للقضاء على «داعش» و«النصرة».. الرهان على الشعوب وليس على الحكام

«داعش» يعرض نساء للبيع بأسواق نينوى كسبايا
«داعش» يعرض نساء للبيع بأسواق نينوى كسبايا

محمد الغربللي:
المشهد لا يتجاوز ثلاث دقائق، مجموعة من المسلحين، بلحاهم المرسلة ولباسهم العسكري، أمام حائط بعلو متر طوليا وأربعة أمتار عرضاً، أمامهم امرأة بثيابها التقليدية، بالكاد يسمع صوتها عبر التصوير الذي نقل الحادثة… هي «تترجى» بالسماح والرأفة، أو هكذا يفترض، على الرغم من ضعف صوتها أو عدم وضوحه.. مسلحون آخرون يحيطون بالساحة الصغيرة حولها، وهي بجانب الحائط الذي خُطّ عليه بأحرف كبيرة بالأسود والأحمر «تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الشام – جبهة النصرة».. من هذه اليافطة نفهم أن هؤلاء الملتحين المدججين بالأسلحة هم أعضاء من «النصرة»، والمكان في إحدى المدن السورية التي تسيطر عليها هذه المنظمة الإرهابية.. شخصان قريبان من المرأة، الأول عُرف دوره، أنه يمثل الادعاء العام، يعلن بصوت جهوري وعالٍ جداً التهمة الموجهة لهذه المرأة، التي تتوسل من دون نتيجة، يتهمها الرجل بالدليل القاطع أنها تمتهن الدعارة وبالبينة الشرعية والأدلة، وقد تم إقرار حكم القتل الشرعي من قِبل مجموعة من العلماء الأفاضل، لم يذكر اسم أو جنسيات أي منهم، ولا بأس من الدعاء للمرأة المسكينة التي تنتظر القصاص المتوحش، فهذا المتوحش كان يسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذه العقوبة كفارة لذنوبها في الدنيا وطهوراً لها أمام الله.

الثواني تمرُّ في المشهد، والرجل يتلو صيغة تنفيذ الحكم الشرعي، كما يدعي.. أما الرجل الواقف إلى جانبه، فليس محامياً للمرأة، أو بلا عمل، فما إن انتهى الرجل الأول من خطبته، حتى زعق وتعالت أصوات مَن يحيطون بالمشهد: تكبير.. تكبير.. ووسط صيحات التكبير تلك، سحب الرجل الأول مسدسه بسرعة وخفة وأطلق رصاصة على رأس المرأة الجاثمة على ركبتيها، من دون حركة أو مقاومة، فخرَّت من الرصيف على الشارع والدماء تنزف من رأسها.. وهكذا انتهى المشهد، ما بين صيحات التكبير والرصاصة الغائرة في الرأس.. ويبدو من طبيعة المشهد أن الأمر متكرر، وليس فيه غرابة أو استهجان، نوع من تمضية الوقت للمشاهدة وحب الاستطلاع لا أكثر.

المصدر نفسه

جبهة النصرة التي تقوم بالهجوم على ما تبقى من مدينة حلب مع تيارات دينية، أو لنقل إرهابية دموية هذا الأسبوع، هي النسخة المخففة إلى حد ما قياساً بـ«داعش»، هي من ذات المصدر والفكر والممارسة، لكن بألوان أقل قتامة.. ومن تفاوت الألوان تلك تقوم بعض الأنظمة الإقليمية والعربية برعايتها من كل الجوانب المالية والعسكرية، وتقدم لها الدعم والإشراف العسكري، تحت ذريعة مناهضة النظام السوري، وربما لإرساء الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا، كما يتخيلون، من أهداف الهجوم على حلب هذه الأيام إقامة دولة النصرة، لتسود شريعة الله، كما يدعون في بياناتهم.

شريعة الله لا تبيح القتل ولا سفك الدماء، وهؤلاء القوم ما إن تتحرك أيديهم، حتى تنز الدماء من ضحاياهم وسط صيحات التكبير.

رؤية شرعية

تنظيم داعش له رؤيته «الشرعية» الخاصة الموجهة نحو «البزنس»، وليس القتل فقط، وبموجب هذه الرؤية قام الأسبوع الماضي بأسر مائة امرأة من سوريا، وترحيلهن إلى إحدى المدن العراقية المسيطر عليها هناك.. مائة امرأة من «السبايا» معروضات في السوق بجانب المسجد بأسعار تتراوح ما بين 500 و2000 دولار.

يتحدثون بالعملة العالمية، وليس «بالدراهم» أو المقايضة.. إنها عولمة التوحش الداعشي المالي.

مشاهد وأخبار مفزعة على مدار اليوم، وهناك أيادٍ تعمل بالخفاء، وأخرى بالعلن وعلى المكشوف، لتستمر هذه المهزلة من دون توقف.. ففيها تثبيت لكراسيهم وأنظمتهم الدكتاتورية، ولا نعلم نهاية الطريق.

ما نحتاجه ليس نداء لنظام عربي تمَّت مواراته التراب، وغدا جثة تحيطها الديدان، بل إلى شعوبنا العربية، رجالا ونساء، لصد هذا النهج التدميري الذي يقرض الأخضر واليابس، وهذا التوحش الذي يفوق الخيال والوصف.

السكوت جريمة بحقنا وبحق أجيالنا القادمة.

Print Friendly, PDF & Email

تعليق واحد

  1. لاحل الا بنطالبة الامم المتحدة بو ضع كل الدول العربية من مشرقها الى مغربها تحت و صايتها؛ و رجوع عهد الانتداب الى العرب . فهذا الباب المتبقي بعد ان انسدت الابواب جميعها ؛ فلعل المستعمر ( المُنتدب ) يكون أرأف حالاً من الحاكم الوطني الطاغية المستبد الذي لا يرعى ، ناهيك ان يحمي ، حرمةً و لا ذمة !!!
    بمعنى نستبدل استعماراً بأستعمارٍ اخف وطأة ؛ لعل و عسى ذلك يٓٓٓحد من ممارسات بعض الجماعات و التنظيمات الوحشية . و ربما يضفي لباساً من العدالة الاجتما عية و السياسية و الفكرية … قد يكون فيه عزاءً للشعوب العربية التي عانت و ما زالت تعاني من ضيم و خسف الحكام ؟!!!
    و إلا ان تتحرك من تلقاء نفسها … فهذا اعجز لها من تحصيل بيض الأُنُوق ( النسور ) ، كما يُقال في المثل ؛ و العاجز عن الحركة يستحيل ان يحرك غيره !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Sahifa Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.