أن يظهر أحد النواب السابقين بزي ميداني «منتصباً» على ظهر مركبة مسلحة موجهة إلى القوات النظامية السورية، مساهمة منه مع التيارات الإسلامية هناك في حربها ضد سوريا، وأن تُنشر صوره بالصحف اليومية، ومباهاة شخصية منه بهذه المشاركة وهذا «الجهاد»، الذي يتغنى به، داعياً الآخرين ليحذوا حذوه واتباع طريقه.. نقول، أن يحدث كل ذلك، ويمر من دون إجراء رسمي أو تهديد ما، وكأن الأمر شيء عادي، أو كأن هذا النائب كان يُشهر سلاحه ضد إسرائيل، وليس ضد دولة عربية، ذات ارتباط قومي معها، فهذا يستدعي التوقف والتأمل.
أيضا، أن يخطب أستاذ جامعي بين جمهور من أنصاره، متحدثاً عن عمليات «نحر» – كما رددها مرة تلو الأخرى- ضد «النصيريين» الكفرة، وسط تصفيق وهتاف من مريديه ومؤيديه من دون اتخاذ إجراءات ضده أو التنديد بما قاله أو عدم توجيه أي مساءلة قانونية إليه.. فهذا أيضا أمر يستدعي التوقف عنده ملياً.
أن تتنادى بعض الأصوات، وتعلن عن إنشاء مراكز غير رسمية لجمع التبرعات للمجاهدين في سوريا، ليس بغرض توجيهها للأعمال الإنسانية، بل للمجهود الحربي، دعماً للتيارات الإسلامية التي تقاتل على الأرض السورية، وهي الأموال التي تم توجيهها إلى «داعش» و«النصرة» وغيرهما من التنظيمات الإرهابية، وأن يتم تجنيد عدد من الشباب، لتهريبهم إلى تركيا ومن ثم إلى سوريا وإعلان مقتلهم هناك بصفة «شهداء» وإقامة العزاء لهم من دون مساءلة أو تقصٍ وتحرٍ عن تلك الشبكات، فذلك أمر يدعو إلى أكثر من وقفة للتأمل والتفكير.
طوال ما يزيد على ثلاث سنوات أنشئت شبكة ذات أهداف مالية تدعم الإرهابيين في سوريا والعراق، وسط صمت حكومي واضح.. من هنا تشكَّلت ثقافة الإرهاب على أرض الكويت، ساعدتها المواقف الرسمية الحكومية، التي انقادت، على غير مواقفها التاريخية، لصبّ الزيت على نار الحروب الأهلية القائمة على المذهبية، بدلا من السعي لتقف مع دول عربية أخرى لإطفائها.
قليلون مَن كانوا يُطلقون التحذيرات من هذا الموقف، ولكن تحذيراتهم ذهبت من دون اكتراث، حتى وصلت هذه النيران إلى وطننا، لتقتل أشخاصا أبرياء بأعداد كبيرة، قياسا بالشعب الكويتي، بعدده الصغير.. هذا الحدث يفترض أن يشكّل وقفة تفكير، لإعادة تغيير المسار، بدل الانجرار إلى مواقف تجعل أخطارها تحيق بنا.
فقط للتذكير، وقفنا ما يقارب الثماني سنوات مع نظام صدام الفاشي، وكنا من القلة التي كانت تناهض هذا الموقف، بعدها مد خطره وبطشه علينا.. لا نريد إعادة سوء قراءة الوضع مرة أخرى، والعاقل مَن يتعظ من الدروس والأحداث.