتصريحات القوى والشخصيات السياسية من خارج المجلس.
هذا الحضور الواضح للقوى السياسية من خارج المجلس، قابله فتور وعدم اكتراث من أغلب النواب، عدا ثلاثة أو أربعة فقط، كشفوا عن موقفهم.
وتمثلت النقطة الجوهرية، في الفارق بين مَن هم خارج المجلس وداخله، في أن النواب رفضوا سنّ القانون بمرسوم، وطالبوا بجلسة خاصة، أو الانتظار لدور الانعقاد المقبل، فيما رفض مَن هم خارج المجلس استمرار نهج تقييد الحريات والنيل من حقوق المتهم بقوانين تأتي في إطار حزمة التشريعات الامنية.
فقد أكد المنبر الديمقراطي في بيان له، رفضه القاطع لإصدار المرسوم، سواء خلال العطلة أو بعدها، معتبراً ذلك الأمر بمثابة ردة وعودة للوراء، مشيراً الى أن رفع مدة الحبس الاحتياطي إلى مدة أقصاها سنة على فترتين، انتهاك للحريات، وتقليل للضمانات القانونية.
ولم يفوت المنبر الفرصة لكي يتساءل في بيانه عن الضمانات، التي تجعل تلك التعديلات مقصورة فقط على القضايا المتعلقة بالإرهاب، ولا تطول قضايا الرأي وشباب المغردين، إلى جانب تخوفه من مبدأ التوسع في إصدار مراسيم الضرورة، التي أربكت المشهد السياسي خلال الفترات الماضية، ودور مجلس الأمة، الذي ظهر كالمفرط في مسؤولياته التشريعية والرقابية.
كتلة الأغلبية، التي عانى عدد من أعضائها، بسبب الحبس الاحتياطي، وكان لها الفضل في تقليل مدة الحجز والحبس الاحتياطي على ما هي عليه حالياً في المجلس المبطل الأول، أصدرت بياناً مشابهاً، ونوهت إلى موقفها في إقرار التعديلات، الذي قالت عنه إنه بدَّد مخاوف المواطنين من انتهاك بعض رجال الأمن لحريات وحقوق المتهمين، وازدياد حالات الجثث الملقاة، بحجج جرعات زائدة، قبل تنفيذ إقرار التعديلات، وممارسات تعذيب وصلت لأروقة المحاكم وأساءت لمكانة وطننا العزيز إقليميا ودوليا.
ورأت الكتلة أن الحل في تحرك الشعب الكويتي ضد التوجه الحكومي المقلق نحو تمديد مدد الحجز، من دون اتهام والحبس على ذمم قضايا متداولة وتقليص ضمانات الدفاع المقررة بالدستور والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مشيرين إلى صواب مخاوفهم من التوسع في مراسيم بقوانين.
وجاء بيان التحالف الوطني مختلفاً كثيراً عن البيانات السابقة، كونه وضع خيارات متعددة أمام الحكومة لطرح القضية ومناقشتها، رافضاً مبدأ إقرار التعديلات بمرسوم ضرورة، كون الأمر لا يحمل صفة الضرورة، لوجود مجلس أمة قائم، مستغربا من عدم عرض التعديلات في دور الانعقاد السابق، أو دعوة الحكومة لدور انعقاد غير عادي «جلسة طارئة» لمناقشة القضية، وفقاً لنص المادة 88 من الدستور.
واختتم التحالف بيانه، بتأكيده أنه لا توجد أي مبررات تدفع الحكومة إلى تقديم مثل هذه التعديلات، التي تصل فيها مدة الحبس الاحتياطي إلى سنة كاملة، واصفاً الأمر بانتهاك لحريات الإنسان، قبل أن يدعو النواب إلى اتخاذ موقف صارم تجاه تلك التعديلات، التي يكون ظاهرها حفظ الأمن، وباطنها تحويل الكويت إلى سجن كبير.
وكان لجمعية المحامين حضور فني ببُعد سياسي في بيان صحافي، استغربت فيه التوجه الحكومي لإصدار المرسوم، مؤكدة وجود حالات وضوابط حددتها المحكمة الدستورية لإصدار مراسيم الضرورة، وطرح مثل هذا التعديل في هذه الفترة على قانون حديث وقائم لا يوجد له أي مبرر لإصداره، سواء بمرسوم ضرورة أو بتعديل تشريعي، إذ إن مثل هذا التعديل لا يحمل صفة الضرورة، بل هو مرسوم عقوبة إذا ما تم تعديله بالطريقة التي تريدها السلطة، إلى جانب عدم وجود مبررات من الأساس لإقرار التعديلات.